سهير البابلي في آخر حوار صحفي: كنت بخاف من جمال عبد الناصر ورسالتي للمرأة المصرية "بلاش الخلفة الكتير"(2-2)

FilFan | فى حياة المشاهير

سهير البابلي

الأربعاء , 5 يناير 2022 - 12:01 | اخر تحديث: الأربعاء , 5 يناير 2022 - 13:01

نستكمل حوار الكاتب الصحفي طاهر البهي مع الفنانة الراحلة سهير البابلي

حين إلتقيتها في منزلها الأنيق في أحد التجمعات الراقية بمدينة الشيخ زايد بأكتوبر، لم أكن أعلم أنه الحوار الأخير، وإن كنت قد لمست لديها رغبة قوية إلى الحديث، الفضفضة، بلا إنقطاع، سألتني أكثر مما سألتها، كانت تسعى لأكبر قدر من المعلومات عن الفن والناس والحياة؛ محدثتي تعزل نفسها في هذا الحي الهادئ بعيدا عن صخب وضوضاء القاهرة التي كانت تسكنها طويلا، هنا تعيش سهير البابلي النجمة المتوجة على عرش المسرح المصري في أزهى عصوره، تعيش لسقاية النباتات والورود النادرة في الحديقة الملحقة بقصرها الحصين، تعيش بلا شاشة تليفزيون ولا رنين موبايل؛ إلا عندما تخبرها ابنتها بخبر متلفز مصور أو مكالمة هاتفية تسترعي الإهتمام، جلستها المفضلة في حجرتها تقرأ القرآن وتصلي ما فاتها في صغرها، لا تدلف إلى ممر حجرة المعيشة إلا في وجود ضيف نادرا ما يأتي، في يدها مسبحة زرقاء لا تفارق أصابع يدها، أوعندما تخرج مشتاقة إلى ورود الحديقة تسبقها عاملة المنزل بسجادة الصلاة.

سهير البابلي لم تعد نجمة؛ فقد هجرت صخب وزيف مشاعر تلك الحياة، رغم أنها حالة خاصة في تاريخ الفن المصري..المسرح بصفة خاصة، وكادر مهم على شريط السينما المصرية..على الرغم من أن أعمالها السينمائية ـ ذاكرة المشاهد ـ قليلة الى حد الندرة، إلا أن كل عمل منها هو علامة في حد ذاته؛ يكفي أنها شريكة للعندليب عبد الحليم حافظ وصاحبة العيون الجميلة زبيدة ثروت في أغنية البهجة "ضحك ولعب وجد وحب.. عيش أيامك عيش لياليك، خللي شبابك يفرح بيك"، أما خشبة المسرح ودقاته الثلاثة؛ فقد صالت عليها كثيرا وجالت، هي واحدة من قليلات نلن شرف لقب "سيدة المسرح" إلى جوار توأميها: سناء جميل وسميحة أيوب"، في التليفزيون يقف مسلسل "بكيزة وزغلول" تليفزيونيا و"ريا وسكينة" مسرحيا، شاهدان على قدرتها الهائلة على إرتجال المواقف الكوميدية وتوهجها التعبيري..سهير البابلي التي أحاورها ترفض صيغة "سين وجيم" في الحوار؛ فهي تحولك إلى شريك حقيقي..تسمع وتتكلم؛ وكأننا في ديالوج مسرحي مرتجل.. من هنا تاتي متعة الحوار ومشقته!، وإن كانت قد أزعجتني كثيرا بسؤال متكرر طوال حواري معها عندما يأتي ذك اسم زميل لها مخرج أو ممثل، تسألني في شغف: هو عايش ولا مات، في معظم الأحيان يكون من تسأل عنه حي يرزق، ولكنه كان دليل على إنفصالها التدريجي عن الحياة وصخبها، وفي نفس الوقت نية صادقة على سعيها للإطمئنان على أصدقاء وزملاء تشتتوا في نهايات الطريق؛ فلم يعد ذكرهم يأتي على الخاطر ولا اللسان، رغم ذلك كان لها وجهة نظر وبعض المعلومات لا أدري يقينا مصدرها عن العالم المحيط بها، رغم أنها في القليل النادر ما تتخطى أسوار "الكومبوند" العالية إلى الهواء الطلق وسهرات أهل الفن والمجتمع.

لما كنت أشوف رشدي أباظة كانت خدودي تحمر!

كنت بخاف من النظر إلى عيني جمال عبد الناصر!

المرأة العربية موضع حسد وغيرة من نساء الغرب!

أمي كانت ظلي في كواليس المسرح لا تفارقني!

• دعيني آخذك لملعبك الرئيسي، وأسألك عما إذا كان الفن الآن لا يزال واعياً لدوره في غرس بذور الانتماء لدى الشباب والأطفال.. قيل ان الفن ابتعد عن دوره في بث شعور الانتماء؟

- نافية التهمة في غضب: هذا كذب.. الفن لم يتوقف عن إشعال روح الانتماء لدى المواطن المصري كبيره وصغيره، وإن كنت أوافقك أنني لاحظت حالة من التخاذل منذ نحو عامين أو ثلاثة، هناك ركود "فكري" في الانتاج الفني، ولا تنسي أنه خلال الأعوام القليلة الماضية رحل عن دنيانا عظماء، واعترف بأن الكبار لم يتركوا لنا جيل ثان، ورغم ذلك لايزال الفنانون الجادون يقدمون إبداعاتهم.. هل رأيت مسرحية الجميل يحيي الفخراني، لماذا لاتذهب الأسر المصرية بأكملها لمشاهدة هذا الفن النظيف.

• عندما يعمل يحيي الفخراني، على خشبة المسرح القومي، فهو محجوز بالكامل لأسبوعين على الأقل مقدماً.

- بحماس واضح: طبعاً.. لازم مصر كلها تشجع الفن الراقي النظيف.. خيرً لنا من أن نلعن الظلام.. في نفس الوقت على الدولة أن تعمل على اكتشاف "فخراني جديد" وسهير بابلي لا أقول"استنساخ" لأنه لا أحد يشبه الآخر، ولكن أعنى صناعة رموز" فنية وثقافية جديدة" درسوا للأجيال الجديدة هذه القمم المحترمة مثل الفخراني وسناء جميل وسميحة أيوب وشفيق نور الدين وملك الجمل، وصولاً إلى جيل أحمد بدير وأشرف عبدالباقي.. أنا شخصياً أحلم بمشاهدة مسرحية يجتمع فيها الفخراني مع نجوم الأجيال التالية مثل: أحمد بدير وأحمد آدم، وهنيدي وأشرف عبدالباقي؟

•وتكون سهير البابلي على رأس قائمة المشاركين في العرض؟

- مصوبة وجهها شطر السماء: يا ريت.. واحشني المسرح القومي قوي.

• وماهي رسالتك للمرأة المصرية التي يحرص الرئيس على الاشادة بها مع كل خطاب؟

- أحب أضرب لها تعظيم سلام على مشاركتها الايجابية في استحقاقات الوطن، وأقول لها أنت شرفت مصر، وفي كل يوم تضربين المثل في عملك الدءوب، المنتج، ووعيك بقضايا بلدك وهمومه، ومشاركتك القوية في تحقيق التنمية جنبا الى جنب مع الرجل، ليس المرأة المصرية فقط، بل تبهرني نساء العرب الذين جمعوا بين الأصالة والرقي الشديد ومواكبة العصر في العمل وفي تربية أولادهم داخل المنزل، والحقيقة أن البيت العربي موضع غيرة شديدة من نساء الغرب.

• وبماذا تطالبينها؟

- أقول أرجوك نظمي أسرتك، وبلاش "الخلفة الكتير" لأن مرافق الدولة لم تعد تتحمل هذا النمو الهائل في التعداد السكاني، وأنا مندهشة أن عرائس تتزوج وقبل ان تتعدى سنة قبل أن تنجب، يبدأ التلاسن.. دي مبتخلفشي، سيبوا أولادكم ينظموا حياتهم.. فهم أدرى بشئونهم".

• من التقيت أيضا من زعماء مصر؟

- التقيت بالزعيم الراحل جمال عبد الناصر في العديد من اللقاءات، وعلى فكرة الرئيس السيسي قال أكثر من مرة أنه يحب ويقدر الرئيس والزعيم الراحل عبد الناصر ولكنه بالطبع مختلف تماما لأن هناك خمسين سنة بينهما..العصر اختلف والقوى الدولية اختلفت، وكذلك التحديات، على فكرة كنت بخاف أنظر إلى عيني جمال عبد الناصر!

• إذاً.. ما هو انطباعك عن الزعيم عبد الناصر؟

- أنا قلت من شوية كنت أخاف من عبد الناصر، ولم أكن وقتها "سهير البابلي" بعد، كنت أذهب خصيصا لبعض المناسبات لأرى "الهيبة" التي كان عليها "ناصر"، كنت أسمع عنها حتى رأيته عدة مرات، إلى أن فوجئت بأنه يملك من الطيبة مالا يملكها غيره، كان ضحوكاً رغم الأعباء الثقيلة التي يحملها على كاهله؟

الكاتب الصحفي طاهر البهي وسهير البابلي

• كيف تربت سهير البابلي؟

- أنا أمي كانت لا تفارقني عندما أصبحت شابة، فقد كتت في البداية أدرس بمعهد الموسيقى، ثم في معهد التمثيل، بل منذ كنت طالبة في الثانوية العامة، كنا بنخاف من "خيال أبويا".. لدرجة أني كنت محرومة من الذهاب إلى السينما.. أخويا .. الله يرحمه – كان بيعنفني!!

• ماذا تشاهدين الآن؟

- أنا عايشة مع "القديم" كل أفلامنا الحلوة أقعد مبهورة قدامها، عاشقة لليلى مراد، أنور وجدي، يوسف وهبي، أمينة رزق، فاتن حمامة، أنا معنديش شغل كتير في السينما ولكني أستمتع بالرواد.. لن تأتي فاتن حمامة ثانية ولا سناء جميل ولا سميحة أيواب، هل قدرت السينما إنها تجيب ممثل زي شفيق نور الدين.. ياربي على العظمة.. ولا فؤاد شفيق وملك الجملّ.

• ولكنك كنت محظوظة أن عملت معهم واستمتعت بصحبتهم؟

- يا ابني .. أنا لما كنت أشوف حسين رياض ولا رشدي أباظة ولا عمر الشريف كانت خدودي تحمر خجلاً، ذات يوم وجدت نفسي وجها لوجه أمام يوسف وهبي في المسرح القومي .. قمت جريت!