أحمد حجي
أحمد حجي تاريخ النشر: الثلاثاء، 11 أغسطس، 2015 | آخر تحديث:
نور الشريف

نهار ربيعي، وبالتحديد يوم 28 إبريل 1946 يقف الحاج محمد عبد الله وهو ينتظر قدوم مولوده، صياح متكرر هو طبع أصيل في حي السيدة زينب القاهري العريق، ينادي عليه الجميع ليبشروه بالولد، يقرر أن يسميه على اسم والده "محمد"، لم يكن يعلم الرجل أن وليده لن يستمر طويلا حاملا اسم "محمد"، فمحمد جابر محمد عبد الله أصبح بعد الشهرة "نور الشريف".

اليوم الحادي عشر من أغسطس عام 2015، وبعد 69 عاما قضاها الرجل في عطاء لم ينقطع إلا في أرذل العمر، غيّب الموت فنان بدرجة صاحب مدرسة في الأداء التمثيلي البسيط.

من أسرة أصولها تعود لمحافظة المنيا خرج لنا موهبة عرف بالامتياز منذ اللحظة الأولى، فنور الشريف حينما قرر أن يسلك دراسة التمثيل أكاديميًا، حصل على دبلوم من المعهد العالي للفنون المسرحية بتقدير امتياز عام 1967 وكان الأول على دفعته.

طالع أيضا
محدث باستمرار- أصدقاء وتلاميذ الراحل نور الشريف ينعونه: "وداعا حبيبي دائما"
نور الشريف.. هل حقا تعرف "آخر الرجال المحترمين"؟
أطرف آراء نور الشريف في الفن والحياة والسياسة
نور الشريف.. النجم "اللي قعد في البيت" بأمر الدولة

البداية
كمعظم أبناء جيله بدأ محمد جابر مسيرته الفنية في المدرسة، أحب التمثيل بشكل جعله يترك رياضة كرة القدم وفريق نادي الزمالك، والتحق بمعهد الفنون المسرحية، هناك تعرف على الزعيم "عادل إمام" الذي قدمه للمخرج حسن الإمام ليطل أول مرة على الجمهور في دور "كمال" الابن الأصغر للسيد أحمد عبد الجواد في "قصر الشوق" ثاني أجزاء ثلاثية نجيب محفوظ الخالدة، حصل نور الشريف عن هذا الدور على شهادة تقدير وكانت أولى الجوائز التي حصل عليها الفنان القدير.

بعد تألق نور الشريف في هذا الدور فُتح له الباب على مصراعيه لتقديم أعمالًا فنية سينمائية ومسرحية وتليفزيونية عديدة، حتى وصل نتاجه الفني 236 عملًا فنيًا مختلفا، كان آخرها فيلم "بتوقيت القاهرة" مطلع العام الجاري، بالإضافة إلى تجربتين في الإخراج هما فيلم العاشقان مع شريكة حياته "بوسي" عام 2001 ومسرحية محاكمة الكاهن عام 1994.

لنور الشريف مدرسة مستقلة في الأداء التمثيلي فبجانب ملامحه المألوفة التي جعلت طلته محببة على الشاشة، تميز أداء نور الشريف بالبساطة الشديدة والدقة في نفس الوقت، أجاد أداء شخصية "عزيز" الثري في "جري الوحوش" مثلما أبدع في تجسيد شخصية "كمال" في "العار"، وقدم "الحاج عبد الغفور البرعي" بنفس بساطة "شحاتة أبو كف"، لم يكن نور الشريف من الممثلين الذين يحصرون أنفسهم في نوعية معينة من الأدوار، فقدم رومانسية "حبيبي دائمًا"، والتشويق في "ليلة ساخنة"، والكوميديا في "غريب في بيتي"، والتراجيديا في "آخر الرجال المحترمين"، و"حدوتة مصرية" للراحل يوسف شاهين، بالإضافة إلى بطولة العديد من الأعمال التليفزيونية الدرامية ذات العمر الطويل منها "لن أعيش في جلباب أبي، وحضرة المتهم أبي والحرافيش"، بالإضافة إلى المسلسلات التاريخية كرجل الأقدار وعمر بن عبد العزيز وهارون الرشيد وعمرو بن العاص.

ليلة البيبي دول
عام 2007 تعاون الفنان القدير مع لفيف من نجوم التمثيل منهم محمود عبد العزيز ومحمود حميدة وليلى علوي وجميل راتب وجمال سليمان لتقديم فيلم "ليلة البيبي دول"، جسد خلاله نور الشريف دور إرهابي يسعى لتنفيذ إحدى عملياته في ليلة رأس السنة، وبطريقة الفلاش باك يتذكر الإرهابي عوضين الأسيوطي ما كان يتعرض له من عمليات تعذيب متكررة حينما اعتقل بسجن أبو غريب العراقي، المشاهد الصادمة التي أثارت جدلًا كبيرًا وقتها ظهر خلالها نور الشريف وهو يعذب عارِ الجسد تمامًا وهو ما يعتبر شجاعة كبيرة منه بالقياس لكبر سنه وتاريخه الفني الزاخر.

نور الشريف والشائعات
الشائعات التي لاحقت النجم القدير لم تكن مرتبطة بشائعات مرضه ووفاته التي ترددت كثيرًا خلال العام المنقضي والعام الحالي فحسب، لكن شائعات أخرى تمس الحياة الشخصية للفنان الراحل كادت أن تدمر تاريخه الطويل تمامًا، ففي عام 2009 زعمت صحيفة تدعى البلاغ أنه قد تم القبض على نور الشريف ضمن مجموعة تم توجيه لها تهمة ممارسة "الشذوذ الجنسي"، إلا أن القضاء المصري أنصف الفنان الراحل وبرأه من التهمة بل أدانت المحكمة الصحيفة وقضت بحبس الصحفي مصدر الشائعة ورئيس تحرير الجريدة وتوقيع عقوبات مالية عليهما.