أفضل الشخصيات النسائية الميتة في مسلسل Supernatural

تاريخ النشر: الثلاثاء، 16 فبراير، 2016 | آخر تحديث:

مسلسل "خارق للطبيعة" Supernatural هو أحد الظواهر الغريبة في عالم التليفزيون الأمريكي. مسلسل اعتماده الرئيسي على بطلين اثنين لا غير؛ صحيح أن عالمهما أخذ في التشعب والتمدد على مدار المواسم إلا أنه بدأ بأخوين يسافران عبر الولايات الأمريكية، يطاردان الأشباح والمسوخ ويحاولان ترميم علاقتهما الأخوية المتوترة، مما ينعكس بالتالي على علاقتهما بالعالم.

ليس المسلسل أكثر مسلسلات النوع (Genre) الخيال العلمي الناجحة أو حتى أفضلها من حيث الجودة والمحتوى، لكنه قطعاً أكثرها استمرارية، متفوقاً بهذا على مسلسلات بقامة Angel (١٩٩٩-٢٠٠٤)، Smallville (٢٠٠١-٢٠١١)، Buffy the Vampire Slayer (١٩٩٧-٢٠٠٣)، Stargate Atlantis (٢٠٠٤-٢٠٠٩)، Lost (٢٠٠٤-٢٠١٠).

هل تعني الاستمرارية النجاح؟ في عالم التليفزيون الأمريكي، قطعاً هي الحقيقة. لن تدعم أي قناة مسلسلاً لا يحقق نسباً عالية من المشاهدة، أو يحرز أرقاماً عالية على تقدير Nielsen (وهو نظام أمريكي لقياس عدد الجماهير التي تشاهد عملاً تلفزيونياً ما، ويهتم بتحليل وتقييم عدد المشاهدات لعمل تلفزيوني ما، مقارنة بالشريحة العامة التي تنتظم على متابعة القناة التي يعرض فيها) عدد المشاهدات هي التي تحدد إذا ما كان المسلسل يستحق أن يستكمل لعدة مواسم أم لا، فهناك مسلسلات عالية الجودة مثل Firefly (٢٠٠٢)، وKidnapped (٢٠٠٦-٢٠٠٧)، وDead Like Me (٢٠٠٣-٢٠٠٤) وMy So-called Life (١٩٩٤)، و Veronica Mars (٢٠٠٤-٢٠٠٧) تم إزالتها من الخارطة التلفزيونية وسط استنكار محبيها ومهاويسها بسبب تحقيقها نسب مشاهدة متواضعة مقارنة بنظيراتها على نفس القناة.

ليس هناك معجبين –على أي حال- بنفس جنون وإصرار وقوة مهاويس Supernatural والذين استطاعوا دعم المسلسل في الواقع وعلى أرض الخيال، وجعلوا وجودهم ك fandom ملموس لدرجة تجعل كتاب المسلسل يخلقون لهم وجوداً افتراضياً في بعض حلقات الـ meta-fiction* ( مثل "The Monster at the End of the Book" و"The Real Ghostbusters" و"Time for a Wedding" و"Fan Fiction". بعيداً عن عظمة وتشابك وتعقيد عالم Supernatural فإنه مسلسل يعاني –طبقاً للكثير من محبيه قبل منتقديه- من ميزوجينية شديدة وتمييز نوعي ضد شخصياته النسائية، مما دفع أحد ممثليه الرئيسيين ميشا كولينز إلى أن يعلق على هذا في ملتقى محبي Supernatural بولاية نيو جيرسي الأمريكية Salute to Supernatural Convention, New Jersey عام ٢٠١٣، قائلاً،
"هناك بضعة نقاط صغيرة تجعل Supernatural ميزوجيني بدرجة فجة رغم أنه ممكن ألا يكون كذلك.

أحياناً أقرأ السيناريو وأشعر بالقرف، فهناك مليون طريقة أخرى للكلام عن المرأة بدلاً من هذه! بما أنكم (صناع العمل) قمتم بقتل كل شخصية نسائية تمتد حبكتها الدرامية لأكثر من حلقتين، هل ينبغي عليكم قتل واحدة جديدة الآن؟"

موضوع معاداة مسلسل Superntaural للشخصيات النسائية يجعل المشهد النقدي الأمريكي يتخذ منها موقفاً عدائياً مفهوماً، خاصة مع زحف الموجة النسوية الجديدة على خارطة التليفزيون الأمريكي ومنه للعالم أجمع بداية من أواخر التسعينيات وحتى الآن. الغريب أن معظم معجبي Supernatural من الجنس اللطيف، تحديداً فئة النساء من عمر 35-18 وهن اللاتي يتوجهن باعتراضاتهن لصناع العمل، ويبدين أدنى ملمح من الضيق إذا ما ظهرت شخصية نسائية قد يحتمل وجود علاقة حب بينها وبين أحد الأخوين وينشستر.

على مدونة شهيرة بعنوان Lady Geek Girl تتهم الكاتبة في تدوينة بعنوان Is Supernatural: Sexist? محبات ومهووسات المسلسل بأنهن هن اللاتي يميزن ضد الجنس. قد يكون هذا غير مفهوم للعقل العربي والذي سيفترض أن أي فيلم أو مسلسل ذكوري بالسليقة سيجذب متابعين من نفس الجنس.

لكن في أمريكا وكثير من أنحاء العالم الغربي، الكتلة الأساسية لمحبي Supernatural من النساء؛ واللاتي ينسجن قصصاً خيالية مبنية على العمل الدرامي fanfiction قوامها علاقة غرامية –ملتبسة ومريبة- بين الأخوين وينشستر، وكما هي العادة في قوانين الـ fanfiction تعطى للعلاقة اسماً يميزها مكون من مزج اسمي طرفي العلاقة؛ وفي حالة سام ودين، تسمى علاقتهما Wincest، أما في حالة محبي العلاقة الجنسية الهوموإيروتيكية homoerotic المتخيلة بين دين والملاك كاستيل، فتسمى العلاقة Destiel.

وعلى هذا المنوال يصير ال shipping في عالم معجبي Supernatural شديد التعقيد، والأنوثة تتعامل مع الرجال بصورة تشييئية objectification للغاية، حتى على حساب غضب الممثلين الرئيسيين أنفسهم –عبّر Jensen Ackles والذي يقوم بدور دين عن استيائه من هذه التأويلات لعلاقة (دين وكاستيل) يراها هو صداقة ذكورية أفلاطونية لامجنسنة، خاصة وهو يمثل الرجل الأمريكي الذكوري القح، كاثوليكي متدين من تكساس، ومنتمي للحزب الجمهوري المعروف بتطرفه- لكن كما أوضح كتاب العمل أنفسهم في أكثر من لقاء تلفزيوني، فإن لسطوة المعجبين القدرة على التدخل في صناعة القرار المتعلق بمصير بعض الشخصيات في Supernatural.

لم يتحسن الأمر عندما قرر الكتاب تقديم شخصية نسائية إيجابية أخيراً وهي Charlie Bradbury، وهي على عكس معظم القوالب التي تم تقديم الشخصيات النسائية فيها كحبيبة أو شريرة، شخصية مستقلة لها حياة بعيدة عن الأخوين، كما أنها على عكس الصيادة جو مثلاً تمتلك مهارات أفضل من سام ودين، ولا تهوى الانضمام لحياة صيادي الأشباح. وتم تقديمها كامرأة مثليّة، وهو ما قد يبدو خطوة إيجابية من صناع Supernatural نحو دمج التعددية في النوع والعرق والهوية الجنسية في عالم آل وينشستر شديد الذكورية والمعيارية الغيرية البحتة heteronormativiry.

لكن كاتبة خبيثة على موقع Theradicalnotion.com أشارت في مقال لها بعنوان FEMINISTS VS. SUPERNATURAL: WHAT’S THE VERDICT? أن الأمر لا يتعلق بالتنوعية بقدر ما هو حل وجده صناع المسلسل في تقديم شخصية نسائية تزيح عنهم الاتهام بالميزوجينية دون أن تصبح هناك احتمالية لوقوع أحد البطلين في حبها، مما سيثير حنق المعجبات المهووسات واللاتي لا يهمهن سوى أن يبقى البطلان بلا حبيبة دائمة، حتى تصبح خيالاتهن الإيروسية عنهما مثالية وبلا شائبة.

الغريب أن معظم المعجبات ثرن ثورة عارمة على صناع العمل عندما قاموا بقتل تشارلي، خاصة المعجبات المنتميات للـ LGBT والمدافعات عن حقوق المرأة. كتبت العديدات منهن تدوينات عن عبثية قتل تشارلي بهذه الصورة، خاصة وأن سام وينشستر بشكل أو آخر ألقاها للذئاب وخان اتفاقه مع دين عندما لم يحرق كتاب الموتى معرضاً حياة تشارلي للخطر. كالعادة تموت النساء ليعيش البطلان الوسيمان حياة طويلة مليئة بالخداع والأكاذيب وجلد الذات، والأمثلة من جو وإلين الصيادتين، لابنة دين محاربة الأمازون، وروبي الشيطانة، وبيلا اللصة، وماديسون المذءوبة، وحتى سارة جامعة التحف أكثر من أن يتم حصرها في هذا المقال.

في تدوينة بعنوان Gender Bias in Supernatural: The Cold Hard Stats على موقع التواصل الاجتماعي LiveJournal، توضح إحدى المدونات بالإحصائيات عدد الميتتات منذ بداية عرض Supernatural في ٢٠٠٥ إلى وقتنا الحالي من النساء والرجال، في مقارنة لتوضيح هل عدد النساء اللاتي لقين حتفهن يفوق عدد الرجال، أم أنهم متساوون؟ النتيجة لم تكن مشبعة لأي من الأطراف المتقاتلة حول إمكانية أن يكون مسلسل Supernatural ميزوجينياً أم لا، فهناك من لا يعتبر تلك الإحصائيات مقياساً حقيقياً لقياس قيمة تواجد الشخصية النسائية على الشاشة، بالضبط مثلما تشكك بعض الناقدات النسويات في إشكالية اختبار بيكديل للجندر Bechdel test كونه يضع معايير سطحية لتقييم ظهور الشخصيات النسائية على الشاشة.

وهناك من يرى النسب متقاربة للغاية، فعدد الشخصيات الرجولية المقتولة على الشاشة (١٧٨) أكبر بكثير من النساء المقتولات (٨٦) مما قد يحيل الأمر لمجرد "ثرثرة نسوية هستيرية أخرى". لكن عندما نقيس أكثر الشخصيات النسائية استمرارية في Supernatural -الشيطانة روبي والتي ظهرت في ٢١ حلقة- بأكثر شخصية رجولية أطلت على الشاشة بعد سام ودين وكاستيل –الصياد بوبي والذي ظهر في ٥٧ حلقة- نجد أننا أمام أزمة حقيقية في صناعة القرار داخل مطبخ Supernatural فيما يتعلق بكتابة شخصية نسائية تستطيع الصمود أمام تقلبات الزمن التي يواجهها الوينشسترز Winchesters.

سواء أكانت هذه شخصية فيللينة villainess أو صيادة أو حتى حبيبة لأحد الأخوين، فإن جيريمي كارفر –الكاتب الرئيسي والمسئول عن المسلسل- يجب أن يتحرك بسرعة لمحاولة تغيير المياه الراكدة حتى لا يصل سام ودين لخط النهاية، دون شخصية نسائية ذات تأثير يذكر على عالمهما الخشن، خاصة وأن المسلسل قد يتم تجديده للموسم الثاني عشر، لكن ملحمة سام ودين والملاك المعذب كاستيل والسيارة الـ ٦٧ شيفروليه إمبالا قد اقتربت مما لا شك فيه من إسدال الستار على كل ما بها من دماء ودموع وأضواء متراقصة في طرقات مظلمة موحية بالريبة.

*الميتا سرد meta-fiction: نوع من الأدب التخييلي ينتمي أساسا لتيار "ما بعد الحداثة" ويتناول بوعي ذاتي متعمد أدوات السرد ليكشف خدع النص الداخلية، كما يفسر النص التخييلي ويطرح أسئلة عن العلاقة بين التخييل والواقع مستخدما المفارقة الساخرة والتأمل الذاتي.
- برنارد كيجيني