خاص في الفن - رسالة كان (11): التوقعات النهائية قبل إعلان صاحب السعفة

تاريخ النشر: الأحد، 22 مايو، 2016 | آخر تحديث:
فيلم باترسون

ساعات قليلة وتسدل الستار عن الدورة الـ69 لمهرجان كان السينمائي الدولي، التي كان رأي الكثير من الصحافة الدولية أنها مميزة على مستوى الأفلام، حيث شاهدنا فيها العديد من الأفلام الجيدة التي تجعل الخيار صعباً على لجنة التحكيم التي يرأسها المخرج الأسترالي جورج ميللر، والتي ستحسم وجهة السعفة الذهبية الجائزة السينمائية الأكثر تقديراً خلال العام السينمائي.

هذه التوقعات هي مجرد لعبة أقوم بها بناء على مشاهدتي لكل أفلام المسابقة، قد يصدق بعضها وقد يكون للجنة ميللر رأي مختلف تماماً، لكن ستبقى الأفلام والعناصر المذكورة تستحق الاهتمام، وسيشق معظمها طريقة في عشرات المهرجانات المختلفة سواء في المنطقة العربية أو العالم بأكمله خلال العام التالي للمهرجان. إليكم توقعاتنا..

السعفة الذهبية/ الجائزة الكبرى/ لجنة التحكيم

المسميات التي يتلاعب بها المهرجان بدلاً من أن يقول الجائزة الثانية والثالثة، فإذا كانت لجنة التحكيم هي من تمنح الجوائز كلها، فما مغزى أن تكون ثالث الجوائز أهمية هي "جائزة لجنة التحكيم الخاصة"؟

عموماً هي مجرد تسميات للجوائز الثلاث الأهم في كان، والتي أعتقد طبقاً لرأيي كاتب السطور الشخصي بالإضافة إلى متابعة الكتابات النقدية العالمية أن هناك أفلام أربعة تتنافس عليها، في الأغلب سيكون أثنان منها على الأقل من المتوجين. على رأس الأفلام الأربعة يأتي "طوني إردمان" للمخرجة الألمانية مارين أدي، مفاجأة المسابقة الذي ظل من يوم عرضه هو الأكثر حصولاً على درجات إيجابية من كل المطبوعات التي تابعت المهرجان.

يليه فيلم الإيراني المبهر أصغر فرهدي "البائع" الذي يواصل فيه فرهدي سينماه بالغة الذكاء والإمتاع، القادرة دوماً على الخروج من الدراما الأسرية بتشريح للمجتمع الإيراني المعاصر. الوصف ذاته يمكن أن نطبقه على ثالث المرشحين وهو "بكالوريا" للروماني كرستيان مونجيو. فرهدي ومونجيو من أصدقاء كان الدائمين بينما أدي تشارك للمرة الأولى، أما رابع من نرشحهم للسعفة فهو جيم جارموش، سيد السينما المستقلة الأمريكية الذي لم أجد جديده "باترسون" بشكل شخصي عملاً مبهراً على مستوى أفلامه السابقة، لكن هناك إجماع حوله من الصحافة العالمية جعل اسمه مطروحاً بشدة ضمن التوقعات.


أحسن إخراج

يتسائل البعض عن مفهوم تلك الجائزة، فمن الطبيعي أن يكون أحسن مخرج هو من صنع أحسن فيلم. دورة هذا العام ردت على هذا الزعم عبر أربعة أفلام دفعة واحدة، في كل منها حضور واضح للمخرج منح الفيلم هوية بصرية خاصة، لكن محصلة العمل بعيداً عن العنصر البصري كانت أقل من أن يكون هو العمل الأفضل.

الأعمال الأربعة هي "شيطان النيون" للدنماركي نيكولاس ويندنج رفن، أكثر أفلام المهرجان شكلانية. ومعه "الخادمة" للكوري بارك تشان ووك بعالمه الداكن الذي يوحي بالمؤامرة في كل لقطة من لقطاته المرسومة بعناية. "إنها فقط نهاية العالم" لفتى كان المدلل الكندي زافيه دولان الذي يواصل تجريبه في استخدام أساليب بنائية في المونتاج والسرد يراها البعض عتيقة الطراز بينما يوظفها دولان بإبهار. وأخيراً "أمريكان هني" للبريطانية أندريا أرنولد، التي جعلت من الموسيقى عنصراً بنائياً رئيسياً في فيلمها الطويل جداً الذي يروي حكاية عن أماكن وبشر وعلاقات ووظائف مسكوت عنها في السينما الأمريكية.

أحسن سيناريو

من المستحيل أن يكون أصغر فرهدي حاضراً ولا يكون أول المرشحين لجائزة السيناريو، بفيلم يبرع فيه في تقديم عالمه الدرامي المعتاد، ويأخذ فيه خطوة نحو التجريب بإدراج خط موازٍ عن مسرحية يقوم الأبطال بتمثيلها فتلقي بظلالها على ما يحدث في الواقع.

لو امتلكت لجنة التحكيم الجرأة (ولو افتقدتها في عدم منحه السعفة) أن تمنح جائزة السيناريو لفيلم كوميدي، فسيكون "طوني إردمان" أيضاً مرشحاً مستحقاً، ويكفي أن مارين أدي أثبتت أنه من الممكن أن يكون هناك فيلم كوميدي ألماني مضحك حقاً، وهو أيضاً مشبع للعقل ومحمل بالأفكار المؤثرة التي يقولها كلها دون أن يقول شيئاً على الإطلاق.

أما المرشح الثالث فهو "أكواريوس" فيلم البرازيلي كليبر ميندونسا فيلهو الملحمي عن حكاية لا تبدو صالحة لأي ملحمة: امرأة لا تريد ترك منزلها للمستثمرين. هذه ترنيمة لتداعي المدن القديمة بما يرتبط بها من أفكار وأنماط حياة وبشر في مواجهة صعود غول الرأسمالية الذي يعد هدم المنازل العتيقة أبسط ما يمكن أن يرتكبه من أهوال. ولو أردت أن أضيف سيناريو رابع يستحق التقدير فسيكون "بكالوريا" مونجيو.

أحسن ممثل / ممثلة

هذه جوائز نسبية تماماً ويكاد يستحيل تخمينها، لكن يمكن أن نقول مثلاً أن هناك أربعة ثنائيات متميزة لرجل وامرأة قاما بحمل بعض الأفلام على عاتقهما، بما يجعل كل منهم مرشحاً محتملاً. الثنائيات هي: ساشا لين وشيا لوبوف في "أمريكان هني"، جويل إدجرتون وروث نيجا في "لوفنج"، بيتر سيمونيشك وساندرا هولر في "طوني إردمان"، بالإضافة للمخضرم ديف جونز أمام هايلي سكويرز في فيلم كين لوتش يساري الهوى "أنا دانيل بليك".

الثنائيات قد تكون احتمالاً مطروحاً، لكن بعيد عنها يمكن أن أرصد ثلاثة أسماء، ممثل وممثلتين، برعوا في رأي بشكل متفرد يتجاوز كل الآخرين. هم آدم درايفر بطل "باترسون" الذي يدين جيم جارموش له بنسبة كبيرة من أي قيمة للفيلم، نفس ما توصف به المخضرمة سونيا براغا التي وجدت في ملحمة "أكواريوس" مساحة رائعة للتألق. وأخيراً الفيلم الذي عُرض في نهاية المهرجان فكان مفاجأة سعيدة، "هي" للهولندي بول فيرهوفين والذي لعبت فيه النجمة الفرنسية إيزابيل أوبير دوراً يصعب أن يخرج من ذهنك بسهولة.

مفاجآت محتملة

خارج القائمة السابقة أفلام قد تحقق مفاجآت لأسباب متباينة، منها "هي" فيرهوفين الذي ذكرناه، والذي ظلمه عرضه المتأخر فلم يطرح كثيراً في مداولات الصحافة العالمية، لكنه عمل ذكي وممتع قد ينال رضا ميللر ولجنته. في المقابل يأتي الروماني "سيرانيفادا" لكريستي بويو الذي كان أول فيلم يُعرض من المسابقة، وهو فيلم جيد وإن عابه بعض التطويل، قد تفاجئنا اللجنة بمنحه شيئاً.

من الفلبين فيلم خاص جداً هو "ما روزا" لبيرلانتي ميندوزا، وهو عمل من النوع الذي يمكن أن تحبه أو تكره دون مشاعر وسط، فلو أحبه المحكمون سيكون متواجداً بشكل أو بآخر، لاسيما وأنه خيار بعيد وآمن ويعطي اللجنة شعوراً بالاختلاف.

أما أغرب الأفلام التي قد تحدث مفاجأة فهو الفرنسي "خليج الركود" لبرونو دومون. الفيلم الذي أراه شخصياً أسوأ أفلام المسابقة، كوميديا فرنسية سخيفة ومبالغ في كل تفاصيلها. لكن على النقيض يراه الكثيرون خاصة أصحاب الثقافة الفرنسية عملاً جرئياً ينتقد التاريخ الفرنسي ويسخر منه لدرجة التنكيل. إذا أرادت اللجنة أن تجامل فرنسا صاحبة أكبر وأضعف مشاركة (أربعة أفلام كلها متوسطة) فقد يقع الاختيار على هذا الفيلم.

اقرأ أيضا

خاص في الفن - رسالة كان (2) : "اشتباك".. الانحياز للحيرة في افتتاح نظرة ما

خاص في الفن - رسالة كان (1): "كافيه سوسايتي".. وودي آلان يفتتح المهرجان بفيلم اعتيادي ومتقن

بالصور- جورج كلوني ينقذ أمل علم الدين في مهرجان "كان"

إشادة نقدية عالمية بفيلم"اشتباك" ورصده لما بعد ثورة 25 يناير
صورة- ابن نيللي كريم وشقيقها يساندوها في مهرجان كان

خاص في الفن - رسالة كان (4): روائع المهرجان تبدأ في الظهور

رسالة كان (6): رسالة صادمة وفيلم رعب في يوم كان السادس

خاص في الفن - رسالة كان (7): "خوليتا".. بيدرو ألمودوفار يعود بفيلم ممتع في كان

خاص في الفن - رسالة كان (8): فيلم مهتز للأخوين دردان.. وزافيه دولان يواصل تجريبه

خاص في الفن - رسالة كان (9): "إنها فقط نهاية العالم".. التجلي الجديد لمخرج القرن الحادي والعشرين

خاص في الفن - رسالة كان (10): سحر الحكي وضعفه بين مونجيو ورِفن