محمد الأسواني
محمد الأسواني تاريخ النشر: الاثنين، 14 سبتمبر، 2015 | آخر تحديث: الاثنين، 14 سبتمبر، 2015
ألبوم "١٠٠ نسخة"

تخلت أغاني المهرجانات عن أهم ما يميزها وأول أسباب انتشارها، وهو "الشارع"، لتدخل مرحلة جديدة و منطقة اخرى وهي الاستديوهات، ورعاية الجهات الانتاجية لها، بعد ان كانت المهرجانات تنفذ وتسجل وتذاع مباشرة في الافراح، او من خلال نسخ رديئة في الاستديوهات المنزلية منعدمة الامكانيات، إلى رحاب استديو "100 نسخة"، في وسط البلد، عاصمة ومأوى المثقفين، مع المنتج محمد رفعت، الذي أطلق أول إصدار موسيقي مجمع لعدد من نجوم المهرجانات، باسم "مهرجانات 2015"، ويضم ميني البوم للموزع الشعبي اسلام شيبسي، بأربع مقطوعات موسيقية باسم "كهربا"، و البوما آخر لـ"تيم مطبعة" و"السادات وفيفتي" وعمرو حاحا و "الدخلاوية" و "المدفعجية".

اسمع- ألبوم"مهرجانات 2015"

مع الوقت والتطورات الموسيقية، تتخلص المهرجانات من كل عوامل جاذبيتها وانتشارها لدى الفئات الشعبية، والتي جعلت عدد من المثقفين والطبقات الاجتماعية الأخرى تتعاطف معها وتدعمها، أو على الأقل لا ترفضها، قبل أن يتحول كل ذلك إلى عامل مهم لإنهيار المهرجانات، وتحول نجومها إلى "فئران تجارب"، أو فئة تستحق الشفقة والدعم حتى وأن كان ما يقدموه لا علاقه له بالفن، ولا يعدو كونه "ضوضاء".

طالع أيضا
غناء الأطفال.. نجاح أم "خيبة"؟
حماقي وعمرو دياب V.S ولاد سليم اللبانين
السبكي يتعاقد مع "ولاد سليم اللبانين" للمشاركة في "عيال حريفة"

ولازالت المهرجانات تقدم نفس المنتج الرديء في الإمكانيات ومستوى الصوت وفقر الموسيقى، حتى بعد توافر كل الإمكانيات التي تتيح لهم الفرصة لإنتاج فن شعبي حقيقي، وذلك لا يتعارض مع قبول فكرة "المهرجان" التي قدمها عدد من الموسيقيين بجودة أفضل مثل اسلام شيبسي في عدد من مقطوعاته، وآخرهم تجربة الموسيقي موريس لوقا في ألبوم " بنحيي البغبغان"، الذي انتج ألبوما بروح شعبية ودمجها بالموسيقي الإلكترونية، واستعان ببعض أصوات مطربي المهرجانات، لخدمة مقطوعته، والتي لا تقارن بكل انتاجات اسلام شيبسي وعمرو حاحا.

شاهد-"شرق راح تغرب" لموريس لوقا وصوت علاء فيفتي

مهرجان "مافيش صاحب يتصاحب"، الأكثر انتشارا وشعبية في الفترة الأخيرة، أثبت صحة نظرية أن المهرجانات مكانها الحقيقي الشارع، تنتج و تصور و تسمع أيضا في الشارع، فالفيديو والمهرجان تكلفتهما لا تقارن أساسا بما حصل عليه نجوم "100 نسخة"، ورغم ذلك أثبت أن "وسائل المواصلات"، ووسائل الانتشار الشعبية والتقليدية هي أساس المهرجانات، بجانب توافر عدة عناصر أخرى ساعدت على شعبية المهرجان، مثل جمع كل المعاني والموضوعات التي يفضلها أبناء الطبقة الشعبية مثل "مافيش صاحب يتصاحب"، والأزمات المادية "صاحب جنيه تصبح بيه"، والتفاخر بالمنطقة وأهل الحي "ولاد سليم اللبانين في كل حتة مسمعين"، إلى نبرة الحزن واليأس، بصوت الطفل، والتي يفضلها أيضا جمهور ذلك اللون.

شاهد- "مافيش صاحب يتصاحب" لفريق "شبيك لبيك"

اتجاه مطربو المهرجانات إلى الجمهور الأوروبي وجمهور وسط البلد، وأفراح الطبقات العليا، وتغيير تصنيفهم من "مهرجانات" إلى "اليكترو- شعبي"، سيساهم بشكل كبير في انقراض المهرجانات على أيدي اصحابها، وفي نفس الوقت لن يجد الجيل الجديد من أصحاب المهرجانات، نفس فرصة الجيل الاول، في الظهور إعلاميا وسينمائيا، وإنحصارها داخل وسائل المواصلات فقط، وهو الهدف الاول لتلك الفئة، بدليل غياب أغاني ألبوم "مهرجانات 2015" تماما عن الشارع والأفراح، يصاحبه انسحاب تدريجي للمهرجانات ككل من "دي جي" الافراح، مع وجود عدة محاولات لمجهولين، مثل أصحاب "مافيش صاحب يتصاحب".

تراهن شركة "hg100 نسخة"، على هؤلاء الشباب، وتراهن على تقديمهم شكلا مختلفا من المهرجانات، رغم أنه من الصعب تحقيق ذلك، أو السيطرة عليهم وعلى أفكارهم المرتبطة أكثر بـ"الشارع"، وتراهن أيضا على الإقبال الأوروبي عليهم بصفتهم من الطبقة الشعبية المهمشة التي تستحق الدعم، بجانب تواجدهم بكثافة في عدد من المشاريع الثقافية و الفنية وآخرها "مهرجان الفن المعاصر" بوسط البلد، والذي تطلب تغيير شكلي فقط في التصنيف من مهرجان إلى "اليكترو-شعبي"، مع الاستمرار في تقديم نفس المنتجات، وبنفس الإتجاه نحو تصدير الضوضاء والعشوائية رغم الإعداد والانتاج الكبير للألبوم.

ألبوم اسلام شيبسي هو الاكثر اتقانا وجودة، باعتماده على آلات موسيقية جديدة بجانب "الاورج" الأكثر استخداما شعبيا، وفي نفس الوقت يستمر باقي مطربي المهرجانات في استخدام نفس الكلمات، والتي تدور معظمها حول قصة صعودهم، وإثبات أفضليتهم في عالم المهرجانات، مع نفس التوزيع الموسيقي، حتى أن الألبوم ضم مقطوعة موسيقية "الحنكة" لاسم جديد في المهرجانات يحيى التونسي تضم جملتين موسيقيتين فقط، وثلاث أصوات تتكرر طوال المقطوعة، وكأنه موهبة فذة تستحق التقديم والاحتكار.

وحتى على المستوى التسويقي لـ"اكبر تجمع مهرجانات"، لم تنفذ الشركة أي دعاية أو تسويق أو حتى توزيع للنسخ في منافذ البيع، لتكتمل رحلة اختفاء المهرجانات، وتأكيد نظرية أنها "ظاهرة وقتية"، حتى وان ألصقت بالموسيقى الإلكترونية.

مهرجان "الحنكة" ليحيى التونسي

مقطوعات "كهربا" لاسلام شيبسي