أفلام الجاسوسية.. بين "أكشن" توم كروز و"صرخات" نادية الجندي

تاريخ النشر: الثلاثاء، 11 أغسطس، 2015 | آخر تحديث:
أفلام الجاسوسية.. بين "أكشن" توم كروز و"صرخات" نادية الجندي

تستضيف قاعات العرض السينمائي في مصر الأربعاء 12 أغسطس الجاري الجزء الخامس من سلسلة أفلام Mission Impossible، والتي عرض أول أجزاءها في سنة 1996، لتصبح هي ثان أشهر سلسلة أفلام تدور حول الجاسوسية بعد سلسلة أفلام "جيمس بوند" الشهيرة.

ولكن بعيدا عن نجاح السلسلتين، واستمراريتهما عبر سنوات عديدة.. أين السينمات العربية من أفلام الجاسوسية؟ وما الفارق بين جاسوسية "بوند" وجاسوسية "آمال"؟

جيمس بوند من أشهر جواسيس السينما العالمية

في البداية لم تكن أفلام الجاسوسية مصنفة في دائرة أفلام الأكشن، وإنما كانت تصنف على أنها أفلام دراما أو film-Noir، أو أفلام الجريمة، مثل فيلم Notorious لألفريد هيتشكوك، وربما تندرج أيضا تحت مسمى أكبر وهو أفلام التشويق والإثارة، وشيئا فشيئا تحولت أفلام الجاسوسية من الدراما إلى الأكشن، والذي أكسبها طابعا جديدا.

أما في مصر، فعرفت أفلام الجاسوسية طريقها إلينا في الستينيات في سنة 1965، عندما قدم فريد شوقي فيلم "الجاسوس" للمخرج نيازي مصطفي، وبعدها كانت هناك محاولات لتقديم أفلام من هذه النوعية أو شبيهة لها، مثل فيلم "جريمة في الحي الهادئ" من إنتاج 1967 للمخرج حسام الدين مصطفى، والذي يمكن اعتباره أحد افلام الجاسوسية، كما قدم فؤاد المهندس نفس نوعية الأفلام، ولكن في قالب كوميدي ساخر، في فيلم "العتبة جزاز" في سنة 1969 للمخرج نيازي مصطفى.

أما المرحلة الحقيقية لتطور مفهوم سينما الجاسوسية، فجاءت على يد المخرج كمال الشيخ في سنة 1978، عندما قدم فيلم "الصعود إلى الهاوية" المأخوذ عن إحدى عمليات المخابرات العامة المصرية، وكتب السيناريو والحوار له صالح مرسي، وهو أحد الأسماء التي اقترنت بأدب الجاسوسية.

مديحة كامل ومحمود ياسين في مشهد من "الصعود إلى الهاوية"

ولعل أهم ما يميز "الصعود إلى الهاوية" كونه الفيلم الذي استطاع تحقيق معادلة صعبة للغاية لتقديم فيلم جاسوسية مقنع، إذ جاء البناء الدرامي للفيلم متماسكا، ودوافع ومبررات الشخصيات جاءت واضحة وحقيقة بعيدا عن الاستسهال أو "السلق"، إضافة إلى رؤية مخرج يدرك معنى أن يقدم فيلما يدور في عالم خفي عن عيون العامة، إضافة لإيقاع منضبط، وعدم الاندفاع وراء مشاهد الإثارة أو الأكشن، فاستطاع كمال الشيخ أن يقدم لنا نموذجا مصريا لأفلام الجاسوسية جيدة الصنع، ولكن الفيلم ظلمه ندرة عرضه على القنوات التلفزيونية.

وبعدها شهدت السينما المصرية عدد من أفلام الجاسوسية، مثل فيلم "إعدام ميت" في سنة 1985، وهو تأليف إبراهيم مسعود ومن إخراج علي عبدالخالق، وفيلم "بئر الخيانة" بسنة 1987 لنفس المخرج والمؤلف، ثم مرحلة "ثلاثية" نادية الجندي، والتي بدأتها بفيلم "مهمة في تل أبيب" في سنة 1992، وهو من تأليف بشير الديك ومن إخراج نادر جلال، وقدمت فيه دور الجاسوسة المصرية "آمال"، ثم فيلم "الجاسوسة حكمت فهمي" في سنة 1994، وهو من تأليف بشير الديك ومن إخراج حسام الدين مصطفى، وفيلم "48 ساعة في إسرائيل" بسنة 1998، وهو من تأليف بسيوني عثمان ومن إخراج نادر جلال، إضافة إلى فيلم "الكافير" في سنة 1999، وهو من تأليف إبراهيم مسعود ومن إخراج على عبدالخالق.

فريد شوقي ومحمود عبد العزيز في "إعدام ميت"

وبعد هذه الجرعة من "الآمال" و"الأفورة" والصراخ المتصل، كان لابد أن تتوقف السينما المصرية عن إنتاج أفلام الجاسوسية لمدة 10 سنوات تقريبا، تخللها فيلم "مافيا"، حينما قدم المخرج شريف عرفة من تأليف عمرو سمير عاطف فيلم "ولاد العم" في سنة 2009.

كريم عبد العزيز في فيلم "ولاد العم"

وبعيدا عن كل الجرائم التمثيلية التي ارتكبت في أغلب أفلام الجاسوسية التي قدمتها السينما المصرية فكانت هناك جريمة أكبر يتم ارتكابها، إذ جاءت أغلب تلك الأعمال هشة وضعيفة، سواء المبنية على أحداث واقعية أو المقدمة من خيال مؤلفيها رأسا إلينا، وفي الحالتين كانت حبكة تلك الأفلام إما أن تكون معتمدة على المصادفة، مثل أن يجد "محيى بيه" فريد شوقي ضابط مخابرات يشبة الجاسوس الذي أوقع به، فيقرر استبداله به في فيلم "إعدام ميت"، أو أن تتوب الجاسوسة فجأة بعدما تهتز مشاعرها، بسماع قصيدة شعر للراحل صلاح جاهين مثل ما حدث في فيلم "مهمة في تل أبيب".

أو تكون الشخصيات شديدة الكرتونية، ولا يتم تقديم دوافعها النفسية والاجتماعية بشكل جيد على الشاشة، مثلما حدث في فيلم "بئر الخيانة"، إذ يجعل البطل في بداية حياته لصا أو متهرب من التجنيد سببا رئيسا في كونه سيتحول إلى جاسوس، بل يذهب بنفسه إلى سفارة إسرائيل في روما متطوعا كي يعمل جاسوسا ضد وطنه، أو أن يخدع ضابط المخابرات المصري أحد المهندسين المصريين الشباب ويرسله إلى إسرائيل بدلا من فرنسا، كما حدث في فيلم "الكافير"، فيتحول إلى جاسوس محترف يستطيع أن يكشف أسرار الطائرة الإسرائيلية!

إذا سينمانا المصرية ففشلت تماما في تقديم سينما الجاسوسية بشكل جيد، أو حتى متوسط الجودة، واكتفت بسينما استهلاكية بها من الابتذال ما يكفي ويفيض، وفي المقابل استغل صناع سلسلة أفلام "جيمس بوند" التطور المستمر في صناعة السينما لتقديم أفلام جيدة الصنع، إن لم تكن من ناحية الحبكة والسيناريو، فعلى الأقل يقدمون صورة مبهرة وأكشن جيد الصنع بدلا من هذا الكم الهائل من "تقليع الضوافر" والصراخ الهستيري.

وبعيدا عن سلسلة "بوند" وMission Impossible، فقدمت السينما الأمريكية أكثر من نمط أو شكل لأفلام الجاسوسية، مثل الكوميديا في I Spy، أو فيلم Code Name: The Cleaner، وهو ما يعني أن هوليوود استطاعت أن تطوع فكرة الجاسوسية والخروج بها من القالب الأكشني المعهود للدخول في قوالب أخرى، بينما نحن حتى هذه اللحظة نحاول التحايل على أجهزة كشف الكذب والوصول لعدد صحيح لبذر الطماطم!

طالع أيضا
بالصور والفيديو- تشابهات واختلافات بين مهمة توم كروز في Mission Impossible 5 ومهماته السابقة
بالفيديو- أصعب 5 مشاهد خطيرة أداها توم كروز بنفسه في سلسلة Mission Impossible