ملامح وجهه تحمل الطيبة والحنان، وفي أدواره تألق سواء في بداياته في شبابه أو مع تقدمه في العمر.

وعلى المستوى الإنساني جسد معنى الوفاء والتقدير والحب لزوجته التي رحلت عن عالمنا منتصف الشهر الماضي، كما كان مثالا للرجل الذي يتواجد في الأزمات، نتحدث عن الفنان رشوان توفيق.

مسيرة فنية طويلة، اجتهاد، حياة أسرية مليئة بالمواقف الصعبة التي تخطاها بثبات، وفي هذا التقرير نلقي الضوء على رشوان توفيق ومحطات مهمة من حياته.

البداية

تخرج رشوان توفيق في المعهد العالي للفنون المسرحية، تعلم على يد جورج أبيض، وكان معه في نفس الدفعة عبد الرحمن أبو زهرة وعزت العلايلي.

بعد تخرجه تم تعيينه في التلفزيون، مع بداياته في مصر عام 1960، عمل في إدارة الاستديو، ثم مساعد مخرج ثم مخرج لبرنامج "من الجاني"، كما أصبح مذيعا للبرامج الشبابية، وكان هدفه أن يراه الناس ويصبح فيما بعد ممثل.

التمثيل بالنسبة له كان في المسرح القومي إذ كان يعمل ضمن المجاميع الصامته، ثم جاءت له فرصة كبيرة للعمل في مسرحية مع حسين رياض.

الانطلاقة كانت من خلال مسرح التلفزيون، عندما فكر أحمد توفيق في إنشاء فرقة مسرحية للتليفزيون، وهو ما حدث لتكون بداية انطلاق رشوان توفيق في عالم التمثيل.

أهم الأدوار

قدم رشوان توفيق أدوارا مختلفة في السينما والتليفزيون وعلى المسرح، تنوع في بدايته وقدم دور الشاب الشرير، كما كان الرومانسي في فيلم "نادية".

ويرى توفيق أنه لم يكن محظوظا في السينما، لكن الله عوضه في التليفزيون ليقدم أدوارا حتى وإن لم تكن كبيرة لكن تظل في أذهان الجمهور، ومنها أعمال مثل "الشهد والدموع، ولن أعيش في جلباب أبي، وأم كلثوم".

ولمع رشوان توفيق في الأعمال الدينية، وخاصة دور الراعي في مسلسل "عمر بن عبد العزيز" ويقول عن هذه الأدوار إنه لم يكن يمثل فيها بل يقولها بروحه والكلمة تخرج من قلبه، وبعد تقديمه لأكثر من دور ديني أصبح معروفا عنه في الوسط الفني أنه صوفي، وأصبح المخرجين يختارونه في الأدوار الدينية.

ويحب كثيرا رشوان توفيق الأدوار الاجتماعية التي قدمها في مسلسلات مختلفة ومنها مسلسل "أين قلبي" مع يسرا، كما يحب مسلسل "الليل وآخره" ويحكي أن البعض لم يكن يتوقع له النجاح في هذه الأدوار، خاصة بعد الأدوار الدينية التي قدمها، لكنه لمع فيها وهو في سن كبير.

مواقف صعبة

من أشد المواقف الصعبة التي قد يمر بها الإنسان، أن يموت ابنه، وقد مر رشوان توفيق بهذا الموقف مع وفاة ابنه توفيق.

حكى رشوان توفيق خلال برنامج "لعلهم يفقهون" كيف استقبل خبر وفاة نجله، وأنه مرض فجأة وعندما ذهب إلى المستشفى اكتشفوا أنه أصيب بجلطة في القلب، قائلا إنه عندما سمع بخبر وفاته ظل يردد جملة "إنا لله وإنا إليه راجعون" 7 مرات.

رؤية الأنبياء وأحلام تتحقق

نجاح رشوان توفيق في الأدوار الدينية لا يقتصر فقط على أدائه التمثيلي، بل لأنه في حياته الخاصة يحب التقرب من الله.

في لقاء مع برنامج "الستات ما يعرفوش يكدبوا" حكى توفيق أنه منذ عام 1962 يقرأ جزءا من القرآن يوميا مما يجعله يشعر براحة نفسية.

واشتهر رشوان توفيق برؤية الأنبياء في الأحلام، فأول نبي رآه في الحلم كان سيدنا إبراهيم، أما الرسول محمد صلى الله عليه وسلم زاره في المنام مرتين، كذلك رأى في حلم السيدة مريم والسيد المسيح.

أما الأحلام التي تحققت حكى رشوان توفيق في لقاء سابق أنه سافر لأداء فريضة الحج مع فريد شوقي، وخلال تواجده في "منى" نام قليلا وحلم أن زوجة الفنان يحيى شاهين حامل، وهي التي عاشت سنوات طويلة دون أن تنجب أطفال.

وبعد عودته التقى بشاهين وحكى له الحلم وقرأ معه الفاتحة بنية أن تزال الغمة ويُرزق بالأطفال، وهو ما حدث وأنجب بعدها.

قصة حب يتحاكى بها الجمهور

لدى الفنان رشوان توفيق صورا كثيرة من أعماله ولقاءات وتكريمات، ولكن ستظل أجمل الصور والتي تحمل كل معاني الوفاء والحب، صورته وهو يبكي في جنازة زوجته ورفيقة عمره السيدة أميمة.

بالصور- الوداع الأخير من رشوان توفيق لزوجته

رحلت زوجة رشوان توفيق عن عالمنا في 16 يوليو الماضي، ولم يظهر الممثل القدير في برنامج إلا ويتحدث عن زوجته بأجمل الكلمات.

تعرف توفيق على زوجته بسبب شقيقتها التي كانت جارته في المنزل الذي كان يسكن فيه، وقتها لم يكن يفكر في الزواج لكن عندما تعرف عليها وعلم أنها تريد الزواج من شخص فقير لتكافح معه بدأت شرارة الحب.

تم الزواج عام 1957 واستمر حتى وفاتها، في قصة حب عمرها 62 عاما، مرت زوجته الراحلة بأزمة صحية آخر أيامها، وكان يجلس هو معها ليرعاها حتى أنه كان يعتذر عن أعمال من أجلها، وكان يقول لها "أنا دلوقت بحبك أكتر من أيام الشقاوة زمان.. وإني أبوس إيدك دلوقت أحسن 100 مرة من أيام زمان".

وبعد رحيلها تحدث رشوان توفيق عنها قائلا إنه يجلس في غرفتهما ولا يتخيل أنها ليست معه، وكل يوم يتذكرها منذ زواجهما وهي في عمر الـ17 عاما وكل ما مرا به ووقوفها بجانبه.

الأسرة

ابنة الفنان رشوان توفيق هي الإعلامية هبة رشوان، مذيعة في التليفزيون المصري، خلال حلول والدها ضيفا على برنامج "الستات ما يعرفوش يكدبوا" تحدثت عنه قائلة إنه إذا كان يظهر طيبا على الشاشات، فهو في الطبيعة أكثر طيبة.

فيما قالت السيدة شريفة، زوجة ابنه الراحل، إنها تعتبره والدها وأنه منذ زواجها من ابنه وحتى بعد رحيله يعاملها أحسن معاملة.

فيما وجهت حفيدتاه رسالة له قالتا فيها إنهما تفخران به وتتمنيان له الصحة والعافية.

رمز للأصول والسيرة الطيبة

لا يبقى للإنسان إلا سيرته الطيبة، ورشوان توفيق عندما تذكر اسمه في مكان ستسمع عنه كل خير.

وفي الأيام الماضية كان توفيق رمزا للأصول، بعد وفاة زوجته والتأثر والحزن الكبير الذي ظهر عليه، ظن البعض أنه سيختفي عن الأنظار، لكنه لم يفعل ذلك لأن الواجب والأصول لا يمنعهما شيء.

بعد أيام من وفاة زوجته رحل الفنان فاروق الفيشاوي عن عالمنا، وكان رشوان توفيق من أوائل المتواجدين في جنازته، ليضرب مثلا في الإنسانية ويضع أي فنان آخر في موقف محرج، ثم بعد ذلك حرص على تقديم العزاء لأسرته متناسيا أحزانه وما يمر به من أوقات صعبة ليؤازر من يحبهم.