جايلان صلاح
جايلان صلاح تاريخ النشر: الثلاثاء، 19 يناير، 2016 | آخر تحديث:
فريق Backstreet Boys

مراهقو التسعينيات، جيل ترك بصمته على كل شيء؛ السينما والموضة والموسيقى والعلاقات وتسريحات الشعر وحتى الحياة المجتمعية. هذا هو الجيل الذي اضطلع شبابه بتصفيفة الشعر المفروقة من المنتصف، ونظرات السهوكة، واهتمت الفتيات بالتسريحات الضخمة (big hairdos) والحواجب الكثيفة.

بجزء كبير ينتمي هذا الجيل لحقبة الـ Generation X، تربى على طنط عزة النشار بشعرها الأشقر المصبوغ ونطقها البشع لأسماء الفرق الإنجليزية، في برنامجها Night Flight على القناة الخامسة والأغنيات المصورة التي لم تكملها للنهاية أبداً. وهو الجيل الذي صنعت باسمه أفلام مثل Dazed and Confused، وEmpire Records، وHeathers، وReality Bites، وHackers، وSingles، و"آيس كريم في جليم".

لفترة طويلة نسبيا، كان لدى مراهقي هذا الجيل هوس يضاهي هوس الجيل الحالي من المراهقين بجستن بيبر، وآل كارداشيان، وTeen Wolf، وOne Direction؛ هذا الهوس كان يدعى Backstreet Boys.

فرقة بوب مكونة من خمس أولاد شديدي التهذيب، كل ما كان يظهر منهم في الماضي هي تسريحات شعرهم، وستايل الملابس المميز لمرحلة التسعينيات البشعة، وقصص تافهة بلهاء عن عدد صديقات كل منهم، وقطة هذا وكلب ذاك. منذ عام، أفاق المتابعين لهذه الفرقة على مفاجأة جديدة متعلقة بأفرادها الذين مازالوا يستبسلوا في الغناء، رغم أن مغنين البوب ليسوا طويلي العمر مقارنة بمغنيين الروك والهيفي ميتال مثلاً.

صلاحية مغني البوب تنتهي كلاعب كرة القدم، عندما يغادر منتصف العشرينيات، خصوصا مغني البوب المنتمي لفرقة ولاد boyband كما يطلق على نوعية الفرق الغنائية مثل Boyzone، Take 5، Westlife، N’sync، وطبعاً Backstreet Boys. الفكرة في باكستريت بويز فريق الإعداد والدعاية من وراءهم- أنهم كانوا يحاولون الحفاظ على التنوع الشكلي والنفسي بين أعضاء الفرقة وبعضهم البعض، مما يتنافر تماماً مع حقيقتهم كأفراد، وهنا كانت المفاجأة في الفيلم التسجيلي Backstreet Boys: Show 'Em What You're Made Of والذي أنتج عام 2015 وأظهر جوانب من حياة الفريق لم يكن يتوقعها معظم عاشقيه القدامى من مراهقي التسعينيات وأواخر الثمانينيات. نيك كارتر، الفتى المائع أشقر الشعر والذي كانوا يلقبونه بالبيبي هو في الحقيقة بلطجي الفرقة وأكثرهم عنفاً وميلاً للغضب، وإي جي الذي اتخذ صورة ال bad boy النمطية من أقراط كثيرة وتاتو ونظارة شمسية في عز الظهيرة، هو في الحقيقة رجل عاطفي، يحب أن يقص قصص الأطفال بلكنة إنجليزية مفتعلة، هاوي هامشي كالعادة، وبرايان أكثر من مجرد مهرج يعشق الأطفال، فهو كان تقريباً المحرك mastermind لهذه الفرقة على الرغم من كونه مريض بالقلب منذ طفولته، أما كيفن، والذي انجذبت الفتيات لوسامته وفتوته الجسدية أكثر من قدراته الغنائية شبه المنعدمة، فكان الأب الروحي للفريق، واستطاع انتزاع الصورة ال "نظيفة" للفرقة عندما اختار واحدة من الجمل الألمانية القليلة التي تعلمها خلال حفلاته هناك، ليترجمها إلى Would you Give me a blowjob؟

لا مجال لإنكار أن باكستريت بويز كانوا يوماً من أكثر فرق الولاد الناجحة على وجه الكرة الأرضية، مبيعات ألبوماتهم حطمت الملايين. عند إصدار ألبوم Millennium في أمريكا عام 1999، امتلأ ميدان التايمز عن آخره بمحبيهم وعشاقهم. علق إي جي على تلك المرحلة قائلاً، "كنا آلهة بصورة ملتوية وغريبة." وقد كانوا.

محبي طنط عزة النشار سيذكرون أنها كانت تتحفنا بفيديوهات مقتطعة لباكستريت بويز، ولمحبي هذا الفريق فيما مضى، اخترت أكثر أغنياتهم المصورة الأيقونية، محاولة أن أجمع بين الحيادية وذائقتي الشخصية، على ألا أخل بإسهامات هذا الفريق الموسيقية، والتي اتفقنا أو اختلفنا كانت حقاً لطيفة وملهمة لهذا الجيل.

١) Everybody (١٩٩٧)

تمت مقارنة هذا الفيديو بأيقونة مايكل جاكسون Thriller، مع فارق هائل بالطبع لصالح الأخير. وقتها اتهم النقاد الموسيقيين الأمريكيين "البويز" بكونهم يفتقرون للأصالة، وهي علاقة عدائية بين الطرفين –النقاد/البويز- اللذين لم يكونا على وفاق أبدًا.

بعيداً عن كل هذا، فالفيديو شديد التسلية والجاذبية، وكل فتاة مراهقة وقفت أمام المرآة محاولة تقليد خطوات الرقصة الجماعية الأخيرة، التي يتحرر فيها "البويز" من تنكر الوحوش الذي اختاروه ويرقصون سوياً بحركات مدروسة من مصممة الرقصات البارعة فاطيما روبنسون. أصبح كل فتى أيقوني بالوحش الذي اختاره، وأصبحت الأغنية أيضاً من أشهر ما يفتح في حفلات الهالووين، مع إمكانية التنكر مثل برايان (الرجل الذئب)، أو هاوي (كونت دراكيولا)، أو إي جي (شبح الأوبرا)، أو كيفن (دكتور جيكل ومستر هايد) أو نيك (المومياء).

٢) The Call (٢٠٠١)

فيديو الخيانة الأعظم. كل الفتيات المراهقات في هذه المرحلة كن يستمعن لتلك الأغنية عندما يخونهن أصحابهن، وهي أول إطلالة لباكستريت بويز كفرقة edgier وأكثر قتامة، مستخدمين إيقاع أغنية سريع لاهث، وتغيير كبير في أشكال أعضاء الفريق، بدأت بلطجة نيك تتضح على مظهره، مع زيادة وزنه الملحوظة، بينما إي جي، والذي جرب الكوكايين لأول مرة في كواليس تصوير الفيديو، ارتدى نظارة شمسية طوال الفيديو، لأنه لم يستطع احتمال الضوء بعد مغامرته مع المخدرات.

٣) All I have to Give (١٩٩٧)

رقصة البدل البيضاء والقبعات الواسعة، نيك يبتسم للكاميرا في دلع وسهوكة، برايان وطبقات صوته العذبة، مرحباً، إنه الفيديو الأشهر للباكستريت بويز. كل الفتيات كن يهمن حبا بنيك في هذا الفيديو، بيبي صغير بشعر أشقر وعيون ضيقة. ومن كن متمردات منهن، كن يعشقن إي جي بغموضه وصوته شديد الاقتحام والاستهتار، حتى في طريقة نطقه للكلام. لا داعي للقول أن هذا الفيديو كان من علامات قيامة 1997، خاصة أنه العام الذي شهد عرض فيلم تايتانيك في السينمات، لذا فإن لقب "أيقونة الإثارة في التسعينيات – فئة الصبية" شهدت منافسة بين ليوناردو ديكابريو ونيك كارتر، خاصة وأن الاثنين كانا يفرقان شعرهما من المنتصف، وهي علامة الجودة في هذه الحقبة.

٤) As Long as You Love me (١٩٩٧)

كل فتاة كانت تتمنى أن يغني لها حبيبها:

I don’t care who you are, where you’re from, don’t care what you did
As long as you love me

إنها التسعينيات العزيزة، حيث الرومانسية تأخذ طور الـfairytales، لتغذي خيال جيل كامل من المراهقين والمراهقات زادهم أفلام الفيديو التي تكونت معظمها من أفلام أمريكية chick-flicks وكوميديا رومانسية وأكشن ورعب من فئة بي B-movies.

لحن رومانسي رقيق، ملائم لتلك المرحلة، رقصات خفيفة، وخمس فتية وسيمين، يلائمون كل فتاة في الشلة المدرسية، فالممحونة ستختار نيك والمتمردة ستختار إي جي، والغامضة ستختار كيفن،
ولتحيا نوستالجيا الووكمان!

٥) Show me the Meaning of Being Lonely (١٩٩٩)

من أكثر أغاني "البويز" نضجا، والأغنية التي يقدرها لهم الكثير من غير المتابعين. أغنية ظلامية كئيبة، تتحدث عن الوحدة –من منظور البوب المحافظ بالطبع- والموت والألم، تزامنت مع عملية قلب أجراها برايان، وبدا شحوبه في الأغنية إنعكاساً لتردي صحته في الحقيقة. الأغنية شديدة الصدق والتأثير على بساطتها، ومن اللافت أيضاً صوت إي جي المميز فيها، والذي للأسف لم تستغل كل إمكاناته بسبب طبيعة النوع الغنائي الذي صعد على أكتافه للشهرة.

٦) I Want it That Way (١٩٩٩)

علامة من علامة الـ2000s. ألبوم Millennium تقريبًا يعد من أشهر الأحداث التي ختمت الألفية الثانية، وتوقيت إصداره كان حركة في غاية الذكاء من "البويز" ومديري أعمالهم بالطبع. هذه الأغنية لن تعلق بذاكرتك كونها تمثل أي شيء في مرحلة نضجك العاطفي، لكنك ستذكر "البويز" وهم يغيرون ملابسهم من الأبيض للأسود، ويستقبلون المراهقات الهستيريات في أحد المطارات، وربما ستتذكرين عزيزتي تنهيداتك بينما تتمنين لو كنتِ واحدة من تلك المحظوظات اللاتي اندفعن ليعانقن نيك كارتر أو يقبلن كيفن.

قصص "البويز" عن المراهقات بعيدًا عن رومانسية Top of the Pops، مخيفة وسخيفة، وكذلك شهادات الكثيرات منهن فيما بعد. فما بين تفضيل هاوي ونيك للمراهقات الجميلات، وتجنبهما التصوير مع الفتيات اللاتي لا يماثلن دمى الباربي، إلى قصص "البويز" نفسهم عن المراهقات اللاتي يحاولن طعنهم أو اقتحام غرفهم دون ملاحظة الأمن، يتضح مدى تعقد العلاقة بين المعجبين المهاوويس و their objects of affection، والتي تحتاج إلى دراسة كونها علاقة طفيلية مرعبة تميل لتفسيرها على خلفية تبادل المنفعة أحياناً.

٧) Shape of my Heart (٢٠٠١)

أغنية رومانسية أخرى لباكستريت بويز، تصويرها ذكي، يمثل بروفة مسرحية يشترك فيها "البويز" مع حبيب وحبيبة يغنون لهما بينما يؤدون البروفة. لحن الأغنية مميز ورقيق للغاية، وكلماتها على بساطتها، تحمل مشاعر متدفقة، خصوصا وصوت إي جي وبرايان يحتلان معظم الأغنية لحسن الحظ، فلا يعكرها سرسعة نيك أو نشاز كيفن إلا في جزء بسيط.

٨) Quit Playing Games with my Heart (١٩٩٦)

الأغنية شديدة الإيروسية بمقاييس فتيات التسعينيات. نعم، قد يضحك البعض عند تخيل أن هذه الأغنية المصورة كانت نقطة الانفتاح الجنسي لمراهقات هذه المرحلة، فمن الغريب مشاهدة خمس فتية يرقصون تحت المطر، ويلمسون أجسادهم، ويتعرون –جزئياً- بينما يتوسلون للفتاة quit playing games with my heart.

لم يكن هناك ماجيك مايك ولا جاستين بيبر في الفراش مع حبيبته، ولا جاستين تيمبرليك تحت الدش، الباكستريت بويز وقد قدموا شبه ستربتيز لمراهقات الـ MTV، كانوا هم إثارة هذا العصر، وهذه الأغنية المصورة بالذات كانت بوابة عبورهم للشهرة في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي أتت بعد شهرتهم في أوروبا بكثير.

الطريف أن عضو الفرقة الأكبر كيفن ريتشاردسون –الكاثوليكي المتدين- صدم عندما شاهد الأغنية بعد تصويرها، وحاول أن يعترض على تسويقها، لولا أن المنتجين أخبروه بأن صناعة القرار ليست من صلاحياته، فـ"البويز" كانوا وقتها مراهقين مغمورين، محتاجين دائماً للنصح والتوجيه، سواء من مديري الأعمال أو المنتجين أو الموزعين الغنائيين، وهذه كانت –على لسان أعضاء الفرقة نفسهم- أحد أسباب تردي مشوارهم الغنائي، وأنه ظل لا يحمل بصمتهم الغنائية الحقيقية لفترة طويلة.

٩) Incomplete (٢٠٠٥)

تميز هذه الأغنية في كونها أتت بعد غياب طويل لـ"البويز"، مروا فيه بأحداث شتى، ابرزها انفصال كيفن عن الفرقة، وإدمان إي جي ونيك على المخدرات والكحوليات، زيجات وإنجاب أبناء، لهذا أطلق "البويز" على الألبوم الذي تصدره الفيديو المصاحب لتلك الأغنية Never Gone، وحاولوا فيه من خلال Incomplete صنع حالة غنائية مختلفة، لحناً وكلماتاً وحتى في تمازج الأصوات. خرجت النتيجة مرضية لحد كبير، وإن كانت معظم معجبات "البويز" قد أصبحن في الثلاثينيات وأواخر العشرينيات، ومن بقيت إما تغير مزاجها الغنائي، أو تستمع إليهم كطيف عابر من الماضي، نوستالجيا لأيام مراهقتها وقبلتها الأولى وحفل البروم والصداقات التي لم تعد لها وجوداً في حياتها. باريس هيلتون نفسها عندما رافقت نيك كارتر لفترة، أخبرت إحدى صديقاتها أنها سعيدة أنها أصبحت صديقة الفتى الذي كانت "تعلق صورته على حائط غرفة نومها". أحياناً، يكون الهوس أكبر من الحب!

١٠) I’ll Never Break your Heart (١٩٩٥)

هناك نسختان مصورتان لهذه الأغنية؛ نسخة أوروبية طرحت عام ١٩٩٥، ونسخة أمريكية طرحت عام ١٩٩٨، وتم عرضها على قناة الـMTV. النسخة الأمريكية بشعة، تظهر "البويز" يغنون بمسكنة للكاميرا دون أي فكرة وراء الفيديو ذاته، بينما النسخة الأوروبية شديدة الرومانسية والرقة، وكان الفيديو الخاص بها منتشر على القنوات المصرية وعرضته مدام عزة النشار على القناة الخامسة أكثر من مرة، يصور "البويز" يرقصون فالس مع فتيات جميلات بينما قمم الجبال الثلجية من وراءهم، خلدت هذه المشاهد أيقونية في ذهن كل مراهقة تسعينياتية تحلم بالحبيب الذي يركع أمامها ويسبل عينيه مغنياً:

“I’ll never break your heart
I’ll never make you cry
I’d rather die than live without you
I’ll give you all of me
Honey that’s no lie”