القاهرة السينمائي 38- فيلم "قطار الملح والسكر".. الحرب تلتهم الجميع في موزمبيق

تاريخ النشر: الأربعاء، 23 نوفمبر، 2016 | آخر تحديث:
The Train Of Salt and Sugar

في أواخر الثمانينيات وبالتحديد في عام 1988، أثناء الحرب الأهلية الموزمبيقية التي اندلعت بعد عامين من نهاية حرب الاستقلال ضد البرتغاليين، ينطلق قطار من مدينة نامبولا قاصدًا مدينة كوامبا، في رحلة شاقة محفوفة بالمخاطر محملًا بمجموعة من الجنود والضباط، بالإضافة إلى أكثر من 600 راكب يرغبون في الوصول للجهة الأخرى للحصول على الطعام وخاصة السكر، الذي شح وأصبح السبيل الوحيد للحصول عليه هو مقايضته بالملح.

هذا هو الخط الرئيسي الذي تنطلق منه قصة فيلم The Train Of Salt and Sugar للمخرج الموزمبيقي ليسينيو أزيفيدو، المأخوذة عن كتاب يحمل نفس الاسم للمخرج حيث نرى مجموعة من الأحداث والقصص المتنوعة داخل عربات القطار تعبر عن أطياف المجتمع الموزمبيقي في ذلك الوقت، يجمعها الألم والجوع والخوف من الموت في أي لحظة، خاصة وأن الخطر لا يقتصر على خارج القطار، فهناك خطر داخلي يواجهه الجميع وخاصة النساء اللاتي يتعرضن لمضايقات من قبل الجنود لا تقل وحشية عن رصاص العدو.

في هذه الأجواء الصعبة تولد قصة حب بين ممرضة القطار "روزا" التي تمثل الصورة النمطية عن دور النساء في الحروب، ومساعد قائد الجنود "تايار"، الرجل العسكري المتعلم الذي يحمل بداخله الكثير من الإنسانية رغم ما شاهده خلال سنوات الحرب. يعكر صفو هذه العلاقة مساعد قائد الجنود الثاني "سالومو" المتعجرف الذي يرغب في الحصول على "روزا"، فهو شخص يتباهي بقوته وسلطاته ويستخدمها ضد المواطنين؛ فيأخذ زوجاتهم عنوة ويجبرهن على معاشرته وإعداد الطعام له طوال الرحلة.

على الرغم من المعاناة التي يقدمها الفيلم، إلا أنه يحمل الكثير من الجاذبية البصرية، بدءً من جمال الطبيعة الأفريقية الساحرة؛ فطوال الرحلة ينقلنا المخرج بين عربات القطار الضيقة المزدحمة والفضاء الواسع الخلاب الذي يمثل جزء من أحلام الأبطال ورغبتهم في التحرر من قيود الحرب. ثم تأتي الألوان المتمثلة في ملابس الشخصيات الرئيسة والثانوية، فتمنح الفيلم الحيوية والروح المطلوبين لمواصلة الطريق.

ولكن ما يؤخذ على سيناريو الفيلم، غياب المنطقية عن بعض المواقف والأحداث، وبالرغم من حديث المخرج عن أن الفيلم كان سيصبح تسجيليًا ثم تحول لفيلم روائي، إلا أنه لم يرعى الدقة في عدة تفاصيل منها؛ عندما تفجر لغم بجانب قائد الجنود، رأيناه بعد عدة أيام يقف على رجليه دون أي إصابات بالغة أو تشوه على أقل تقدير. كما أن طوال أحداث الفيلم يمهد الحوار الدائر بين الجنود والركاب إلى أن قائد العصابات المسلحة، التي تستهدف القطار يتمتع بذكاء ويمكنه التنكر في هيئات عديدة، ثم نفاجئ بأنه صيد سهل يتمكن "تايارا" من قتله في بداية معركة المواجهة.

تأتي نهاية الفيلم منطقية مع طبيعة الحروب، فلا توجد نهايات سعيدة طوال الوقت كما هو الحال في الأفلام الرومانسية. فالحرب لا تفرق بين أصحاب النوايا الحسنة والسيئة، والجميع معرضون للهلاك أمام نيرانها. كما أن الناجين منها لن يستطيعوا مواصلة الحياة كأن شيئا لم يكن.

فيلم The Train Of Salt and Sugar إنتاج مشترك بين خمسة دول هم البرتغال، وموزمبيق، وفرنسا، وجنوب أفريقيا، والبرازيل، ومدته 93 دقيقة. وعرض الفيلم ضمن عروض المسابقة الرسمية بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دوته الـ38.

اقرأ أيضًا
القاهرة السينمائي 38- It's Only the End of the World.. تجمع عائلي تحيط به الأجواء الجنائزية

القاهرة السينمائي 38- الفيلم الإيطالي Perfect Strangers ..الهواتف المحمولة تفضح الأسرار والخبايا

القاهرة السينمائي38- فيلم Toni Erdmann..كوميديا ألمانية تحمل الكثير من المشاعر الإنسانية