بعد أخطاء "بوحة" الكارثية.. هل قدم محمد سعد في عرضه ما يستحق 16 مليون جنيه؟

تاريخ النشر: الاثنين، 15 فبراير، 2016 | آخر تحديث:
محمد سعد

صاحب "اللمبي" الذي اعتبره متابعو "الفن السابع" وقت عرض الفيلم ظاهرة، بعد تحقيقه لطفرة في شباك إيرادات السينما تخطت 25 مليون جنيه، لم يحالفه التوفيق في أفلامه الأخيرة؛ فـ"تك تك بوم و"تتح" و"حياتي مبهدلة" لم يتخط كل واحد منهم منفردا حاجز الـ 9 ملايين جنيه طوال فترة العرض.

ما سبق جعل لجوء محمد سعد لتقديم برنامج تليفزيوني كوميدي أمرا متوقعا، خصوصا بعد نجاح تجربة "تياترو مصر"، الذي تحول بعد ذلك إلى "مسرح مصر" لأشرف عبد الباقي وفرقته، رغم موجة من التساؤلات التي طرحها المتابعون بمجرد عرض البرومو الأول لعرض "وش السعد" على شاشة MBC مصر، عما يمكن أن يقدمه سعد في برنامجه؟

ويظهر سعد في البرومو الأول للبرنامج بشخصية "بوحة" الجزار، ولكنه هذه المرة يدير إحدى القنوات الفضائية، وبلهجته المميزة يتسائل عن أعضاء فريق العمل إن كانوا مستعدين، ليُنهي البرومو بعبارة لا تبدو مضحكة على الإطلاق، على الرغم من أنه برومو لعرض كوميدي: "طالما كلهم stand by يبقى فركش".

البرومو الأول لبرنامج "وش السعد"


حملة دعائية كبيرة سبقت أولى حلقات العرض، عرض البرومو مرات متعددة على شاشة القناة، الإعلانات العملاقة انتشرت على جانبي الطرق الكبرى في المدن، ما ينبئ بأننا بصدد مشاهدة عرض ضخم الإنتاج يقدمه فنان معروف عنه قدراته التمثيلية القوية، رغم سوء توظيفه لها.

ولم يحمل برومو الحلقة الأولى سوى وصلة غزل ممتدة يلقيها "بوحة" على مسامع هيفاء وهبي، بعبارات منها "خديني على حجرك"، و"عليا الطلاق عسل بشمعه"، "تسمحيلي أشيلك وأقعدك على الكرسي".

شاهد برومو الحلقة الأولى من برنامج "وش السعد"



حالة من الترصد سيطرت على جمهور MBC بعد عرض برومو الحلقة الأولى من "وش السعد"، وزادت بعد الذي نشره موقع "دوت مصر"، بتقاضي محمد سعد 16 مليون جنيه مقابل تقديم البرنامج، ولكن رفض المنتج اللبناني صادق الصباح في المقابل التعليق على هذا الرقم، وأكد أن المسائل المادية أمر خاص بالفنان والشركة المتعاقدة معه فقط.

بعد تلك الدعاية الضخمة وما تردد عن القيمة المالية لعقد محمد سعد، كان من المفترض أن يخرج العرض بشكل مبهر، وهو بالفعل ما حدث في الاستعراض الذي بدأت به الحلقة، لكن سقطة فسقطة تتبعهما سقطات أخرى، كانت حائلا وراء تحقيق البرنامج الهدف المعلن له، وهو تقديم عمل فني كوميدي يُعرض على شاشة التليفزيون أسبوعيا.

* الفكرة وميعاد العرض

نجم كوميدي يقدم عرضا مسرحيا أسبوعيا، استنساخ تام لفكرة "تياترو مصر" التي تحولت إلى "مسرح مصر"، والغريب أن البرنامجين يعرضا على نفس الشاشة.

ورغم أن موعد عرض "وش السعد" هو يوم الجمعة الساعة التاسعة والنصف، أي ساعة الذروة لفترة المساء يوم العطلة الأسبوعية، والموعد السابق لعرض برنامج "البرنامج" لباسم يوسف، إلا أن معجبين عديدين بالصفحة الرسمية للقناة أكدوا أنهم لجؤوا لتغييرها اعتراضا منهم على ما شهدته الحلقة.

* إعادة إنتاج شخصية قديمة

ليس غريبا على محمد سعد أن يعيد إنتاج الشخصيات التي قدمها من قبل، وحدث هذا ثلاث مرات مع "اللمبي"، ومرتين مع "عوكل" و"أطاطا"، ومرتين مع "تتح"، وها هو في برنامجه الكوميدي يكررها مع "بوحة" الجزار قرر أن يدخل مجال الإعلام، فيجمع رجاله ويستولي على إدارة قنوات MBC.

ولم يحاول محمد سعد إضافة أي جديد يُذكر للشخصية التي ظهرت بفيلم يحمل نفس اسمها في سنة 2005، فاستعان بنفس طريقة المشي ونبرة الصوت واللازمات، وحركة فكه السفلي الغريبة، وسيواجه سعد تحديا كبيرا يتمثّل في أنه سيقدم نفس هذه الشخصية المكررة في كل حلقات البرنامج، وعلى الرغم من أنه تخلى عن ملابس الجزار ليحل محلها بذلة زرقاء اللون، إلا أنه بالتأكيد جمهور التليفزيون والمعروف بسهولة تسرب الملل إليه سيحتاج تغييرا أكبر من الملابس.

* النص المسرحي والإفيهات

بضمير مستريح يمكن وصف النص المسرحي للحلقة الأولى من عرض "وش السعد" بأنه مليء بأخطاء "كارثية"، فبجانب الإفيهات المبتذلة والمكررة لجأ سعد إلى السُباب في أكثر من مناسبة، بالإضافة إلى السخرية لمدة تخطت عشر دقائق، من لهجة الريفيين الخاصة بمخرج القناة الذي قام بدوره هشام إسماعيل.

كما أن سعد ردّد جُمل مثل "عليا الطلاق ما سمعت صوت أوسخ من كده"، و"يلا يابن الكلب برا"، والتي كانت سببا في أن يصب مشاهدو البرنامج جام غضبهم عليه.

احتوى العرض أيضا على عدة إفيهات مقززة، كثيرا ما يعتمد سعد على مثلها في أفلامه، ولكن جمهور السينما سيظل مختلفا عن جمهور التليفزيون، لذلك لم يقبل هذا الجمهور وجود جمل مثل "هيفاء لو تفت عليك هتحلو"، و"بكابورت فلسفة"، بالإضافة إلى الإفيه العجيب الذي كرره سعد أربع مرات "تفسي تتقشلب"، وهو ما ترفضه مسامع أي جمهور سواء كان مسرحيا أو تليفزيونيا أو حتى سينمائيا.

جانب كان هو الأبرز في النص المسرحي، وهو تكرار سعد لعبارات الغزل الصريح الذي وصل لحد التلميحات الجنسية منذ اللحظة الأولى لظهور هيفاء وهبي معه على المسرح، والتي ظهرت كعادتها بفستان قصير مكشوف، لتبدأ من بعدها وصلة الغزل.

"عليا الطلاق مانتي خارجة من هنا"، و"شد سكينة الكهربا يابني"، و"خديني على حجرك"، و"العزبة دي مش خارجة من هنا"، و"أنا جزار وأفهم في اللحمة"، و"هاتي بوسة طيب"، و"أوريكي ساعة كده هيحصل ايه"، و"أنا صحتي حلوة"، وغيرها من عبارات الغزل والتلميحات، انتهت بأن حمل سعد هيفاء في نهاية العرض وطلب من فريقه شد سكينة الكهرباء وخرج وهو يحملها من المسرح.

* حبكة العمل

رغم أن فريق العمل يضم باقة من الفنانين المحترفين، فيشرف على ورشة الكتابة المؤلف سامح سر الختم، والمخرج التليفزيوني للعرض هو سامح عبد العزيز، ويخرج العرض مسرحيا أشرف زكي وهشام عطوة، إلا أن الحبكة الأساسية التي ظهرت في أولى الحلقات كانت مليئة بالمبالغات.

"بوحة" استولى على القناة وعقد مؤتمرا صحفيا، في وجود صحفي مصاب بعصبية غير مبررة، يتهمه بأنه غير مؤهل لهذه المهنة ومنعدم الثقافة وجاهل، فيسلط بوحة رجاله على الصحفيين كلهم وتنشب بينهم معركة على خلفية أغنية "صورة" للفنان عبد الحليم حافظ، ويقرر الصحفيون والنجوم مقاطعة القناة بعد تلك الواقعة، ليجد بوحة نفسه مضطرا لإنتاج برنامج لاكتشاف المواهب بحضور نجمة كبيرة، يكتشف الجمهور بعدها أنها هيفاء وهبي.

وفكرة برنامج اكتشاف المواهب في الأساس قدمتها فرقة "مسرح مصر" في أكثر من حلقة قبل وقت غير بعيد من عرض الحلقة الأولى لـ"وش السعد".

* أداء الممثلين

يشارك في العرض بجانب محمد سعد كل من هشام إسماعيل، وسامية الطرابلسي، وحسن عبدالفتاح، جميعهم ممثلون محترفون ورغم ذلك لم يختلف أداؤهم عن أداء سعد، ليتسموا جميعا بالمبالغة الشديدة في الأداء.

ومن المعروف عن محمد سعد اعتماده في الكثير من المناسبات على الأداء الحركي المليء بالمبالغة، وبغض النظر عن وقوفه على المكتب أكثر من مرة، وافتعاله السقوط من على الكرسي، ورقصه الغريب، كل هذا معتاد من سعد إلا أن غير المعتاد كان تكرار تعمّده اللمس غير البرئ لمساعدته "سامية الطرابلسي"، واستعمال نفس الأسلوب مع هيفاء وهبي، فتارة يميل عليها مصطنعا تركيزه على سماع إحدى المواهب، ووصلت مبالغته إلى حد أنه مثَّل قيامه بـ"تغميس هيفاء وهبي بالعيش".

* تجاهل رد الفعل

أي عمل يتعلق بالإعلام يعتبر رد فعل الجمهور Feedback هو أهم ما يجب أخذه في الاعتبار، يبدو أن القائمين على عرض "وش السعد" لا يدركون جيدا أن رد الفعل السلبي للجمهور من الممكن أن يتسبب في نفور الجمهور، وبالتالي عزوفه عن متابعة العمل، ما سيؤثر بالتأكيد على حصيلة البرنامج من الإعلانات المحرك الرئيس لأي نشاط إعلامي تجاري.

هذه النقطة بالذات توضح العديد من المفارقات برزت منذ عرض برومو البرنامج وبرومو الحلقة الأولى، فانهالت التعليقات السلبية التي ترى أن سعد بشخصية "بوحة" لن يقدم جديدا يُذكر، ولكن المفاجأة كانت في كلمات الأغنية الافتتاحية للعرض، إذ تحدثت الأغنية عن نجاح متوقع للبرنامج، وجاءت كلمات الأغنية لتقول "المعلم ناوي على اكتساح وشوف ردود الفعل والعة قبل حتى الافتتاح"، متجاهلين التعليقات السلبية العديدة التي تركها معظم من شاهد البرومو الأول والثاني للبرنامج على الصفحة الرسمية لـ MBC مصر.

وبعد عرض الحلقة، ازدادات حدة ردود الفعل السلبية تجاه البرنامج، وحاولت الصفحة الرسمية لقنوات MBC مصر بمجرد انتهاء العرض معرفة رد فعل المشاهدين، لتتفاجأ بتعليقات سلبية عديدة وصلت لحد المطالبة بمقاطعة البرنامج.

في نفس السياق وصف 81% من قراء FilFan.com البرنامج بالسخيف في الاستفتاء الخاص بتقييمه.


وقابل منتج البرنامج هذا الهجوم باعتبار أن جمهور محمد سعد ليس هو جمهور مواقع التواصل الاجتماعي، وأكد في تصريحات نشرتها صحيفة "المصري اليوم" تفهمه للتعليقات السلبية وردود الأفعال، وطالب الجمهور بالانتظار عدة حلقات، ووعدهم بمراجعة ما وصفها بالألفاظ الجارحة التي احتوتها الحلقة الأولى.

وعلى الرغم من اعتراف منتج البرنامج بردود الفعل السلبية التي تركتها الحلقة الأولى، إلا أن محمد سعد وعبر بيان صادر عن MBC، عبّر عن امتنانه وتقديره للجمهور الذي استقبل الحلقة بحفاوة كبيرة، وأكد أن أغلب ردود الأفعال التي وصلت لفريق عمل البرنامج كانت إيجابية، وتحمل إشادة بفكرة الحلقة الأولى. (محمد سعد: ردود الفعل التي وصلت لفريق "وش السعد" كانت إيجابية!)

ويبقى السؤال المهم: هل سيستمر صناع البرنامج في التهوين من حجم التعليقات التي تنتقد سلبيات الحلقة، أم أننا سنرى في الحلقات القادمة محاولات من سعد لإثبات أنه بالفعل يقدم مادة تليفزيونية تستحق هذه التكاليف الإنتاجية الضخمة؟