وشوش وحكايات.. قتل الدراما

تاريخ النشر: السبت، 15 ديسمبر، 2018 | آخر تحديث:
شكري أبو عميرة

يبدو أن البعض لم يكتف بما تشهده صناعة الدراما المصرية من أزمات حقيقية، ليزيد الأمر سوءا. فما سنراه في رمضان هو سيناريوهات حسب الميزانية وليست حسب خيال الكاتب أو المخرج، وذلك بعد الاجتماع الذي شارك فيه عدد من كتاب الدراما أصحاب العقلية المرنة، والذين ارتضوا وأعلنوا موافقتهم على صياغة سيناريوهات حسب البيان الصحفي المنشور تخلو من مشاهد «الأكشن »، خصوصا وأن هذه المشاهد تحتاج لمحترفين يتقاضون أموالا كبيرة إضافة إلى أن تصويرها يزيد من عبء ميزانية العمل، إضافة إلى عدم كتابة مشاهد تتطلب السفر للخارج وما يتبعه من تأجير معدات بالعملة الصعبة، مع استبدال هذه الأماكن بأماكن أخرى في مصر.

أن كتاب الدراما الذين حضروا الاجتماع أبدوا تفهمهم لما تمر به الدراما من أوضاع صعبة، وتعاهدوا على قبول التحدي وصياغة سيناريوهات طموحة، خالية من السفر ، ومن الأزمنة التاريخية البعيدة، وديكورات متكلفة، والحمد لله من "الأكشن"، ومشاهد القتل والتفجيرات، وهو ما يعني أن أي حديث عن دراما تاريخية أو دينية، أو روايات أدبية أصبح ضربا من ضروب المستحيل، وبالطبع لا يعنى أحد في هذه الحالة طبيعة عمل البطل مثلا.

والمفارقة أن إبهار بعض العاملين في صناعة الدراما يفوق في بعض الأحيان خيال المسؤولون عنها، حيث تطوع أيضا المخرج المعروف شكري أبو عميرة بعمل ورقة عمل للنهوض بصناعة الدراما والعودة بها إلى الطريق السليم والمستقيم، وتقدم بهذه الورقة التي تتضمن عدد من اللاءات إلى الهيئة الوطنية للإعلام، وشدد المخرج أبو عميرة على أن هناك عدد من المحظورات والتي يجب الابتعاد عنها، عند الشروع في كتابة أي سيناريو لعمل فني جديد ومنها عدم ظهور شخصية الضابط بشكل سئ، وعدم ظهور المناطق العشوائية، ومنع ظهور السنج والمطاوي، "مافيش" ملاهي ليلية أو كباريهات، وطبعا لا يوجد تدخين ولا مخدرات، أما الجنس والدين والسياسية فممنوع الاقتراب، تلك هي المحظورات والتي أرسلها أبو عميرة وتداولها عدد من صناع الدراما والفن.

ولا أعرف حقيقة كيف لأبو عميرة ووضع تلك اللاءات وعن أي دراما يتحدث، لأنني بمجرد أن قرأت القائمة سرحت قليلا غير مصدقة، ومر أمام عيني شريط طويل للقطات من أهم أفلامنا السينمائية، ومسلسلاتنا الدرامية، وتساءلت ماذا لو كانت تلك القائمة معمول بها هل كان من الممكن أن نمتلك هذا الرصيد الهائل والمتنوع من الأعمال، هل كانت مصر قد تسيدت بثقافتها وتراثها المنطقة العربية، هل كنا ذهبنا إلى كبريات المهرجانات؟

والإجابة نعلمها جميعا بالتأكيد لا.. والمفارقة أن هذا الأمر يحدث ونحن نشهد تغير حقيقي وواضح في صناعة الدراما على مستوى العالم، حيث يمكن لأي شخص ومن خلال تليفونه المحمول أن يشاهد أحدث الإنتاجات الدرامية من كل دول العالم التي تعرض على الشبكات الرقمية، والتي يعمل المسؤولون عنها على الدخول إلى السوق المصرية والعربية ولنقل الشرق أوسطية بمفاهيم جديدة، ولا يدخل في حساباتهم أصحاب الميزانيات المحدودة، والكتاب أصحاب الخيال المرن، ولا محظورات أبو عميرة.

لذلك فإن أي حديث في هذه المرحلة عن إصلاح الدراما، وحل مشاكلها المتفاقمة منذ سنوات، هو أمر غير مجدي، خصوصا إذا كان هناك بعض من العاملين في الصناعة ارتضوا أن يأكلوا ما تبقي من جثة الصناعة، دون وقفة جادة، لحل أزمة الدراما، والتي تعد الميزانيات الكبيرة واحدة منها وليست كل شيء.

اقرأ أيضا

قائمة IMDB للممثلين الأكثر شعبية في 2018.. أدوار الشر تخدم هذا الممثل وتوم هاردي يحافظ على مكانته

حصاد في الفن- اختر أفضل فيلم في 2018