FilFan.com
FilFan.com تاريخ النشر: الثلاثاء، 14 يونيو، 2005 | آخر تحديث: الثلاثاء، 14 يونيو، 2005

روتردام (هولندا) – رويترز : يرى المخرج اللبناني محمد سويد أن الأفلام التسجيلية في العالم العربي تعاني حصارا ومشكلات في مقدمتها عدم وجود قنوات وثائقية متخصصة في حين انتزعت الأعمال الوثائقية في الغرب الاعتراف بهويتها الفنية وشخصيتها الإخراجية منذ بدايات السينما.

وقال سويد الذي رأس لجنة تحكيم مسابقة الأفلام التسجيلية بمهرجان الفيلم العربي بروتردام بهولندا إن القنوات التلفزيونية الإخبارية تكاد تكون المصدر الوحيد المتاح لعرض الفيلم الوثائقي العربي خارج المهرجانات المفتوحة لاستقباله وصالات السينما "المقفلة في وجهه".

وأضاف في مقابلة مع رويترز على هامش المهرجان الذي انتهت دورته الخامسة الاسبوع الماضي أن بلدانا عربية منها "لبنان وفلسطين ومصر والاردن تشهد الآن حركة مستقلة" في هذا المجال لكن إنتاجها يواجه كثيرا من العقبات قبل وصوله إلى شاشات التلفزيون.

واستطرد "عقبات تتعلق بعدم استجابة الافلام لمعايير التلفزيون أو بسياسة المحطات أو بأنظمة المراقبة المحلية".

لكنه أشار الى أن ما وصفه بطفرة الفضائيات أثمرت إطلاق مساحة للشريط الوثائقي العربي "ولا يتوقف ذلك عند مرور هذا الشريط في القنوات العربية بل أيضا في الكثير من الشاشات الاوروبية والاسترالية والكندية وسواها من الشبكات التلفزيونية التي تشكل الرافد الأساسي لإنتاج الفيلم الوثائقي وعرضه على ملايين المشاهدين في العالم".

ومنح مهرجان روتردام الأخير جائزته الثانية "الصقر الفضي" في مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة لفيلم "غير خدوني" الذي أخرجه المصري تامر السعيد وأنتجته قناة الجزيرة الفضائية ويتناول ملابسات اختفاء عدد من المعتقلين السياسيين لمدة تسع سنوات بعد خروجهم من سجون المغرب في عهد الملك الراحل الحسن الثاني.

وقال سويد إن الأفلام الوثائقية في الغرب تحظى بالاهتمام اللائق بها حتى أن بعض هذه الأعمال حصلت على الجوائز الأولى في مهرجانات دولية كبرى "وهذا يدل على تفاوت الوعي الجماهيري والنخبوي وأيضا التجاري بين الغرب والشرق خصوصا في البلدان العربية والنامية حديثا حيال الفيلم الوثائقي.

وفسر ذلك "إذا أخذنا البلدان العربية نموذجا نجد أن الإعلام الرسمي الموجه والمؤسسات الإعلامية الحزبية التي ساهمت بشكل أو بآخر في انتاج الأشرطة الوثائقية قد كرست مفهوم وممارسة خاطئة جعلت السينما الوثائقية أسيرة البروباجندا السياسية أو التحقيق الصحفي أو الافلام المعدة للتعريف بالشركات والمؤسسات الصناعية".

وأضاف أن للفيلم الوثائقي في الغرب جذورا "وطيدة حيث انتزع الاعتراف بهويته الفنية وشخصيته الإخراجية منذ بدايات السينما كما أن لعرضه في الدور التجارية تراثا متواصلا منذ حقبة السينما الصامتة ...ثروة الفيلم الوثائقي الغربي ودور المخرج المؤلف توضع على المستوى نفسه من أعمال روائية خطفت الأضواء في مناسبات عدة".

وأشار إلى أن الأمر في العالم العربي احتاج أعواما طويلة حتى ظهر جيل من المخرجين منهم السوري عمر أميرالاي واللبناني برهان علوية والفلسطيني ميشيل خليفي "الذين غيروا مسار الفيلم الوثائقي وأعطوه من الشعر والرؤية الذاتية ما يصحح الكثير من المفاهيم الخاطئة في حقه".

ولكن سويد لا يتحمس للمطالبة بتشريع عربي يقضي بفرض فيلم تسجيلي للعرض في دور السينما قبل عرض الفيلم الروائي عربيا كان أم أجنبيا وقال "يقيني أن لا شيء يتم بالفرض ، لقد أثبت القائمون على توزيع الأفلام وبرمجتها سواء في دور السينما وشاشات التلفزيون قدرة فائقة في التحايل على كل التشريعات التي صدرت بغرض دعم الإنتاج الوطني وحمايته ، المطلوب هو تحديث العقلية التجارية السائدة".

وأوضح أنه من الناحية التشريعية يمكن للمؤسسات الحكومية والقوانين الوطنية أن تؤد دوراً مادياً في رعاية عملية إنتاج الفيلم الوثائقي وتوزيعه كما تستطيع محطات التلفزيون استيعاب الكثير من متطلبات إنتاج هذا الفيلم وعرضه بل توفير امكانات أفضل عبر دخولها في عمليات الإنتاج المشترك مع المحطات الغربية "لكن هذا غير ممكن حاليا وتكمن الصعوبة في سبب بسيط هو أن الفيلم الوثائقي نتيجة للحرية والديمقراطية ولا تستطيع التلفزيونات العربية المغامرة بريادة تجربة الحرية والديمقراطية".

ووصف سويد بعض الافلام الوثائقية بأنها "جاءت من قلب المواجهة مع إدارة الرئيس الاميركي جورج بوش" ومنها فيلما "11 - 9 فهرنهايت" Fahrenheit 9/11 للأمريكي مايكل مور و "العالم كما يراه بوش" للفرنسي وليام كاريل ، ويناقش الفيلمان دوافع السياسة الخارجية الأمريكية تجاه العالم والعرب على وجه الخصوص بعد هجمات 11 سبتمبر أيلول 2001.

وأضاف أن هذين الفيلمين "عكسا نوعا من الرقي في دخول الفيلم الوثائقي حلبة النقاش السياسي واللاعبين المؤثرين في تحديد خيارات الامة في مجتمع غربي".

وقال إن الأمر لا يتعلق بغياب الظرف السياسي العربي الذي يغري مخرجا عربيا بانتاج مثل هذه الافلام "على العكس فالتفكير في إنتاج هذا النوع من التجارب يستتبع التفكير في استحالتها لان أبواب البحث والتحقيق والوصول الى الوثائق تبقى مغلقة في وجه أي باحث عربي بل وتعتبر عبثا في الأمن القومي وسط حكم الدكتاتوريات القائمة في منطقتنا العربية".

وأشار سويد الى أن السينما العربية على مدى أكثر من نصف قرن لم تتناول قضية الفلسطينيين في فيلم يتميز بالصدق الفني والانساني الذي يخاطب المشاهد الغربي ، وأضاف بشيء من الدهشة "الفضل في إنتاج "باب الشمس" يعود إلى قناة "ارتي" الفرنسية-الالمانية".

وألف سويد وأخرج أفلاما وثائقية منها "عندما يأتي المساء" و"غياب" و"ثلاثية المنزل" و"لحن الفرح" و"قطر الندى" و"مصير" ، وشارك في كتابة سيناريو وحوار الفيلم الروائي الطويل "باب الشمس" الذي أخرجه المصري يسري نصر الله عن رواية بالعنوان نفسه للكاتب اللبناني الياس خوري ، وعرض الفيلم الذي تجاوزت مدته أربع ساعات في مهرجان كان السينمائي العام الماضي واعتبره سينمائيون أصدق الافلام التي تناولت السياق الذي تم فيه تهجير الفلسطينيين منذ مطلع الاربعينيات حيث اقترب من البشر بقدر ابتعاده عن الايديولوجيا والاحكام الجاهزة.