كيف تقدم فيلما للمطاردات بفكرة روبن هود؟ فيلم Hell or High Water يجيب

تاريخ النشر: الأربعاء، 22 فبراير، 2017 | آخر تحديث:
hell or high water

حسنا إن كنت أحد تلك الشخصيات الحادة العنيفة التي تستمتع بمطاردات الصحراء، أو من هؤلاء الذين إن اجتمعوا بنظرائهم تسببوا في كارثة كبيرة فأنصحك كليا أن تشاهد فيلم Hell or High Water خاصة وإن كنت ترغب في سرقة بنك.

العدالة عند أرسطو تذهب بنا إلى دلالتين عامة وخاصة، أما الأولى فهي علاقة الفرد بالمؤسسات الاجتماعية وهنا يكون العام أي مرادفا للفضيلة بالامتثال للقوانين، فالإنسان الفاض هو من يمتثل للقانون.

أما عدالة أرسطو الخاصة فتدل على ما ينبغي أن يكون عليه سلوك الفرد في تعامله مع غيره من أفراد المجتمع، فيلمنا هنا كانت له نظرة فلسفية، اثنين أخين اجتمعا للسرقة، وعلى الجهة الأخرى محققين جنائيين أحدهما خبير بحكم السن، حينما تؤول الأمور لاختلاط المصلحة بشيء ما فكل ممنوع سيكون متاحا ومرغوب فيه.

فكرة الفيلم الأساسية صورت بنكا في البداية على أنه الشر الاقتصادي الذي يرغب في الاحتكار، واثنين كما لو كانا روبن هود، لكن تلك ليست الصورة الكاملة، الحياة أصعب من مجرد إنسان فاضل يلتزم بالقوانين.

عليك أن تكون قويما لكن أيضا أن تقاوم الرأسمالية أفكار الفيلم لم تكن مشتتة كما تبدو الكلمات أو الأفكار الكثيرة هنا، لكنها مسار الفيلم كما يطلق عليها فوضى خلاقة، عقل مدبر وأخ متهور وقوي، ومحققان أحدهما مخضرم، والمعركة الكبرى لم تكن بين الأربعة بل كانت ضد بنك.

المخرج ديفيد ماكينزي برع في تصوير الصراعات المختلفة لنا، فتارة كبرياء المحقق ورغبته في القبض عليهما وإثبات جدارته، وأخرى قتال الثنائي ضد الرأسمالية المتمثلة في البنك، ثم اللحظة الأروع في خوف البنك من خسارة عملائه على كشف المجرمين ليخرج لنا الفيلم فكرته الرئيسية هل دائما كفة ميزان العدالة قويمة؟ من خرج فائزا من تلك المعركة سوى البنك؟

تظل بداية الفيلم والمشاهد الأولى منه أفضل ما خرج منه على الإطلاق، خاصة مع تصاعد وتيرة الأحداث، وأصعب ما في اللعبة بالنسبة للمخرج ماكينزي أن الأوراق كانت مكشوفة منذ بداية الفيلم وبالتالي المشاهد يرى ما لا يراه الأبطال إنها لعبة خطيرة أن تكشف للطرف الأخر أوراقك ولكنها أتت بثمارها خاصة مع الحوارات المتميزة بين الأبطال وأهمها أخر حوار في الفيلم والذي اختتم بجملة "سننهي المحادثة".

والأكثر إجادة لدوره في الفيلم كان كريس باين الذي أجاد بكل براعة، ومن بعده يأتي بن فوستر والذي شكل ثنائيا رائعا معه في دوري "توبي" و"تانر".

فكرة الفيلم الرئيسية اعتمدت على روبن هود لكن في تكساس هذه المرة، والشرير الرئيسي كان النظام الرأسمالي لأمريكا، ونظام الديون ودفع مديونية والدتهم كان مشكلتهما الرئيسية.

على غير المتوقع من أن المشاهد قد يمل من التركيز على منطقة واحدة في التصوير، إلا أن ذلك منح الفيلم أبعادا وقوة أكثر بكثير، ليس فيلما معتادا للمطاردات، بل إنه مطاردة مع وعي أخلاقي والطرفان ليسا لهما طائل ولن يفوز أحدهما في النهاية.

قد يبدو لك الفيلم معروفا أو مشابها لـNo country for Old Men لكن انتظر فأنت مخطئ، نعم المطاردات والصحراء أمر اعتدنا أن نراه في هوليوود، مطاردات بين اللصوص والشرطة ونتذكر جيدا الفترة من 2009 وحتى 2012 وعدة أفلام ناقشت ذات القصة، لكن بإمكانك أن تنظر لعمق قصة Hell Or High Water لتعرف أنك أمام فيلم متميز للغاية، حوارات ذكية للغاية، مشاهد متقنة، والأهم قصة عنيفة وقوية لأصحاب المزاج السيء وضعها ماكينزي بطريقة أكثر من رائعة لتخرج لنا فيلما جميع أطرافه تتصارع والشرير سيشاهد ويتخلى عنهم في النهاية.