#شريط_كاسيت.. عندما حاول عمرو دياب تقديم "الأندرجروند" في التسعينات

تاريخ النشر: الاثنين، 9 مايو، 2016 | آخر تحديث:
#شريط_كاسيت

ملحوظة المحرر: #شريط_كاسيت هي سلسلة مقالات للكاتب محيي الدين أحمد ينشرها موقع FilFan.com قبل طرحها في كتاب في النصف الثاني من عام ٢٠١٦ يحمل نفس الاسم.

#شريط_كاسيت- وداع لابد منه
#شريط_كاسيت.. أغنية الجيل
#شريط_كاسيت.. طقوس الاستماع
#شريط_كاسيت .. هيا ندخل العالمية بدويتو

لا يوجد في العنوان أي خطأ، بالفعل حاول عمرو دياب تقديم "الأندرجروند" في التسعينات وبعيدا عن الخلاف الدائم بين هل قصد عمرو دياب هذا أم أجبر عليه، أو خدعه أحدهم لتقديم ألبوم كامل "أندرجروند" قبل حتى ظهور المصطلح، في النهاية فعلها عمرو وحسبت له أو عليه.

بالتأكيد لم يكن المصطلح موجود عام 1992 عندما أصدر عمرو دياب ألبوم "أيس كريم في جليم"، وهو ألبوم أغنيات فيلم حمل نفس الاسم، والذي كانت أشهر أغنياته "رصيف نمرة 5" وأغنية "هتمرد" وأخيرا أغنية الفيلم "أيس كريم في جليم"، إلا إن بقية أغنيات الألبوم هي أغنيات "أندرجروند" بامتياز، أو كما وصفها مدحت العدل في أحداث الفيلم على لسان أبطاله "أغنية شارع".

دائما ما يردد صناع الأغنية وتحديدا الشعراء مللهم من أغنيات الحب والغرام، ويبحث بعضهم دائما عن الخروج من هذه المنطقة، فكانت المحاولة تحتاج قالب تتوارى بداخله حتى لا تثير ضدها حالة هجومية من المستمع، فكان القالب فيلم، والدعاية مطرب مصر الأول يمثل دور بطولة ويغني، والقصة عن مغني يبحث عن نجاحه عن طريق أغانيات قريبة من الشارع، يشعر بها المواطن البسيط، فعل صناعة الفيلم كل ما يلزم لتمرير أغنيات لا تتكلم عن الحب والهجر، وإن أحتوى الألبوم أغنية عن الهجر لأن سير الأحداث احتاج إلى هذا، فكانت النتيجة ألبوم "آيس كريم في جليم".

إذا تحدثنا عن الفيلم فقد يأخذنا الكلام بعيدا وبالتأكيد لن ننتهي ونحن نشعر بأننا قد وفينا حق هذا الفيلم، الذي أرى، ومن حقك أن ترى عكس ذلك، أنه أحد علامات السينما المصرية، التي لم تشهد من بعد هذا الفيلم أي محاولة تقترب من النجاح لصنع فيلم (غنائي) بالشكل الذي ظهر به الفيلم، فيلم يغني فيه عمرو دياب، سيمون، عزت أبو عوف، وحسين الإمام، بالتأكيد القدرة على صناعة توليفة من أسماء بحجم عمرو دياب، أشرف عبد الباقي، سيمون، جيهان فاضل، عزت أبو عوف، حسين الإمام، علي حسنين، وعلاء ولي الدين، لن يكون سهل بالتأكيد، خاصة وأنهم جميعا كانوا يتميزون بقدر من النجومية لا يضعهم في مصاف نجوم الصف الأول ولا يعود بهم إلى صفوف الوجوه الشابة، فكان لكل نجم من هؤلاء نجاحات مبشرة في أماكن أخرى، لدرجة جعلت ترتيب الأسماء على شارة الفيلم بالحروف الأبجدية، لنعود إلى الألبوم ونحاول استكشاف كيف مرر لنا مدحت العدل ألبوم "أندرجروند" عام 1992.

ترتيب أغنيات الألبوم نفسه لا يشبه ترتيبها في أحداث الفيلم والسبب تجاري بالتأكيد وهو جعل الأغنيات الناجحة والتي يمكن سماعها خارج سياق الفيلم في بداية الألبوم، البداية في الفيلم كانت بصيحات عمرو دياب، ثم عزف على بيانو اشتراه من بائع "روبابكيا" في إشارة واضحة من مدحت العدل لما وصل إليه حال الموسيقى في ذلك الوقت، وعدتك بالابتعاد عن الفيلم لكن يبدو إنني لن أقدر على هذا، الفيلم به عدة أغنيات لمغنيين أجانب، غير واضح هل هي ذوق عمرو دياب أم مدحت العدل أم خيري بشارة، في مقال أخر سأجمع كل الأغنيات الأجنبية التي كانت خلفية الأحداث في الفيلم، مع بداية ظهور فرقة عمرو دياب - فرقته في الفيلم وفي الحقيقة- تبدأ أغنيات الفيلم، كنوع من أنواع الإحماء يغني عمرو وفرقته أغنية No Woman No Cry لكن على الإيقاع المقسوم.

أول أغنيات الفيلم تأتي بعد بكاء عمرو دياب على حاله في الفيلم ليواسيه يحيى غنام قائلا "أنت دانا" ويوضح بعد ذلك أن الدانا هي الصدفة التي بها لؤلؤة واحد كبيرة، لتأتي أول أغنيات الألبوم "دانا" وهي أغنية مدتها دقيقتان لا يوجد بها كلمات سوى "دانا" ليصنع منها مدحت العدل جملة كاملة "ياه ده أنا دانا" فقط جملة يلحنها عمرو فتصبح كلمة واحدة.

عندما شعر بطل الفيلم بأنه يتواجد في المكان الخطأ مع أشخاص أسرى قوالب وضعوا أنفسهم بها، هرب من أصحاب المال والسلطان، ليجلس بين الخدم ويغني "أنا حر" بالتأكيد يحتاج مدحت العدل مبرر درامي ليجعل عمرو دياب يغني "يا عيون غلطانة في عنواني، يا قلوب مالهاش في الإحساس، جينا عشانكم بس لاقينا، ناس بتعيش على جرح الناس"، الأغنية سجلت بطريقة تجعلك تشعر وكأن الغناء ارتجالي، تبدأ بصيحة من عمرو دياب "أنا حر" تشعر وكأن صوتها أعلى من اللازم ولكن بطريقة مقصودة، ثم بعد ذلك يدخل أصوات الكورال رجال ونساء بطريقة غير منتظمة، درجة صوت غناء الكورال تعلو ويبدأ الرجال بالغناء أولا ثم تلحقهم النساء في منتصف الغناء، أما عن التصفيق بطول الأغنية فهو غير منتظم على الإطلاق، يعلو صوته وينخفض، هذه الأغنية تستحق الإشادة بسبب طريقة توزيعها وتنفيذها.

الأغنية الثالثة هي "هتمرد"، لا تحتاج إلى دراما أحدهم مجروح بعد خيانة حبيبته، ومع ذلك قصد مدحت العدل أن تحتوي الأغنية على كلمات غريبة بعض الشيء عن هذا النوع من الأغنيات "كداب القلب اللي يساوم، ويغالط إحساسه وواهم".

الأغنية الرابعة هي "رصيف نمرة 5" والتي تبرأ منها عمرو دياب بطريقة في غاية الغرابة، بعدما صرح بأنها صنعت من أجل السخرية من هؤلاء الشعراء الذين كانوا يعرضوا عليه أعمالهم عندما كان طالبا في الكلية، ويزيد من غرابة الادعاء بقية أغنيات الفيلم والألبوم، وهي الأغنيات التي بها خروج عن النص أكثر بكثير من أغنية "رصيف نمرة 5" ذائعة الصيت، والمفهومة كلماتها ولا يوجد بها أي طلاسم كما حاول عمرو دياب ادعاء ذلك.

الأغنية الخامسة تأتي في سياق الأحداث بعد فشل أغنية "رصيف نمرة 5"، لذلك لم يجد "سيف" بطل الفيلم حل سوى أن يرتجل أغنية بعد أن أدعى أنه وفرقته من متحدي الإعاقة، أغنية و"إحنا معاك" والتي تعبر عن سياق الأحداث عندما فقد "سيف" القدرة على الارتجال ليغني "كوبليه كمان والغنوة هتخلص استر يا إما في سجن نبات" ليسرع نور صديقه الشاعر بإمداده بكلمات الكوبليه الثاني ليكمل سيف "جانا الفرج يا سلام سلم ونور صاحبنا باعتلي حاجات" لتكون الجملة الثانية في الكوبليه من أعظم ما كتبه مدحت العدل في أغنيات الفيلم "يا معوقين الدنيا اتحدوا الكون مشاع كان في البدايات" ليكمل عمرو بعدها "والله ما أنا فاهم حاجة نقطنا يا ابني شوية سكات".


أغنية محذوفة لم تظهر في الألبوم وظهرت كبروفة لم تكتمل في أحداث الفيلم، يمكن تسميتها "أنا" غنى منها عمرو دياب "أضواء نيون الإعلانات أنا، كل الحاجات والراديوهات أنا، فيديو بنظام البال سيكام والسعر أنا" لكن في الحقيقة ألقى أشرف عبد الباقي الجزء الأول من القصيدة في لقائه بعمرو دياب لأول مرة في حجز قسم الشرطة.

"بنوك تجارة، أوهام شطارة، مناديل ورق في إيدين بنات، على كل لون عقل وجنون عمولات سريعة وتحويلات والسعر أنا، زحام مهول ما تقولش غول برة الأصول والمعتادات، جوايا فكرة يا مدينة بكرة اسمي هيملى الإعلانات، أضواء نيون الإعلانات والسعر أنا".

ملحوظة: دون الدخول في تعقيدات تقنية، "البال سيكام" هو أحد أنظمة جهاز الفيديو في ذلك الوقت.

الأغنية هي نسخة أولوية من عدد كبير من أغنيات "الأندرجروند" هذه الأيام كتبها مدحت العدل كبذرة أولى عام 1992، للآسف لم يغنها عمرو في ألبوم الفيلم، والبروفة التي أتت في سياق الفيلم على قصر مدتها إلا إنها تعكس لحن وتوزيع مبدئي يعد بأغنية جيدة جدا ومختلفة عن عصرها بشدة، لا أعلم لماذا لا يفكر عمرو دياب في تقديمها الآن؟

الأغنية السادسة والأخيرة هي "أيس كريم في جليم"، التي أختتم بها عمرو دياب أحداث فيلمه، "الناس حاسيين بالبرد وفي قلبي ده شم نسيم" أما بقية الكلمات والتي تعكس وجهة نظر مدحت العدل في تقديم أغنية الشارع أو "الأندرجروند"، فكانت "أنا مش مألوف إمبارح لكن للجاي مألوف وفي قلبي الورد الطارح من غير أشواك ولا خوف، وهعاند أيوة هعاند دايما من غير تسليم".

بعد الاستماع إلى أول ألبوم "أندرجوند" بصوت عمرو دياب، ألا ترى معي أن الأمر يستحق تجربة جديدة بأدوات هذه الأيام؟