فوجئ متابعو القنوات الفضائية المتخصصة في الموسيقى والغناء بفيديو كليب مختلف نوعياً عما اعتادوا مطالعته على شاشاتها ، وهو الخاص بأغنية "هما مالهم بينا يا ليل" للمطرب الصاعد هيثم سعيد الذي ظهر من قبل في برنامج "سوبر ستار 1" المتخص في تقديم المواهب الغنائية الجديدة ، وما أن تم عرض الكليب حتى أصبح مثاراً للجدل والحوار بين الجمهور ليس بسبب جودة الأغنية أو ردائتها أو لأن المشاهدين تمعنوا في الكلمات ومحصوا في الموسيقى أو حتى انتقدوا الفيديو كليب كعمل فني أو كان جمال "الموديل" وملابسها العارية محور حديثهم لفترة من الوقت كالمعتاد ، ولكن على العكس كان "الحجاب" هو السبب ، فتاة الاستعراض هذه المرة كانت "محجبة"!
وانخرط الجميع ما بين مؤيد ومعارض لهذه "الواقعية" غير المتوقعة في الكليب الجديد ، وظهر ذلك جلياً في غرف ومواقع الدردشة الإليكترونية على الإنترنت وفي جلسات النميمة الشعبية ، وفي المقاهي والتجمعات النسائية والشبابية.
وما يبدو واضحاً أن المشكلة ليست في الفتاة المحجبة فقط ، ولكن جانب كبير منها في واقع الأمر يتعلق بالمخرج شريف صبري صانع نجومية الفنانة "روبي" مطربة الرقص في الشارع التي فتحت طريقاً جديداً للغناء ببدلة رقص ساخنة في أولى أغنياتها التي كانت تحمل عنوان "إنت عارف ليه" ، والتي حازت بجدارة لقب "مطربة البسكليتة" في ثاني أغنياتها "ليه بيداري كده" ويبدو أنها على موعد مع لقب جديد يطلق عليها بعد كليبها الجديد "إبقى قابلني" والذي تظهر فيه في ثوب فرعوني مختلف وجديد ، ولكن لم يظهر جلياً ما هو اللقب الجديد الذي ربما يكون "فتاة الثعابين" أو ما شابه! وهي أيضاً بطبيعة حالها منذ ظهورها على موعد مع هجوم شديد ونقد لاذع يفوق ذلك النقد الذي واجهته في أغنياتها السابقة ، وربما تدخل أيضاً البرلمان المصري لتثير ضجة أكبر من التي أثارتها سابقاً.
إلا أن تقديم المخرج شريف صبري لتجربة "الموديل" المحجبة في كليب "هما مالهم بينا" وتركيزه على خاتمي الخطوبة في يدها ويد المطرب هيثم سعيد أثناء نزهتهما على كورنيش النيل فجر الأزمة ، حيث رحبت القنوات الفضائية – التي فتحت الباب على مصراعيه من قبل أمام أغنيات العري لمجرد العري - بوجود فتاة محجبة تتمايل على ضفاف النيل على شاشاتها ، وتعالت الأصوات المتحدثة حول واجب التليفزيون في الارتفاع بالذوق الفني والاجتماعي للجمهور مطالبة بمنع عرض هذا الكليب مطالبين أنس الفقي وزير الإعلام بشن حملة تغييرات شاملة داخل التليفزيون المصري فيما يتعلق بالفيديو كليب وتشمل أيضاً القنوات الفضائية الخاصة ، وتضع ضوابط ورقابة على كليبات العري.
والحقيقة أن هذا بدا غير مفهوماً بالنسبة لي ، ففي حقيقة الأمر ، لو مر أي شخص في أي توقيت كان على كورنيش النيل أو كوبري 6 أكتوبر أو قصر النيل أو أي مكان مطل على النيل أو حتى على البحر في الإسكندرية ، سيجد أن معظم "الأحباء" الذين يستمتعون بوقتهم هناك حبيباتهم من المحجبات كنتيجة طبيعية جداً لانتشار الحجاب بين الفتيات في الأعوام الأخيرة.
ومن ناحية أخرى ، ظهرت الفنانة منى زكي بالحجاب فى فيلم "سهر الليالي" ، وكذلك هند صبري في فيلم "أحلى الأوقات" لم نسمع أو نقرأ رأي معارض لهذا النموذج لأنه مكتسب من الواقع ، فلماذا نعترض عليه إذن في مجال الأغنية المصورة؟!
ويبدو أن المخرج شريف صبري أراد أن يقول لنا : "إن كنتم معترضون علي كليبات روبي المثيرة والعارية من وجهة نظركم ، فسوف ألقي الكرة هذه المرة في ملعبكم" ، واستعان بفتاة محجبة تحب وتقف علي الكورنيش ، وهذا من حقها ، ولكن هذا الحب الذي جعلها ترقص وتتمايل في الشارع هو ما استفز المشاعر الدينية لدى المصريين ، وذلك على الرغم من أن شريف صبري استخدم مهاراته الإخراجية وبصيرته الفنية والإجتماعية في إظهار خاتمي الخطوبة في يد المطرب والموديل "الملتزمة" ، ليؤكد شرعية ومباركة الأهل والأصدقاء و"أولاد الحتة" جميعاً لمقابلة الثنائي على الكورنيش! وذلك على عكس روبي التي حتماً أغضبت "أولاد حتتها" بإصرارها على ممارسة رياضة ركوب الدراجات وحمل الأثقال على الملأ أو بنزولها ببدلة الرقص الأولى في شوارع إحدى العواصم الأوروبية.
العاقل سيدرك على الفور أن هدف "الدكتور" المخرج هو إثارة الرأي العام واستغلال ذلك دعائياً لصالحه والمطرب الناشيء لتحقيق الشهرة المطلوبة.