أحمد شوقي
أحمد شوقي تاريخ النشر: الثلاثاء، 3 يوليو، 2018 | آخر تحديث:
الملصق الدعائي للمسلسل

في السادس من يوليو الحالي، تبدأ صناعة الدراما في الهند، وفي العالم بشكلٍ عام، مرحلة جديدة منتظرة، بدخول شبكة "نتفليكس"، أكبر منصة للإنتاج والعرض عبر الإنترنت في العالم، إلى ساحة الدراما الهندية بعرضها مسلسل "Sacred Games" أو "ألعاب محرّمة"، أول إنتاجات نتفليكس الأصلية في الهند.

المسلسل المأخوذ عن الرواية الأكثر مبيعًا بنفس العنوان للكاتب فيكرام تشاندرا يمتلك السمات المميزة لأعمال نتفليكس الشهيرة: الكثافة الدرامية وتعدد الشخصيات والخطوط، وضخامة الإنتاج الذي يديره مخرجا الفيلم الشابين الحاصلين على العديد من الجوائز فيكراماديتيا موتواني وأنوراج كاشياب، ويلعب بطولته فريق من النجوم يتصدرهم نجم بوليوود سيف علي خان، ومعه نواز الدين صدّيقي وراديكا أبتى.

يلعب سيف علي خان دور سارتاج سينج، محقق الشرطة الرافض للفساد والذي يجد نفسه يتابع حياة رجل العصابات المحلية الشهير جانيش جايتوندي، الذي يدخله في رحلة يتابع فيها حكاية صعود جايتوندي إلى قمة عالم الجريمة المنظمة في مدينة مومباي، بالتوازي مع رصد الحياة السياسية والتاريخية للمدينة العملاقة من نهاية السبعينيات وحتى العصر الحالي.

رواية تعكس حاضرًا

بناء معقد للدراما يختلف كثيرًا عن المعتاد في الأعمال الهندية خاصة المسلسلات، وعمل يهدف ـ مثل كافة إنتاجات الشبكة ـ ألا يخاطب جمهورًا محليًا في منطقة بعينها ولو كانت بحجم الهند، بل يكون قادرًا على التواصل مع جمهور نتفليكس في كل مكان حول العالم، هدف سنعرف مدى نجاح "ألعاب محرّمة" في تحقيقه مع بدء إتاحة المسلسل للمشاهدة خلال أيام.

في مدينة دبي قابلنا صناع العمل، المخرجين والأبطال الرئيسيين الثلاثة، في جلسة صحفية نظمتها شبكة نتفليكس لتقديم المسلسل لجمهور المنطقة العربية، وفيها أوضح مخرجا العمل سر حماسهما للرواية والتغييرات التي أجروها عند تحويلها لمسلسل، فقال أنوراج كاشياب أن أحداث الرواية تدور عام 2004، في الوقت الذي كانت لدى الهند نفس الحكومة التي تحكم الدولة الآن، بما يعطي رابطًا واضحًا بين محتوى الحكاية والحاضر الهندي.

الأمر الذي دفع صناع "ألعاب محرّمة" لنقل خط الزمن الحاضر إلى وقتنا الحالي، الأمر الذي يرى المخرجان أنه أكثر منطقية وأسهل إنتاجيًا، فبالنسبة لهما "تصوير أحداث تدور في السبعينيات والثمانينيات أسهل بكثير من تصوير مشاهد حدثت قبل 15 سنة. لأنك في الحالة الثانية ستكون في حاجة لسيارات وهواتف محمولة واكسسوارات عديدة ليست الصعوبة فقط في العثور عليها، ولكن في أن تجدها في حالة تسمح باستخدامها باعتبارنا لا نزال في زمن صدورها".

من شاشات بوليوود إلى عالم نتفلكس

النجم الأكبر في المسلسل هو سيف علي خان، النجم الذي يعرفه محبو الأفلام الهندية حول العالم بأدواره في أفلام مثل "كوكتيل" و"سباق" بجزأيه. النجم البوليوودي لم يتردد في الموافقة على الوقوف أمام كاميرات الدراما التلفزيونية للمرة الأولى عندما يتعلق الأمر بنتفليكس.

"بدأ الأمر بعرض من شركة فانتوم التي تقوم بتنفيذ المسلسل لأن أقوم بالدور، ولم أجد في المشروع ما يجعلني أفكر في أي شيء بخلاف القبول. مسلسل مكتوب بشكل رائع تنتجه أكبر منصة في العالم ليتم تقديمه للمشاهدين في كل مكان بشكل لائق. هذا بخلاف الدور الذي يسمح لي أن استمتع بفعل أكثر ما أحب القيام به: التمثيل"، قالها سيف علي خان خلال حوارنا معه.

عن تعقد شكل البناء والمستويات الزمنية في المسلسل اعترف سيف علي خان بأنه يفضل التركيز على الشخصية التي يلعبها بدلًا من الانشغال بدراما العمل بشكل كامل فهي مسؤولية المخرجين. كان تركيزه الأساسي هو بناء ماضٍ نفسي لشخصية المحقق سارتاج سينج، خاصة وأن الشخصية رغم امتلاكها للذكاء وبعض نقاط القوة تعاني من الانعزال النابع من خلفيته الدينية والاجتماعية ورفضه للانخراط في الفساد المسيطر على شرطة المدينة، لذلك كانت المهمة الرئيسية هي العثور على الدوافع التي تجعل سارتاج يصمم على استكمال القضية للنهاية.

أما أفضل ما في تجربة العمل مع فيكراماديتيا موتواني وأنوراج كاشياب من وجهة نظر بطل المسلسل فكانت استعدادهم الدائم للعمل. "في بوليوود نقضي وقت طويل في انتظار تحضير الإضاءة والكاميرا، أما في هذا المسلسل لم تتم الاستعانة بالكثير من معدات الإضاءة، كانت الكاميرا معدّة دائمًا للعمل وكنا ننتقل من مشهد للآخر بسرعة، أمر مرهق لكنه بالتأكيد أكثر إمتاعًا من الانتظار كي تعمل لدقائق قليلة كل يوم".

شرير من نوع خاص

دور رجل العصابات جانيش جايتوندي الذي يحكم العالم السفلي للمدينة يجسده الممثل نواز الدين صدّيقي، وهو وجه معروف يعمل بامتياز بين بوليوود والسينما المستقلة الهندية، وفي مهرجان كان الأخير كان حاضرًا بلعب دور البطولة في فيلم "مانتو" الذي تنافس في مسابقة نظرة ما.
الدور كان في حاجة لممثل بقدرات صدّيقي، ففيه يجتمع العنف بالحكمة، والطمع بالزهد في كل شيء، خلال الرحلة التي يقطعها جايتوندي وفيها يتمثل تاريخ مومباي الحديث. "تعاملت مع الشخصية من مدخل إنساني بحت. كل البشر تتغير مشاعرهم وتصرفاتهم باختلاف الزمن والمواقف. حاولت في كل مرة إيجاد التفسير الملائم لما يفعله جايتوندي. الشخصية تبدأ من عمر العشرين حتى ما بعد الخمسين، ما قمت به هو التفكير فيما كان عليه قبل أن يبلغ العشرين، للإمساك بنقطة البداية وتطوير مسار الشخصية بناءً عليها"، يوضح نواز الدين صدّيقي أسلوبه في التعامل مع الدور.

وعن صعوبات العمل يقول صدّيقي "كان عليّ في اليوم نفسه أن أصور مشاهد اتنقل فيها بين حالتين مختلفتين تمامًا، جايتوندي في شبابه الذي تحركه الرغبة في اكتساب القوة وفرض السيطرة على كل شيء، وهو في عمر الخمسين بعدما سأم كل شيء وقرر الابتعاد عن العالم. التحدي اليومي كان العثور على شكل الأداء المناسب لكل مرحلة والذي يعبر عن كل ما خاضه الرجل في حياته الصاخبة".

امرأة في عالم الرجال

أما الدور النسائي الرئيسي في المسلسل فتجسده النجمة راديكا أبتى، التي تلعب شخصية محققة الشرطة التي تعمل داخل عالم عنيف يحكمه رجال فاسدون سواء في جهة الشرطة أو في عالم العصابات، الممثلة شرحت لنا أهم تحديات الدور ودوافع أداءه.

"عندما نسمع عن شخصية محققة شرطة نتخيل شكلًا معينًا للملابس والحركة مستمد من الأفلام، لكن حقيقة الأمر إنها مهنة تلزم من يمارسها بأن يحاول طوال الوقت أن يبدو في صورة عادية لا يمكن ملاحظتها وسط الجموع، لذلك فقد استقرينا عند رسم الشخصية ألا ترتدي أي ملابس ملفتة أو حتى اكسسوارات يمكن أن تصدر صوتًا يلفت الانتباه. مع اختيار أن تكون فتاة مباشرة صريحة تقول ما تريده بوضوح ودون أي كلمة زائدة عن اللازم".

"هي أيضًا تريد أن تعمل في التحقيقات على أرض الواقع بينما يحيط بها رجال يريدون حصرها في الأعمال المكتبية، لذا فهي في تحدٍ طوال الوقت مع نفسها ومع العالم لكسر التصورات النمطية وإثبات قدرتها على أداء مهام وظيفتها".

راديكا ترى أنه ورغم كون الحكاية متعلقة بمدينة مومباي التي تكاد تكون إحدى شخصيات المسلسل، إلا أن العمل يحمل داخله قدرة على التواصل مع الجمهور في أي مكان بالعالم، وهو ما قد يكون السبب الذي دفع شبكة نتفليكس لاختياره ليكون أول إنتاجاتها في الهند. فهو عمل يعرض وجه لمدينة اعتاد العالم أن يشاهدها في صورة من اثنتين: إما مدينة نجوم بوليوود المبهرة أو مدينة الفقراء المعدمين، لكنها في "ألعاب محرّمة" تظهر بصورتها الحقيقة كمزيج من كل ذلك وأكثر بكثير.

تحدي الخروج من ديكتاتورية الأقلية

بالرغم من المحتوى الكثيف للمسلسل وبنائه الدرامي المعقد إلا أن صناعه يراهنون على تحقيقه نجاحًا كبيرًا داخل الهند وخارجها، وأن يكون بمثابة كسر لديكتاتورية الجمهور الذي يدفع سينما بوليوود أن تكرر من نفسها. فيوضح المخرج أنوراج كاشياب أن "الأرقام تقول أن أنجح فيلم في تاريخ الهند شاهده 3% فقط من تعداد السكان. هذه النسبة هي الديكتاتور الذي يحكم أفكارنا ويوجه أعمالنا. دخول نتفليكس غير القواعد، وجعل مسلسلات مثل "دارك" وهو تجريبي ومعقد مقارنة بالصناعة السائدة يلاقي نجاحًا كبيرًا بين جمهور مختلف، وهو ما نحاول الوصول له بعملنا".

أيام قليلة وسيبدأ هذا التحدي الآت من شبكة صارت هي الأكبر والأكثر تأثيرًا في صناعة الدراما حول العالم، والتي تحاول خلق نماذج درامية وإنتاجية جديدة في كل مكان، أحدثها "ألعاب محرّمة" الذي يمكن مشاهدة حلقاته كاملة بدءًا من 6 يوليو على شبكة نتفليكس.

للمزيد من المعلومات عن المسلسل يمكن زيارة صفحته الرسمية على موقع Facebook

اقرأ أيضا

"حرب كرموز".. دروس بيتر ميمي في الوطنية والشهامة والأخلاق

Disenchantment.. مسلسل جديد من صناع "سيمسونز" على Netflix