برامج الأطفال .. متى تصيبها عدوى التغيير؟!

تاريخ النشر: الاثنين، 16 مايو، 2005 | آخر تحديث: الاثنين، 16 مايو، 2005

لا شك أنه مع التطور الرهيب في وسائل الإعلام التي يشهدها العالم فى الفترة الحالية يتواكب معها طفرات مساوية فى مختلف المجالات ، وعلى رأسها تلك الخاصة بالوسائل التعليمية المختلفة التى تتطور بمرور الوقت ، يثير دهشتي أن التليفزيون المصري يصر وبشدة على تجاهل هذا التطور تجاهلاً تاماً بدون أى مبررات واضحة.

وعلى الرغم من أن الدراسات أكدت على مر العصور منذ ظهور التليفزيون وحتى الآن أن برامج الأطفال يجب أن تنال القدر الأعظم من الاهتمام والعناية من قبل القائمين على تنفيذها ، لأهميتها البالغة فى تكوين وتشكيل الفكر الخاص بالأجيال القادمة ، فإن القائمين عليها تعمدوا إهمالها حتى وصلت إلى مستوى شديد السذاجة لا يكاد يصل إلى أدنى مستوى للتفكير البشري.

برامج الأطفال تحتاج إلى أكبر قدر ممكن من الإبداع ، وأهم دليل على ذلك في رأيي ، السهولة التى تمكن بها برنامج متميز مثل "لعب عيال" الذى قدمه الفنان الكوميدي والمذيع وقتها أحمد حلمي على القناة الفضائية المصرية من جذب جمهور عريض ، وذلك بالتجديد في الشكل والأسلوب المتبع لتقديم برامج الأطفال ، رغم أنه في حقيقة الأمر لم يكن يحمل أي مضمون تعليمي أو إرشادي ثابت.

ومن الغريب أنه بدلاً من أن نجد الجميع يحاول الاستفادة من هذه التجربة "لعب عيال" بتجديد الصورة التقليدية التى تقدم بها هذه البرامج ، فقد ظهر أن الجميع في قنوات التليفزيون المصري المحلي ازدادوا تمسكاً ، ليس فقط بالمضمون التقليدي لبرامج الأطفال ، وإنما بالشكل أيضاً.

وحينما تابعت بعض برامج الأطفال المعروضة حالياً على شاشات التليفزيون المصري لم أجد أى تغيير يذكر فى الشكل عن تلك التي كنت أشاهدها قبل أن ألتحق بالمدرسة الابتدائية ، فحتى "تيترات" البداية والنهاية لبعض البرامج لم تتغير مثل "سينما الأطفال" و"دنيا الأطفال" ، رغم أنني درست على يد أساتدة التليفزيون في "ألف باء الإعلام" أن الموسيقى التى تجذب المشاهد لمتابعة البرامج يجب أن تتغير بمرور الوقت ، وذلك لتغير الجمهور واحتياجاته واهتماماته!

ولم أجد مبرراً واضحاً لهذه الحالة من التكرار سوى أن بعض هذه "التترات" مهداه من كبار الملحنين لهذه البرامج ، لأجد نفسي أتساءل : هل تطغى المصالح والاهتمامات الشخصية على أهمية هذه البرامج؟

وبعد ذلك ، ما كان من مقدمي هذه البرامج إلا أن زادوا الموقف سوءاً ، بأسلوبهم العجيب في التعامل مع الأطفال والذى لا يوصف بشيء غير أنه "مستفز" ، فإما أنهم يتعاملون مع الطفل على أنه لم يتخطي الثانية من عمره ، أو تكتشف عزيزي المشاهد فوراً أن بعضهم اعتقد –ولا حول ولا قوة إلا بالله - أن تقديمه لبرامج الأطفال أعطاه الحق في أن يظهر هو أيضاً بمظهر طفولي شديد الغرابة.

وكنتيجة طبيعية ، أصبح من النادر أن تجد من يتابع هذه البرامج خاصة مع تزايد القنوات الفضائية وتعددها وتخصصها ، فأصبح الطفل يلجأ إلى متابعة أفلام الكرتون المختلفة ، لأنه وجد فيها ما يشبع احتياجاته الترفيهية ، والظاهرة الصحية هنا أن التليفزيون المصري أدرك - والحمد لله - أهمية إنتاج مسلسلات كرتون مصرية ، وجاءت البداية ناجحة على يد الراحلة منى أبو النصر من خلال "بكار" ، الذى حقق نجاحاً كبيراً ، لكني أخشى عليه من أن يلقى نفس مصير هذه البرامج ويستمر في إطار تقليدي بلا تجديد أو تطوير.

برامج الأطفال في كل دول العالم من أهم عوامل تشكيل فكر الأجيال الجديدة حسب سياسات كل دولة .. فهل هي كذلك بالنسبة لنا؟

أرجو ألا يكون ذلك صحيحاً .. وإلا ستكون "كارثة"!