أمل مجدي
أمل مجدي تاريخ النشر: الجمعة، 23 نوفمبر، 2018 | آخر تحديث:
Papillon

"كانت ضربة قاصمة، إلى درجة أني لم أصح منها إلا بعد ثلاثة عشر عاما. والحقيقة أنها لم تكن ضربة عادية، فقد تألب على تسديدها إلي الكثيرون"... بهذه الكلمات بدأ الكاتب هنري شرايير رواية "الفراشة" التي يسرد من خلالها معاناته داخل مستعمرة السجون الفرنسية الشهيرة في جيانا، ومحاولات هروبه المستمرة من أجل النجاة بحياته ونيل حريته.

الرواية الصادرة في أواخر ستينيات القرن الماضي، تعد واحدة من أكثر الروايات مبيعا في مختلف أنحاء العالم، وقد تم تحويلها إلى فيلم يحمل اسم Papillon أخرجه فرانكلين شافنر في عام 1973، من بطولة ستيف ماكوين في دور "هنري شرايير/بابيون"، وداستن هوفمان في دور "لويس دييجا".

وبعد مرور حوالي 45 عامًا على الفيلم الأصلي، تم إنتاج عمل سينمائي جديد يعيد تناول نفس القصة من إخراج مايكل نوير. ووقع الاختيار على الممثلين تشارلي هونام ورامي مالك لتجسيد دوري البطولة. عُرض الفيلم الأخير ضمن فعاليات الدورة الـ40 لمهرجان القاهرة السينمائي، المقامة في الفترة من 20 إلى 29 نوفمبر الجاري.

القصة الأساسية

تدور أحداث النسختين في أوائل ثلاثينيات القرن الماضي، في باريس، حول هنري شرايير الذي يدخل السجن مدانا في قضية قتل لم يرتكبها، ثم يتم إرساله إلى مستعمرة السجون غير الأدمية ليقضي فترة عقوبته. هناك يتعرف على لويس دييجا، المزور الشهير الذي يمتلك الكثير من الأموال لكنه في حاجة إلى من يحميه حتى يطلق سراحه.

يتفق شرايير، الملقب بـ"فراشة"، مع دييجا على توفير الحماية له مقابل الحصول على أموال تساعده على الهروب. تدفعهما حياة السجن الصعبة إلى تكوين رابطة صداقة قوية، ويحاولان الفرار معا أكثر من مرة، لكن مع كل محاولة فاشلة يكون العقاب قاسيا للغاية، تحديدا على شرايير. مع ذلك، لا ينجح السجانون في كسر عزيمته، بل يظل متشبثا بأمل النجاة رغم كل شيء.

فروق بين النسختين

الاختلافات بين النسختين من حيث تناول القصة وطريقة سردها، قليلة جدا، لكن بشكل عام فإن النسخة الجديدة حاولت التركيز على علاقة الصداقة القوية التي جمعت بين السجينين أكثر من النسخة الأصلية التي اهتمت برحلة شرايير على مدار السنوات، وصموده في وجه كل محاولات قتل الإرادة والتعذيب النفسي والجسدي. مع ذلك، هناك بعض الملاحظات التي يمكن ذكرها لتوضيح التباين في العرض.

على عكس الفيلم الأصلي الذي انطلقت أحداثه من دخول شرايير للسجن، فإن فيلم مايكل نوير يعطينا لمحة عن حياته قبل الوصول إلى المستعمرة. إذ كان يسرق الخزائن ذات المحتويات الثمينة لصالح أحد رجال العصابات، لكن نظرا لأنه كان يخفي جزءًا من المسروقات لصالحه، تم توريطه في قضية قتل قواد وحكم عليه بالسجن مدى الحياة.

الفرق الأوضح بين النسختين تجلى مع تناول محاولة الهروب الثانية، التي خطط لها شرايير ودييجا بمساعدة سجينين أخريين. فقد حاولت النسخة الأصلية أن تكون أقرب لما كتبه شرايير في روايته، حول فراره مع اثنين فقط من السجناء، وحصولهم على قارب من قبل مجموعة من المجذومين، ثم تمكنه من الفرار بمفرده بعد القبض علي صديقيه، وعيشه مع مجموعة من السكان الأصليين لعدة أشهر.

فيما، اختصرت النسخة الجديدة محاولة الهروب دون التطرق إلى أرض المجزومين أو التركيز على فترة الإقامة مع إحدى القبائل. في المقابل، تم إضافة بعض التفاصيل للكشف عن مدى قوة علاقة الصداقة بين شرايير ودييجا. إذ تتعرض المجموعة إلى عاصفة في وسط البحر، ويحاول أحد السجينين أن يتخلص من دييجا ذي الساق المكسورة ليخفف الحمل، فيدافع عنه صديقه.

أيهما أفضل؟

بالطبع لكل عمل سينمائي سمات وظروف صناعة خاصة تميزه عن غيره، لكن المقارنة تصبح أمرا منطقيا عند التعرض إلى فيلمين يتناولان نفس القصة. وقد انقسمت آراء النقاد حول فيلمي Papillon، خاصة وأن لكل منهما حالة مختلفة يرغب في توصيلها للجمهور.

يؤكد الناقد جاريد مبارك، في The Film Stage، أن النسخة الحديثة تفوق على النسخة الصادرة عام 1973، وذلك لأنها أكثر إنسانية وقدرة على تفهم المحن والصعوبات داخل السجن. فقد ركزت على الصداقة التي جمعت بين البطلين، فظهرت أشبه بقصة حب أفلاطونية تتطور وتزداد عمقا مع التعرض لمواقف أصعب وأخطر باستمرار. فيما يرى أن فيلم فرانكلين شافنر ركز فقط على جانب المغامرة أكثر من أي شيء آخر. وبالتالي كانت النتيجة فيلم أجوف مستوحى من أحدث حقيقية.

يخالفه الرأي الناقد جوردون منتزر، في The Hollywood Reporter، الذي يرى أن النسخة الأصلية تعتبر من كلاسيكيات هوليوود. فقد صنع شافنر فيلما طويلا قاسيا حافلا بالمواقف البطولية الشجاعة، والحوارات القليلة، والمشاهد المؤثرة لرجال يعانون في الغابات النائية. وبالتالي، جعل المشاهد يغرق في أهوال المستعمرة الفرنسية التي شهدت تكوين علاقات إنسانية في أسوأ الظروف دون التخلي عن الأمل.على عكس فيلم نوير الذي حاول خلق نفس الحالة دون الوصول إلى نفس النتيجة المرجوة. فأصبح لديه المكونات الأساسية لكنه لم ينجح في تقديم شيء جديد يجذب الانتباه.

على جانب آخر، اتفق كل من الناقد تيم جريرسون في Screen International، والناقدة مانوهلا دارجيس في The New York Times، على أن النسخة الأصلية ليست أفضل من الجديدة، وإنما اكتسبت أهميتها بفعل الزمن والممثلين المشاركين بها فقط، واجتمعا على أن بناء الشخصيات في النسخة الجديدة أفضل، لكن مشكلة النسخة الأحدث تكمن في التصوير الذي لا يعبر بصورة جيدة عن حالة الفيلم، ولا يتضمن تكوينات تعلق في الذاكرة لمدة طظويلة.

اقرأ أيضًا:

كيف سرد فيلم Bohemian Rapsody حكاية فريدي ميركوري وفرقة Queen؟ انفصال درامي وتجاهل الميول الجنسية

حكاية رامي مالك المتحفظ وفريدي الصاخب.. ما لا تعرفه عن كواليس فيلم Bohemian Rahpsody