مي الحسيني
مي الحسيني تاريخ النشر: الاثنين، 22 نوفمبر، 2004 | آخر تحديث: الاثنين، 22 نوفمبر، 2004
علي الحجار

من المعروف عن أسرة الحجار تبنيها لمواهب أبناءها الفنية،فابراهيم الحجار كان يقدمك أنت و أخوك أحمد معه دائماً منذ احترافك للغناء، و أنت قمت بتقديم ابنك أحمد مؤخراً في أحدى الحفلات بدار الأوبرا المصرية ، فلماذا لا يمتد هذا السلوك الفني و الأسري النبيل ليشمل الموهوبين غنائياً من خارج آل الحجار؟
هذا يحدث بالفعل ، فقد قدمت مثلاً المطربة حنان ماضي في بدايتها حيث وافقت على أن تغني معي أغنية المقدمة و النهاية لمسلسل "المال و البنون" في جزءه الأول ، بالفعل أثبتت تميزها كصوت جميل بمساعدة زوجها الملحن ياسر عبد الرحمن من خلاله، كما كان لوالدي الفضل في ظهور العديد من مطربي جيلي المتميزين و منهم طارق فؤاد و أنغام و أحمد إبراهيم ومدحت صالح ونادية مصطفى وشيرين وجدي وأنوشكا وغيرهم.

بالإضافة إلى أنني أرعى حالياً موهبة فنية جديدة متميزة أتمنى لها كل التوفيق، تتجسد في صوت "محمد معين" و هو مطرب شاب مغمور و لكني أتوقع له نجاحاً كبيراً بإذن الله.

كما أقوم حالياً بتأثيث مدرسة للتمثيل و الغناء في جراج منزلي بالمقطم ،بالتعاون مع الفنان توفيق عبد الحميد، و لكن ماتزال امامنا بعض العقبات التي سنقوم بتذليلها بعون الله.

و لماذا عارض ابراهيم الحجار احترافك للغناء في البداية رغم أنه كان فناناً قديراً ساهم في تكوين جيل غنائي متميز؟
والدي خاف عليّ من أن أكرر مآساته المادية التي لازمته طويلاً بسبب الفن، فهو أول من نزح من بني سويف للقاهرة من آل الحجار المشهورين بأصواتهم الجميلة منذ القرن الثامن عشر طلباً لشهرة، و تعلم الموسيقى على يد مصطفى بك رضا مدير راديو مصر و غيره من الفنانين القديرين، حتى تقدم للالتحاق بالإذاعة، و هناك أصر أحد المسؤلين على أن يغير اسم "الحجار" و هو ما رفضه والدي و صمم على الاحتفاظ بقلب عائلته، ليجد نفسه دون عمل أو مصدر رزق كاف.

و مرت الأسرة كلها بأوقات عصيبة نتيجة لذلك، مازلت أتذكره حتى الآن،حيث تنقل أبي بين العديد من المهن،فعمل لفترة كمدرس موسيقى في ملجأ للأطفال مثلاً، و اضطرت والدتي للعمل كخياطة لمساعدته مادياً،و أتذكر أيضاً أنه لم يكن لدي دائماً سوى قميص و بنطلون واحد طوال فترة الجامعة لأنني كنت أستحي في ظل هذه الظروف أن أطلب أي شئ من والدي..و استمر الوضع كذلك لفترة طويلة حتى عمل كمطرب في كورس غنائي، و التحق بمعهد الموسيقى العربية،الذي قام بالتدريس فيه فيما بعد.


وكيف استطعت أن تتغلب على معارضته و تحترف الغناء ، و كيف أقنعته بمساندتك فيما بعد؟
بعد أن أنهيت دراستي الثانوية صمم والدي على أن التحق بكلية التجارة، ووافقت على ذلك نظراً لتعلقي الشديد به، و لكني لم أحتمل الدراسة فيها لفترة طويلة،و تركتها و التحقت بكلية الفنون الجميلة دون علمه، و أثناء دراستي هناك التحقت بفرقة التخت العربي ،و غنيت معها لفترة طويلة دون علمه أيضاً... و استمر الحال هكذا .. حتى دعوته ليشاهدني لأول مرة و أنا أغني على خشبة المسرح امام الجمهور، و ثار هو في البداية و رفض الحضور في البداية ، و لكنه جاء في النهاية بعد إلحاح من والدتي، و يومها فوجئت أنا باحتفاء الجماهير بي ، و هو ما جعل أبي أيضاً يتقبل الفكرة و يتخطى معارضته، خاصة أنه كان مقتنعاً بموهبتي منذ البداية و كان دائماً ما يوجهني بشأنها، و قال لي يومها "يا علي، عاوز تغني..غني.. بس بشرط إنك تعمل أغاني تعيش بعد ما تموت، مش أغاني تشوفها بتموت و انت عايش."

يبدو لي الآن أن هذه النصيحة الذهبية كانت وراء نجاح علي الحجار فنياً و تراجعه تجارياً في الفترة الأخيرة.. فهل هذا صحيح؟
أنا مقتنع تماماً بهذه المقولة الذهبية على حد تعبيرك، لأني أحترم فني ، و تعلمت أن الكلمة لها قيمة و اللحن له قيمة، و أحرص دائماً على أن تكون كل العناصر المكونة لأغانياتي "جميلة" تطرب المستمع، و لن اتنازل عن ذلك ، و لذلك اتجهت للانتاج حتى لا أخضع لشروط السوق التي أصبحت للأسف دون المستوى،و التي أعتقد أن القنوات الفضائية الخاصة لعبت دور كبير فيها.

هل تعتقد أن القنوات الفضائية ساهمت في الانخفاض بمستوى الأغنية العربية؟
نعم، لأنها لا تتردد في إذاعة كل ما يعرض عليها من أغنيات دون النظر للمضمون أو اللحن أو القيمة الفنية "لتعبئة"ساعات إرسالها لمدة 24 ساعة ، و لا رقيب عليها لأنها مستقلة و تمويلها خاص حيث أن معظمها مملوك لرجال أعمال يبحثون في المقام الأول عن النجاح التجاري، و مما زاد الامر سوءاً هو ظهور إذاعة النجوم FM.

لماذا؟ أتراها دون المستوى هي أيضاً؟
لا ، لا أقصد ذلك، فهي إذاعة لطيفة و خفيفة ذات طابع شبابي، و لكنها للأسف ساهمت أيضاً في إضفاء المزيد من الشرعية على الأغنيات الهابطة، ففي البداية كنا نراها فقط في التليفزيون على اعتبار أنها جذابة بصرياً.. و لكن للأسف إذاعة النجوم، أخذت نفس هذا المخزون و أذاعته على موجاتها، فاتخذت هذه النوعية من الغناء شكلاً شرعياً بوصفها "أغنيات حقيقية" و ليست مجرد استعراضات أو مونولوجات، و هو ما يسيئ كثيراً للأغنية العربية.


ولكن تمسكك بمعاييرك الفنية الخاصة أدى إلى تراجعك تجارياً بشكل ملحوظ منذ أواخر التسعينيات، بعد أن كنت في القمة.. ألم يجعلك ذلك تفكر و لو لمرة واحدة في تغيير لونك الغنائي مقابل الانتشار ؟
أبداَ، و هذا لا يعني انني أرفض التطور، بالعكس، فأنا أبحث دائماً عن كلمة و لحن و توزيع جديد و لكن بما يتناسب مع علي الحجار ، و صدقيني لو قدمت أغنية شبابية أو صاخبة أو روشة..إلي آخر هذه المسميات سأخسر كل شئ " لأنها مش هتليق عليّ".. و عندها سأفقد طابعي الخاص.. و لن أصل أيضاً للنجاح ك"مطرب كليبات" ..سأصبح حالة و سط مشوشة بين الاثنين.. و ما أرفضه تماماً.

هل توافق لو عرض عليك أحد المغنيين الجدد أو "مطربي الكليبات" أن تقدم معه دويتو غنائي؟
أوافق لو كان سيضيف لي، و بشرط أن تكون إمكانياته الصوتية على قدم المساواة أو أكبر من إمكانياتي، حتى يرتفع بي...لأنني غير مستعد للهبوط..أرحب مثلاً بالغناء مع أنغام أو أصالة أو مدحت صالح أو غيرهم من المطربين القديريين.

و لماذا لا ترتفع أنت به ؟
لأن الصوت الجميل هبة من عند الله، لو كان يفتقر إليها ، فلا حيلة لي معه..

لماذا تأجل صدور ألبومك الجديد؟
نظراً لانشغالي الشديد في الوقت الحالي، بالإضافة إلى بعض المشكلات الانتاجية.

وما السبب وراء انشغالك حالياً؟
أنا حالياً منشغل بتصوير مسلسل مستوحى من رباعيات الفنان الراحل صلاح جاهين مع المخرج هاني اسماعيل و هو فكرة السيناريست أشرف محمد الذي اعتمد في كل حلقة من الحلقات الخمسة عشرة على رباعيتين، الأولى يفتتح بها الحلقة ويقدم فيها تصوره وفهمه لها في اطار تصور درامي جمالي يسهل على الجمهور فهمه،و الثانية تختتم بها الحلقة وتلخص الحكمة المستخلصة من الحلقة. و هذه هي المرة الأولى التي يتم تحويل الرباعيات فيها لدراما تليفزيونية.

لماذا يعد علي الحجار علامة مسجلة بالنسبة لتترات المسلسلات التليفزيونية؟
لأن مخرجو التليفزيون يرون أن "صوتي درامي" أي يتميز بمسحة درامية و قادر على التعبير عن المعني الكامن في أغنية البداية و النهاية و التي تكون بالطبع مرتبطة بموضوع و أحداث المسلسل نفسه، هذا بالإضافة إلى إجادتي لمعظم اللهجات المصرية، فالغناء بالهجة الصعيدية يختلف عن اللهجة القاهرية مثلاً..و عندما أقول "يابوي ع الليل و آخره" أقولها بطريقة و أداء مختلفين عن مثيليهما لو كنت سأقول مثلاَ "بحلم و افتح عينيّّ" .. و هكذا.

ما هي تفاصيل خلافك مع يوسف شاهين حول أغنيات فيلم "اسكندرية .. نيويورك"؟
لا أرغب في الحديث عنها، حتى لا تتخذ حجماً أكبر من حجمها الحقيقي.

الكثيرون لا يعرفون أنك قدمت ثلاثة أفلام سينمائية،فلماذا اختصرت مشوارك السينمائي في ثلاثة أفلام فقط؟
قدمت ثلاثة أفلام في الثمانينيات هي "أنياب" عام 1981 مع المخرج محمد شبل و "المغنواتي" سنة 1983 مع المخرج سيد عيسى ،و أخيراً "الفتى الشرير" عام 1988 مع المخرج محمد عبد العزيز، وتوقفت بعدها لأنني لم أجد النص المناسب، و لكني أقوم حالياً بالإعداد لفيلم سينمائي جديد سيتم الكشف عنه في الشتاء القادم و لا أرغب في الحديث عنه تفاصيله في الوقت الحالي.

هل لديك مشروعات فنية جديدة بخلاف الفيلم السينمائي؟
أشارك حالياً في مشروع ثقافي بالتعاون مع صندوق التنمية الثقافية بعنوان "مائة عام على الغناء" أو "100 سنة غناء" و هو يهدف لإحياء التراث الغنائي العربي، عن طريق إعادة تقديم ألحان أباطرة الغناء القدماء مرة أخرى بتوزيع جديد مع الحفاظ على الطابع الأصيل و منهم والدي الفنان ابراهيم الحجار و محمد عثمان و الشيخ أبو العلا محمد و الشيخ سلامة حجازي و فنان الشعب سيد درويش و القصبجي و غيرهم. و حالياً أن المطرب الوحيد المشارك في هذا المشروع، و لكن الصندوق يفتح الباب لمن يريد المشاركة فيه من المطربين.

ماذا عن علاقتك بالانترنت؟
أنا أؤمن بالتطور ، و الانترنت أحد مظاهر التطور الإعلامي و الاتصالي، و لذلك حرصت على أن يكون لي موقعي الخاص على الانترنت و هو www.alielhaggar.com.