فادي عاكوم
فادي عاكوم تاريخ النشر: الأحد، 28 يوليو، 2019 | آخر تحديث:
ياني

استطاع الموسيقار العالمي اليوناني ا "ياني" اختراق سواحل الشاطئ الشمالي المصري، ووصل إلى قلوب عشاقه الذين تجمعوا من كافة الأنحاء لحضور حفله الذي أقامه بإحدى القرى السياحية على شواطئ الساحل الشمال المصري، وذلك ضمن جولته المقررة للعام الحالي 2019.

أتت الموسيقى الفريدة التي يقدمها ياني هذه المرة متناغمة تماما مع المحيط، فالبحر والديكور والفتيات اللواتي لبسن الثياب اليونانية القديمة دفعت بياني إلى اختيار مقطوعات تشعر عند سماعها وكأن الامواج تلاطف خديك، أو أنك تطفو على سطح البحر بالقرب من مدينة يونانية، فغالبية المقاطع الموسيقية مطعمة بخلفية الموسيقى اليونانية والأرمنية؛ اليونانية كونه ولد وترعرع في اليونان، فالموسيقى اليونانية أعطت للأعمال المقدمة القوة واللحن الممتد بالنقر، والأرمنية أعطت مسحة من الحزن والألم الواضح، وربما ساعده أيضًا بأن بعض أعضاء الفرقة من أصول أرمنية.

يعتبر الفنان ياني من الموسيقيين القليلين الذين يدرسون الجمهور قبل الأداء على المسرح، ويساعده في هذا الأمر خلفيته العلمية المتمثلة بدراسة علم النفس، مما يمكنه بأن يعطي للجمهور ما يريده أو ما يعشقه، وهذا ما بدا واضحا من خلال الانسجام التام منذ اللحظة الأولى، كما أن أدائه الشخصي كان مناسبا لاتجاه الجمهور، فالمئات التي أتت قطعت المسافات وانتظرت الحفل لساعات للحصول على جرعة كبيرة من الفرح والانبساط الداخلي، فأعطى ياني الجرعة بشكل كامل ليحصل بالمقابل على محبة إضافية من الجمهور، والأمر ليس غريبًا عن شخص غامر بتقديم نوع جديد من الموسيقى التي ربما لما رأت النور دونه.

أبى ياني إلا أن يقدم أفراد الفرقة بطريقته الخاصة بطريقة فريدة أعطى من خلالها كل منهم حفه، فكل فرد منهم قدم ما يبرع على آلته بمقاطع صغيرة "صولو"، ليقوم ياني بتقديمه بعدها مشددًا على حرفيته العالية، خصوصًا عازف البيانو المرافق له مينغ فريمان والذي وصفه بأنه الأشهر والأبرع عالميًا، وعازفة آلة الكمان سارة أوبراين التي أطربت الجمهور وتمايلت مع الموسيقى الرائعة المنبعثة وواجهت ياني الذي رافقها على البيانو. أما قمة التواصل مع الجمهور كانت عند عازف الدرام تشارلي ادامز الذي استمر في العزف لفترة طويلة كانت ستنهك أي عازف آخر غيره، ولم يتوقف إلا بطلب ورجاء من ياني بطريقة لطيفة أقامت الجمهور ولم تقعده.

لم يستطع ياني ترك المسرح، ودع الجمهور مرتين وقدم أجمل مقطوعاته بعودته الثانية كهدية منه للجمهور المتفاعل معه إلى أقصى الحدود، أرسل عشرات القبلات للجمهور الذي صفق له طويلا.

الأمر اللافت الذي لا يمكن لأحد انكاره هو التنظيم، ولا يمكن الحديث عن التنظيم إلا بربطه مع الأمن، فبمجرد دخولك إلى المكان ستشعر بالتغيير فورا، عشرات الشابات والشبان منتشرون في المكان لمرافقة الضيوف أو لتقديم أي خدمة يحتاجونها، اللطف كان ظاهرا بالتعامل، ورغم الضغوط الكبيرة إلا أن أحدًا منهم لم يخرج عن شعوره ويبدي أي انزعاج، مما أعطى انطباعا رائعا عن الشباب المصري، وقدرة مصر على تقديم عمل كهذا أعين العالم كله عليه، واللافت أن الاهتمام الإعلامي كان ممتازًا هذه المرة، ويجب أن يتكرر بالطريقة نفسها عند كل مناسبة مماثلة، وذلك استغلالا للحدث واستعماله كآداة لإعادة النظرة الإيجابية لمصر والتي يحاول البعض بل يصر على محوها أو على الأقل تشويهها خدمة لأغراضهم والأجندة التي يتبعون لها.

من حضر حفلة ياني لا شك بأنه شعر بالأمان، وشعر بقدرة الشباب المصري على إعطاء الصورة الحضارية الحقيقية من خلال التشديد على التنظيم وطريقة التعامل مع الجمهور، خاصة بأن الغالبية كانت من الشباب، وربما الأمر الوحيد الذي يؤخذ على المنظمين هو تأخير الحفل لمدة ساعة كاملة دون اعتذار، وربما كان الأمر يتعلق ببعض الضيوف الذين تأخروا، لكن لطافة الشابات والشبان خففت من حدة الجمهور المعترض حتى تلاشى الاعتراض نهائيا.

في النهاية أنا كلبناني شعرت بالفخر بأن حفلة كهذه أقيمت في مصر وبهذه الطريقة، كونها سكبت فرحا على روحي، وليس أنا فقط بل الجميع أحس بالأمر، فلولا التنظيم والديكورات الجميلة لما أبدع ياني بهذه الطريقة، ولولا حب الشباب المكلفين بالتنظيم والأمن لمصر لما خرج العمل بهذه الطريقة الأسطورية.

اقرأ أيضا:

عن موسيقاه وزيارته لمصر.. أبرز 10 تصريحات لـ ياني

صورة- هكذا رحبت "مصر للطيران" بياني