#أوسكار_2017- فيلم Fences.. العنصرية بعيون ضحاياها

تاريخ النشر: الثلاثاء، 21 فبراير، 2017 | آخر تحديث:
Fences

هناك قصة طويلة قبل تحويل Fences من مسرحية إلى فيلم سينمائي، علينا أن نتطرق لها قبل الحديث عن الفيلم المرشح لأربع جوائز أوسكار ويتناول قصة حياة أسرة أمريكية من أصول أفريقية في الخمسينيات.

في عام 1987، أي بعد صدور مسرحية Fences للكاتب المسرحي أوجست ويلسون بأربع سنوات، والتي حققت نجاحًا كبيرًا ونالت جائزة بوليتزر للدراما وجائزة توني، قررت شركة Paramount Pictures شراء حق تحويلها إلى فيلم سينمائي، ولكن هذا المشروع تعثر تنفيذه لسنوات كثيرة، ويرجع ذلك لعدد من الأسباب أهمها رغبة ويلسون أن يتولى المسؤولية مخرج أسود اللون.

فقد كتب مقال لمجلة Spin magazine في أكتوبر 1990، جاء فيه "أرفض أن يخرج الفيلم رجل أبيض، وهذا الرفض ليس على أساس العرق وإنما على أساس الثقافة. الرجال البيض لا يناسبون هذه الوظيفة؛ فالوظيفة تحتاج شخص يعرف جيدًا خصوصيات ثقافة الأميركيين السود..شخص لم يشارك في خصوصيات هذه الثقافة يظل غريبًا عنها، بغض النظر عن مدى مهارته أو نواياه الطيبة".

بدأت هذه الأمنية في التحقق عام 2010 عندما عادت المسرحية للعرض مرة ثانية على يد المخرج كيني ليون، وشارك في بطولتها الممثل دينزل واشنطن والممثلة فيولا دافيس. حققت نجاحًا كبيرًا ونالت عدد من الجوائز المهمة مما دفع واشنطن للتفكير في تحويلها إلى فيلم سينمائي صدر نهاية العام الماضي.

ممثلة فسياج

ولهذا سنجد أن الفيلم الذي يقدم قصة تلمس الكثير من الناس وتغوص داخل تفاصيل مجتمع العائلات ذات البشرة السوداء، يتشابه في حالته مع أجواء المسرح حيث الكادرات الواسعة التي يمكنك من خلالها أن ترى كل من هم أمام عدسة الكاميرا، إلى جانب الجمل الحوارية الطويلة الرنانة والمشاهد المؤثرة المتتابعة، صحيح أن دينزل واشنطن كمخرج حاول أن ينقلنا من بين حين وأخر من المنزل إلى الشارع أو الحانة وغيرها من الأماكن إلا أنه من الصعب تجاهل أن هذا الفيلم مأخوذ عن مسرحية.

في Fences يقدم الممثل الأمريكي –الحائز على جائزتي أوسكار- نفسه كمخرج للمرة الثالثة، إلى جانب إنه يؤدي دور البطل محور القصة والأحداث فهو "تروى ماكسون" الرجل الذي عانى من قسوة والده ومن العنصرية التي منعته من تحقيق حلمه كلاعب "بيسبول"، إلى جانب دخوله السجن، كل ذلك تسبب في يأسه وعدم إيمانه بالمجتمع، وبالرغم من ذلك نجده يسعى من أجل تغيير مهمته الوظيفية وتوصيفه من جامع للقمامة إلى سواق.

وعلى الرغم من أنه يحصل على ما تمنى في وظيفته إلا إنه لا يقتنع أن الظروف بدأت في التغير، ولا يصدق زوجته أو صديق عمره، ويستمر في منع ابنه الصغير من ممارسة الرياضة ويدفعه للعمل لأن الرجال البيض لن يتركونه ينجح في الفريق.

تتحول حياة "تروي" لتكون مثل السياج الذي يبنيه حول بيته، فهو يعتقد إنه ليس مثل الذين أعاقوا مسيرة حياته، ولكنه يتحول مثلهم مع الوقت، فيخلق حواجز وأسياج ظنًا منه أنه يحمى عائلته ولكنها مع الوقت تفصل بينه وبينهم؛ فتفسد علاقته بابنه ويظل الأخير يتهمه إنه لا يرغب في أن يراه ناجحًا ومتفوقًا عنه.

ويجمعهما معًا مشهد رائع يكشف الكثير عن شخصية الرجل الذي يخجل من أن يعترف بحبه لطفله. فعندما يسأله ابنه لماذا لا يحبه، يرد بأنه يطعمه ويعتني به ويوفر له السكن، فهل يفعل كل ذلك لأنه يحبه لا!، ولكن لأنها مسئوليته أن يعتني به، ثم يعطيه درسًا وهو حينما يخرج للعالم يجب ألا يهتم بأن الجميع يحبونه أم لا ولكن بأنهم يعاملونه جيدًا. ويظهر أيضًا أن علاقته بابنه الكبير ليست على ما يرام، لأن الأخير رفض أن يكون مثله وفضل عزف الموسيقى.

ولكن من أهم العلاقات في حياة تروى هي علاقته بـ"روز/فيولا دافيس" زوجته، التي تبدو في البداية جميلة وهادئة ولكن مع الوقت نكتشف أن هناك إرث ثقيل من المعاناة والأحلام الضائعة يتواجد خلف الصورة المثالية لهذا الزواج المستمر لمدة 18 عامًا. وفي مشهد رائع من بين المشاهد الكثيرة المميزة التي جمعهما سويًا ومنحتهما الترشح لجائزة الأوسكار في فئات التمثيل، تحدث مواجهة بين واشنطن ودافيس يظهر فيها مدى عدم سعادتهما بالحال الذي وصلا إليه بعد اعترافه بالخيانة.

في المجمل، يكشف الفيلم عن الكثير من التفاصيل الدقيقة والمشاعر المختلطة في العلاقات الأسرية، كما إنه بالرغم من مرور 60 عامًا على أحداثه إلا أنه يصلح للمشاهدة في أي وقت، بل على العكس فهو مناسب جدًا لما تشهده الولايات المتحدة الأمريكية في الفترة الحالية تحت حكم الرئيس دونالد ترامب.

اقرأ أيضًا:

فيلم Lion.. بطل "المليونير المتشرد" يعود بقصة حقيقية بين شوارع الهند وأستراليا

فيلم Manchester By The Sea.. ألم الفقدان والبحث عن بدايات جديدة

فيلم Hidden Figures.. شخصيات منسية من التاريخ تصنع المعجزات