أمل مجدي
أمل مجدي تاريخ النشر: الثلاثاء، 20 نوفمبر، 2018 | آخر تحديث:
رامي مالك وفريدي ميركوري

قد تخرج من قاعة العرض السينمائية عقب مشاهدة فيلم Bohemian Rahpsody حاملا مجموعة من الانتقادات السلبية تجاه السيناريو على وجه الخصوص، وأسلوب الإخراج بشكل عام. لكن من المؤكد أن الأداء المميز الذي قدمه الممثل رامي مالك لشخصية المغني الأسطوري فريدي ميركوري، سيظل عالقا في ذاكرتك.

تباينت آراء النقاد حول الفيلم، لكنهم اتفقوا على براعة مالك في تجسيد الدور، متوقعين أن ينال عنه ترشيحه الأول لجائزة أوسكار أفضل ممثل.

في التقرير التالي، نرصد كيف تمكن مالك من لعب دور المغني الرئيسي في فرقة Queen وما تأثير هذا الدور على مسيرته الفنية كممثل من أصول عربية؟

-أوجه التشابه والاختلاف بين ميركوري ومالك

قدرة الممثل على تقمص شخصية حقيقية وتقديمها على الشاشة دون الوقوع في فخ التقليد، تتطلب درجة عالية من الاحتراف. في حالة رامي مالك وفريدي ميركوري، فإن الأمر لا يقتصر على مهارة الأول في التمثيل، وإنما لوجود تشابهات بين الاثنين ساعدت على حدوث عملية التماهي.

على سبيل المثال، كلاهما مولود لأبوين مهاجرين. ولد ميركوري في سلطنة زنجبار (تنزانيا الآن) ، شرق أفريقيا. وفي وثيقة ميلاده، كتب والداه أن جنسيتهما هندية بريطانية، وأنهما ينتميان إلى العرق البارسي، المنحدر من بلاد فارس. وقد اضطرت العائلة بعد اندلاع الثورة للسفر إلى إنجلترا. أما مالك، ولد في مدينة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا، لأبوين مصريين. وقد كان والده يعمل كمرشد سياحي في مصر، قبل سفره إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

يقول مالك أن هناك عوامل مشتركة كثيرة بينهما ألهمته أثناء تجسيد الدور، منها الشعور بالاغتراب في المجتمع، حسبما جاء على موقع USA TODAY.

لكن يؤكد مالك أيضًا أن اختلافاتهما كانت بمثابة دافع له للعب هذا الدور. فقد كان ميركوري مغنيا رائعا استطاع تحقيق الشهرة سريعا مع فرقته Queen، لكن مالك لم يجيد الغناء أو العزف قبل الحصول على الدور في عام 2016.

تفاصيل شخصيتيهما متباينة أيضًا، فميركوري كان رجلا صاخبا ومرحا، يجيد خطف الأنظار، ويميل إلى الازدواجية الجنسية، أما مالك يعتبر شخصا متحفظا، وجادا، ومغاير للجنس.

-لماذا اختارت Queen رامي مالك؟

صحيح أن هناك ما يجمع بين ميركوري ومالك، لكن لماذا اختار عضوا الفرقة، برايان ماي وروجر تايلر، الممثل المصري الأمريكي لتجسيد شخصية صديقهما.

يقول برايان في حواره مع Arab News: "رأينا فيه روح فريدي، وشعرنا بشغفه. لقد التقينا به لأول مرة في شقة روجر. بالتأكيد كان من الصعب عليه أن نشاهده في المرة الأولى، لكننا انبهرنا بقدراته التمثيلية. فهو ممثل رائع". جدير بالذكر أن عضوي الفرقة كانا مترددين حتى التقيا بمالك وتحمسا لتحويل قصة النجاح إلى فيلم سينمائي.

يؤكد تايلر أن مالك يتمتع بنفس الجاذبية التي كانت لدى فريدي ميركوري. موضحا: "رامي لديه جاذبية بالفطرة، وقد تمكن من التوصل إلى طبقة صوت فريدي، ونغمته أيضًا".

-كيف حضر رامي مالك للدور؟

عندما تلقى رامي مالك الاتصال الهاتفي الذي يؤكد حصوله على الدور، شعر بمسؤولية كبيرة تقع على عاتقه. يتحدث عن الأمر في برنامج The Feed، المعروض على شبكة SBS، قائلا إن فريدي ميركوري بالنسبة لمحبيه ليس فقط أسطورة لن تتكرر وإنما بمثابة إله لموسيقى الروك.

وذكر أنه في كل مرة يحصل فيها على عمل، يشكر الحظ الذي أتاح له هذه الفرصة، خاصة وأنه من الصعب الحصول على أي دور أصلا. وبالتالي، لك أن تتخيل بماذا شعر وهو يقتنص دور فريدي ميركوري!

يوضح مالك: "لقد حصلت على دروس في البيانو والغناء. وشاهدت كل شيء يمكنني مشاهدته عن هذا الرجل".

يضيف: "كتبت كل كلمات أغانيه، كل الأغاني التي تحمل توقيعه، ووجدت جمل مثل: أصبح وحيدا تماما من حين لآخر، أو جد لي أحدا لأحبه. هو هنا يتحدث مباشرة من قلبه ومن روحه عن الأشياء التي تمناها دوما، فقد كان إنسانا حساسا للغاية. وأنا متأكد أن هناك لحظات في حياته، الكثير من اللحظات التي شعر خلالها بالوحدة، كما أنه عاني حتى يتمكن من تحديد هويته الجنسية، وكان هذا أمر شاق للغاية في وقت يوصم فيه أي شيء مختلف عن الميول المغايرة للجنس".

-ماذا يعني هذا الدور بالنسبة له كممثل من أصول عربية؟

يتحدث مالك عن الصعوبات التي واجهها في بداية اقتحامه عالم الشهرة في هوليوود، نظرا لكونه من أصول عربية، قائلا: "كانت هناك أوقات أتقدم فيها لاختبارات أداء، وأشعر أنني لن أحصل على الدور لسبب ما غير متعلق بما أقدمه في غرفة الاختبار. ولم أعتقد أنني سأصبح ممثلا في أحد الأيام".

وحول التغيرات التي تحدث في هوليوود حتى يصبح مجال الصناعة أكثر تنوعا من حيث الأعراق والجنسيات، يؤكد مالك أنه لم يتخيل قط أنه سيفوز بدور البطولة في أحد المسلسلات التليفزيونية الكبرى، نظرا لأنه عربي. في إشارة إلى دور "أليوت الدرسون" بطل مسلسل Mr. Robot، الذي اقتنص عنه جائزة إيمي في عام 2016.

ويضيف أن هوليوود قبل ست سنوات مثلا، لم تكن لتضم ممثلين يشبهونه من حيث الشكل، أو يحملون أسماءً عربية مثله. لكن لحسن حظه، أن منتج المسلسل سام إسماعيل، الذي ينحدر من أصول مصرية مثله، أتاح له الفرصة. وقد فتحت هذه التجربة أبوابا أمام العديد من الأشخاص المختلفين عما هو مسيطر على الصناعة.

يشدد مالك على أنه الآن لا يشعر بهذه المشكلة، موضحا: "أنا أقرأ الآن قصة حب حول امرأة إسرائيلية ورجل فلسطيني. وأعتقد أنه قصة رائعة للعرض على الشاشة، أود تقديمها".

يختتم حديثه في هذه النقطة موضحا أن المواهب متوفرة في كل مكان، لكن الفرص ليست كذلك. وما نحتاج إليه هو أن نتيح هذه الفرص لكل فرد.

-أزمات مع المخرج

صحيح أن ما حققه رامي مالك مجسدا فريدي ميركوري، يعتبر إنجازا كبيرا في مسيرته الفنية، لكن التوصل إلى النتيجة النهائية التي رأيناها على الشاشة لم يكن سهلا على الإطلاق. خاصة مع الخلافات المستمرة بينه وبين مخرج الفيلم براين سينجر، التي انتهت باستبعاد الأخير قبل انتهاء فترة التصوير.

وفقا لما جاء على موقع The Hollywood Reporter، فإن الأزمة بدأت عندما غاب سينجر عن موقع التصوير مرات عديدة دون إخطار مسبق، لدرجة أن مدير التصوير نيوتن توماس سيجيل، اضطر لتولي إخراج عدد من المشاهد.

لم يستطع مالك التزام الصمت، وقرر التوجه بشكوى رسمية إلى الشركة المنتجة 20th Century Fox، يؤكد فيها أن سينجر غير ملتزم، ولا يتبع المعايير المهنية في تعامله مع فريق العمل. بالطبع، تسبب ذلك في نشوب أزمة بين الطرفين، انتهت بأن سينجر ألقى شيئا على مالك خلال إحدى المناقشات الحادة.

قررت الشركة استبعاد سينجر، وحل محله المخرج ديكستر فليتشر ليستكمل التصوير ومرحلة المونتاج. لكن نقابة المخرجين الأمريكيين رفضت إدراج اسمه كمخرج، معتبرة أن الفيلم يحمل توقيع سينجر بمفرده.

-هل انتهت رحلة مالك وميركوري معا؟

بالرغم من أن رامي مالك انتهي من تصوير الفيلم منذ عدة أشهر، فإنه لا يزال يقرأ ويبحث وراء حكايات فريدي ميركوري.

يقول في حواره الأخير مع مجلة Who، "لم أتوقف، لقد عاودت قراءة واحدة من السيرة الذاتية التي كتبت عنه، لأتأكد: هل فاتني شيئا؟!".

اقرأ أيضًا:
كيف سرد فيلم Bohemian Rapsody حكاية فريدي ميركوري وفرقة Queen؟ انفصال درامي وتجاهل الميول الجنسية

انقسام النقاد حول Bohemian Rhapsody.. أداء رامي مالك المتميز يعزز فرص وصوله للأوسكار