نظمت إدارة مهرجان القاهرة السينمائي، جلسة حوارية مع المخرج الدنماركي بيل أوجست، رئيس لجنة تحكيم المسابقة الرسمية للدورة الـ40، مساء أمس الأحد على مسرح الهناجر في دار الأوبرا المصرية.
أدارها الناقد السينمائي محمد رضا، وتحدث خلالها أوجست عن المحطات المهمة في مسيرته الفنية، وتطرق إلى الفرق بين السينما في أوروبا وأمريكا، كما علق على التطورات التي طرأت على الصناعة مع ظهور خدمات البث الحي والفيديو حسب الطلب.
السينما عند بيل أوجست
كشف المخرج الحائز على سعفتين ذهبيتين من مهرجان كان السينمائي، أن كتابة القصص كانت وسيلته للنجاة في مرحلة الطفولة بعد وفاة والدته وعيشه مع والده حاد الطباع. إذ ساعدته على فهم العالم من حوله، ونمّت خياله وقدرته على خلق أحداث غير حقيقية. وعندما التحق بالمدرسة، كان من بين الأنشطة التي تنظم سنويا عرض فيلم سينمائي على الطلاب. وقد جرت العادة أن تكون هذه الأفلام من نوعية الغرب الأمريكي "ويسترن"، لكن في إحدى المرات تم عرض فيلم La Strada لفيديريكو فيللينى، الذي أبهره وجعله يرغب في اقتحام عالم صناعة السينما.
وحول تعريف صانع الأفلام، قال أوجست إنه الشخص القادر على سرد القصص من خلال الصورة. موضحا أن العثور على فكرة شيقة وتحويلها إلى عمل سينمائي يجذب الجمهور ويدفعه إلى التفاعل والاندماج معه، تعتبر المهمة الأساسية للمخرج.
وأضاف أنه يحب الأفلام التي تتناول العلاقات الإنسانية المختلفة، لأنها تساعد على خلق دراما جيدة يمكن من خلالها توصيل معاني عديدة للجمهور. كما أن الطبيعة تعد عنصرا مهما في أفلامه نظرا لأن تغيرها المستمر يخدم تطور القصة ويعكس حالة الشخصيات.
وأشار إلى أنه من الجيد أن يتمتع المخرج بخبرات في التصوير والكتابة وغيرها من المهارات السينمائية لأن ذلك يساعده على استيعاب طريقة صناعة الفيلم وكيفية إدارة فريق العمل.
تجربة العمل مع إنجمار برجمان
في بداية التسعينيات من القرن الماضي، أخرج أوجست فيلما يتناول قصة حياة والدي المخرج السويدي الشهير إنجمار برجمان، تحت عنوان The Best Intentions. تحدث المخرج صاحب الـ70 عامًا عن التجربة ، قائلا: "لقد تلقيت اتصالا تليفونيا من صديق سويدي، ووجدت أن من يحادثني هو إنجمار برجمان بنفسه ليخبرني بأنه شاهد فيلمي Pelle the Conqueror خمس مرات، وأنه كتب قصة والديه ويرغب أن أتولى إخراجها سينمائيا ".
أوضح أوجست أنه قضى حوالي شهرين مع برجمان في جزيرته الخاصة، لمناقشة القصة وتطويرها لأنها كانت مركبة للغاية، وتحمل الكثير من المعاني الفلسفية. ولفت إلى أن الجلوس مع مخرج ذكي مثل برجمان كان أمرا مذهلا بالنسبة له، خاصة وأن المخرجين لا يلتقون ببعضهم البعض في العادة، ولا يحصلون على فرصة التحاور في مختلف الأمور.
وذكر أوجست أن برجمان لم يتدخل إطلاقا في الفيلم، بل فضل أن يتنحى جانبا حتى يترك له حرية التصرف. وبعد الانتهاء منه، ظل الاثنان على تواصل بشكل مستمر، واعتادا على التحدث هاتفيا كل يوم سبت في تمام الثانية ظهرا.
بين هوليوود وأوروبا
قال أوجست إنه لم يرحب بالعمل في صناعة السينما الأمريكية، بالرغم من تلقيه العديد من العروض المالية. موضحا أنه قضى فترة من حياته في هوليوود، وتأكد خلالها أنه لن يستطيع العيش هناك.
ولفت إلى أن المخرج يفقد نزاهته واستقلاله في هوليوود بسبب أن الاهتمام ينصب على جني الأموال وليس المحتوى الذي يقدم. مضيفا أن نوعية الأفلام التي يحب تقديمها لا تتناسب مع هذه البيئة.
واستدرك: "لقد قررت ألا أذهب إلى هوليوود، لأن الحياة قصيرة، وأنا أعلم جيدا ما أرغب في فعله... أشعر أن كل شيء هناك سطحي".
وحول الفرق بين الأفلام الأمريكية والأوروبية، أوضح أن هوليوود تركز على الحبكة، فيما تهتم السينما في أوروبا بمواضيع ومواد مختلفة.
فقدان الشغف
سأله الناقد محمد رضا عن سبب تراجع أفلامه في الفترة بين 2001 و2013، وأجاب أوجست أنه صنع فيلما لم يكن سعيدا به على الإطلاق، وبعدها فقد شغفه وأصابه الحزن.
وقد عاد الحماس إليه مع فيلم Night Train to Lisbon، المأخوذ عن نص أدبي، خاصة وأن فريق العمل كان رائعا، على حد قوله.
تصالح مع Netflix
بالرغم من سياسة شبكة Netflix لا تنال إعجاب الكثير من صناع السينما في أوروبا، فإن بيل أوجست يرى أن منصات البث الحي والفيديو حسب الطلب سهلت التوصل إلى أفلام من مختلف أنحاء العالم.
وردا على سؤال أحد الحضور حول الفرق بين مشاهدة الأفلام على شاشة السينما وشاشة الكومبيوتر، قال المخرج الدنماركي إذا كنت تصنع فيلما للعرض السينمائي فمن الأفضل أن يعرض على الشاشة الكبيرة. لكن في حقيقة الأمر، لقد أصبح الجمهور يميل إلى مشاهدة الفيلم في المنزل مع وجود خدمات البث عبر الإنترنت.
وأشار إلى أن Netflix غيرت من سياستها حاليا، وقررت طرح عدد من أفلامها في دور السينما التقليدية قبل إتاحتها على الموقع أمام المشتركين.
واختتم أن الأهم أن ينجح الفيلم في جذب الجمهور إلى الاندماج معه، سواء كان يعرض على شاشة سينما أو تليفزيون.
اقرأ أيضًا:
مشاكل ومميزات في عودة حكاية Papillon للسينما بعد 40 عاما.. الصداقة أقوى هذه المرة؟
الفيلم اللبناني "غداء العيد".. خلافات على مائدة الطعام وأزمة مع الرقابة