أمل مجدي
أمل مجدي تاريخ النشر: السبت، 1 أبريل، 2017 | آخر تحديث:
les petit chats

في السنوات الأخيرة، طغت حالة يمكن وصفها بالحنين إلى الماضي أو "نوستالجيا" على المجتمع بشكل عام، وكأنه نوع من الرفض لإيقاع الحياة السريع، الذي فرضته التكنولوجيا الحديثة بكافة أشكالها. وتمثل هذا الحنين في صور عديدة؛ منها ظهور ممثلين ومطربين لمع نجمهم في القرن الماضي كوجوه لإعلانات دعائية جديدة وسط احتفاء الجمهور من مختلف الأعمار، ومنها تخصيص برامج تتحدث عن أيام الزمن الجميل وعلاقات المشاهير آنذاك، إلى جانب عودة أنماط معينة من الموسيقى والأزياء -بعد اختفاء لسنوات طويلة- إلى الساحة مرة ثانية.

والحقيقة أن هذا التوجه يسيطر نوعا ما على السينما العالمية وتحديدًا الأمريكية، التي تسير بخطى ثابتة نحو إعادة إحياء عدد كبير من أفلامها الكلاسيكية، لتقدمها بصورة جديدة معتمدة على التقنيات الحديثة مثل Mary Poppins، وThe Birds، وA Star Is Born.

وسط هذا التوق والشغف إلى كل ما هو يحمل رائحة الماضي، يأتي الفيلم الوثائقي الموسيقي Les Petits Chats للمخرج شريف نخلة، ليذكرنا بواحدة من أهم الفرق المصرية التي ظهرت في الستينيات من القرن الماضي، وشهدت انطلاق عدد من الفنانين الكبار مثل عمر خيرت، وعزت أبو عوف، وعمر خورشيد، وهاني شنودة، وطلعت زين.

نستشف مع بداية الحوارات أن الفرقة التي كونها وجدي فرانسيس لإعادة تقديم أشهر الأغاني الأجنبية من مختلف دول العالم، ارتبطت بقصد أو دون قصد بالأحداث السياسية التي جرت في الستينيات، فظهورها من الأساس كان بمثابة مقاومة لحالة العزلة؛ التي فرضت على مصر بعد النكسة وتسببت في اختفاء التنوع الموسيقي الذي اعتاد عليه الشعب. لذلك حققت نجاحًا كبيرًا عند انطلاقها في عام 1967، وتمكنت من تكوين قاعدة جماهيرية بمصر وبعض الدول العربية، لأنها كما يقول أحد أعضائها: "عبرت عن شباب الزمن دا وكانت شبهم".

يقرر شريف نخلة أن يجعل الحدث الأساسي في فيلمه هو الحفلة التي تشهد عودة الفريق إلى الساحة الفنية من جديد بعد غياب سنوات طويلة في عام 2010. ويبدأ في التنقل بين التحضيرات التي تجريها الفرقة استعدادًا لهذا الحدث الضخم، والحوارات المسجلة التي نعرف من خلالها تاريخ الفرقة وأعضائها الأساسيين والمتغيرين ونوعية الجمهور الذي استهدفوه من البداية؛ فهم كما يقول فرانسيس كانوا يرغبون في الغناء داخل الفنادق الخمس نجوم كي تعرفهم طبقة المجتمع الراقي.

تتخلل هذه الأحاديث، مواد أرشيفية مختارة بعناية فائقة تأخذك إلى ما يعرف باسم العصر الذهبي للسينما والفن بشكل عام، حيث موسيقى السبعينيات وأفلامها وألوانها الزاهية؛ فنرى لقطات من أفلام مصرية وعربية شهيرة ممزوجة مع أغاني تعيد تقدمها الفرقة لـ The Beatles، وجيمس براون، وراي تشارلز.

يقدم نخلة الذي يتمتع بخبرة موسيقية عالية نتيجة لانضمامه لعدد من الفرق الموسيقية، صور جديدة لا تعرفها أجيال التسعينيات والألفية الجديدة عن هؤلاء الموسيقيين الكبار وبداياتهم؛ فترى عمر خيرت ذلك الشاب الذي يعزف على الدرامز قبل أن يكتشف شغفه الحقيقي كمؤلف موسيقي وعازف بيانو شهير، وتشاهد المغني النحيف ذو الشعر الطويل طلعت زين وهو يقدم أغاني جيمس براون، وتتعرف على عزت أبو عوف الطالب في كلية الطب الذي يُبرع في العزف على آلة الأورج.

وتتأثر بالشغف الذي يتمتع به بينو فارس عازف الجيتار قبل أن ينضم لفرقة المطرب عمرو دياب، وتستمتع بجمال وقوة صوت كلا من صبحي بدير الذي أصبح بعد ذلك أستاذًا ورئيسًا لقسم الغناء بالمعهد العالي للموسيقى، وصادق قلليني الذي حاول الاستمرار وأصدر عدد من الأغاني المنفردة.

رغم تميز الفيلم إلا إنه يُظهر تأثر مخرجه بالفيلم الوثائقي Searching for Sugar Man الصادر عام 2012 والحائز على جائزة الأوسكار، في عدد من المشاهد وتحديدًا الأخيرة. تدور أحداث الفيلم الموسيقي أيضًا حول المغني رودريجيز الذي أطلق ألبومين لم يحققا نجاحًا في الولايات المتحدة الأمريكية في فترة السبعينيات لكنهما انتشرا في جنوب أفريقيا حتى إنه أصبح أحد أهم المطربين هناك دون أن يعرف، يتتبع الفيلم سبب اختفائه ويبحث في صحة شائعة انتحاره.

تتشابه الحالة العامة للفيلمين في النهاية رغم اختلاف المواضيع، ففي فيلم Searching for Sugar Man ينتظر جمهور جنوب أفريقيا صعود المغني لإحياء حفلة بعد غياب سنوات غير مصدقين إنه على قيد الحياة، وفي Les Petit Chats ينتظر الجمهور المصري صعود الفرقة العائدة بعد أكثر من 15 عامًا على مسرح وسط تصفيق حاد.

اقرأ أيضًا:
بالفيديو- عرض فيلم يحكي عن فرقة Les Petits Chats لـ عزت أبو عوف وعمر خيرت

شاهد الإعلان الدعائي لفيلم Les Petits Chats للمخرج شريف نخلة