FilFan.com
FilFan.com تاريخ النشر: الثلاثاء، 14 ديسمبر، 2004 | آخر تحديث: الثلاثاء، 14 ديسمبر، 2004
فيروز

جلست في ثوبها الأسود وكأنها الحلم الذي تجسد حقيقة .. لوهلة تخالها عملت بنصيحتها وتوارت مختبئة من "دروب الاعمار" فظلت كما هي دون أن تنال منها السنون.

فيروز التي ندر أن استقبلت صحفيين على مدى مسيرتها الفنية الطويلة التي ناهزت نصف قرن ، إذ كان الأخوان رحباني اللذان شكلت معهما هرما فنيا يهتمان بذلك ، تقول مرحبة في لقاء حميم في منزلها : "فيه ناس اشتقت لهم ، صار لي زمان لم أرهم ، وفيه ناس لا أعرفهم على بالي أسمعهم كلهم واراهم".

فيروز صاحبة التاريخ الطويل تتطلع دوما إلى تاريخ آت "الذي يبحث عن الحقيقة لا يضيعها ولا يمكن ان تخذله الحقيقة .. بأي طريقة يستطيع الانسان أن يصل للحقيقة" ليطابق كلامها غناءها في مسرحية المحطة "مهما تأخر جايي ما بيضيع اللي جايي ع غفلة بيوصل من خلف الضو من خلف الغيم".

ايمانها ساطع نعم .. ورغم عزلتها الهادفة فان الوصول إلى حصنها ليس بالامر المستحيل ، من يحمل لها "الخبايا " بمقدوره أن يرمي السلام أو يستريح يوما عند بابها الموصد إلا للأحبة : "بيقدر يخبرني .. يسألني بورقة .. برسالة .. والغريب عم يوصل".

كثيرون مروا بطيف دارتها هناك عند بحر روشة بيروت ، في غمرة اقتتال الداخل كان منزلها ممر صلاة كي تنهي الحرب ، وصوتها يعطي الكل صمودا ، أما هي فلا تمارس طقوس الناس اليومية ، وحتى أشياؤها التي تحبها لا تكثر منها كي لا تفقد معناها ، "أنا لا أتنقل ولا أخرج إلا في ظروف محددة ولا أقف على الشرفة رغم أني أحب البحر".

هي الضيعة وساحتها وسطحياتها الحمراء ، وهي خضرة الربوع فيها تجسد "سيلينا" و"درج اللوز" و"ساحة ميس الريم" و"ضيعة كحلون" غير المرئية و"كفر حالا" الوهمية ، ومع ذلك ، فإن فيروز لا تستعجل القرية او تقصدها.

مرارا وتقول "أنا ما طلعت على ضيعتنا منذ ماتوا اهلي".

ألا تشتاق إلى الشمس تلوح خدها .. إلى ريح وقمر ويابسة ..

يأتي الجواب المتحصن "أنا لا أشعر بالملل لأني أركز على شغلي أقضي وقتي مثل ما بدي (كما أريد)".

وتستعيد فيروز بعضا من مراحل تأسيسها وتقول : "الأفلام الثلاثة التي قدمتها في السينما أحبها كثيرا وأرى فيها الضيعة التي افتقدناها اليوم".

أكثر ما يؤلمها هو بعض الأقلام الجارحة التي تستسهل الكلمة وتضرب تاريخا ومجدا بناه صاحبه بتعب السنين وشقاء الأيام في الدروب الوعرة ، أخبار كثيرة لا ركن للصحة فيها .. تدرك هي بأنها شائعات ، وأن في صمتها أكثر من رد وفي خاطرها حسرة كبيرة على "الناس اللي راحوا ... الكبار الذين فقدناهم ونحن في أمس الحاجة إليهم في هذا الوقت".

وفي زمن كتبته مرحلة فيروز فإن فيروز نفسها لم تسأل لم تقل ولم تستشر لتفاجأ أن في السوق كتبا تحكيها "الحكي الذي يقال كثير مهم لكن أنا لم اقله" وهنا تعود وتذكر بأن من يقصدها لن يتوه عنها ولو عبر رسالة.

وإصدار الكتب دون المشورة يضاهيه كلام عن زيارات وحفلات في الخارج صنعها خيال صحفي "كل سنة يأخذونني على مصر مرتين وأنا ما بيكون معي خبر ، هذه الزيارة صارت مثل ألحان رياض السنباطي التي يقولون مرة كل سنة أو مرتين أني سأسجلها وستظهر للعلن".

ولدى فيروز جديد ينضم إلى الكثير الذي قدمت ، وفي جديدها يبرز نجلها زياد رحباني شريكا ، "مليح أن في الدنيا زياد .. أحضر لأسطوانة مع زياد عندما تصبح جاهزة ، نحكي عنها وهناك حفلات أيضا إن شاء الله".

فيروز تثق في الزمن القادر على تصنيف الاشياء وبأن من يرمي السعادة للناس تزهر في يده ، و"الزمن هو الذي يظهر من الذي يصل في الأخير".

تقول فيروز : "عندما بدأت الفن قررت انه سيكون زواجا لا طلاق فيه .. لا طلاق بيني وبين الفن".

كثيرة السؤال حاضرة في الضحكة والروح المرحة ، لكنها تسأل دوما عن جدوى الأشياء التي قد تقوم بها كأن تكتب مذكراتها مثلا ، "كنت أكتب مذكراتي والآن وقفت .. أخاف على الذي وصلت له ، أنا بقلق دائم على الغد .. عايشة بقلق".

مجدها لم يغرها لأن تجسده في سيرة متلفزة على غرار مسلسل "أم كلثوم" ، فهي لا تطمح إلى "التطويب كقديسة" ، ناسها ليسوا من ورق بل تسميهم بأسمائهم.

وفاؤها لهم يحملها الى طيب الكلام وخاصة عن اولئك الذين رحلوا "فيلمون وهبة كان نموذجا للانسان المحب ، كان يبكي كلما اطلع الى المسرح وكلما أنزل .. كان يتمنى أن يعطوه أكثر من اغنية يلحنها .. ونصري شمس الدين انسان مهم ألغى نفسه بخدمة المجموعة .. هكذا ينجح العمل اذا الكل أحبوا بعضا وتعاونوا".

حتى مسرح البيكادلي الذي ارتبطت معه بعلاقة المكان والزمان تحن إلى كل ركن فيه وهو الذي احتضن اروع مسرحياتها مع الأخوين رحباني ، وتسأل عن المسرح "سمعت إنو رح يرجع يفتح .. حرام مضى له عز كبير".

عندما قررت فيروز أن تبقى في لبنان في الح