جايلان صلاح
جايلان صلاح تاريخ النشر: السبت، 7 نوفمبر، 2015 | آخر تحديث:
سميرة سعيد

مغربية المولد، مصرية الهوى، كان مقدرًا لسميرة سعيد أن تصعد على قمة الساحة الغنائية في الوطن العربي كله، ليس فقط لجمالها وأناقتها التي تتغير تبعًا لنضجها الفني والانساني، لكن لأنها امرأة تضفي على أغنياتها مما تحمل من مشاعر وأحاسيس.

فالفن، كما قال الكاتب العظيم ليو تولستوي، ليس حرفة، أو مهنة، لكنه كتلة مشاعر ينقلها الفنان بتحفيز من تجربته. وتجربة سميرة الانسانية والفنية أغنى من أن تسطرها الكتب، ليس خوضاً في تفصيلات حياتها الممتلئة –بشهادة محبيها- إيجابية وطاقة وفن، لكنها تجربة امرأة سافرت حول العالم بفنها، واستطاعت بأغانيها توحيد القلوب المتناحرة والغناء للسلام والحب والأمل، وتوحيد مستمعين قد ينتمي كل منهم إلى عالم يتنافر عن الآخر.

تتمتع سميرة أيضًا بجمال يزداد مع الزمن، وروح مرحة تمكنها من تغيير جلدها في أكثر من لون، يتذكر الوطن العربي الديو الشهير مع الشاب مامي الذي حطمت به المبيعات وعدد مرات العرض على القنوات الفضائية "يوم ورا يوم" وكيف بدت غاية في الأناقة والإثارة في الأسود والأبيض، وهي تردد كلمات الأغنية التي ستصبح من ركائز الثقافة الشعبية (Pop culture) المصرية الحديثة، ويتم استخدامها في أكثر من إيفيه، أشهرهم لمحمد هنيدي في فيلمه "فول الصين العظيم". وصلت هذه الأغنية والألبوم الذي نزلت فيه "يوم ورا يوم" (٢٠٠٣) بسميرة لواحدة من أهم وأشهر الجوائز العالمية، World Music Award والتي عادة ما تمنح للمطربين الذين حققت ألبوماتهم أعلى مبيعات عالميا من كل أنحاء العالم.

هنا نستعرض ١٠ أغاني أثبتت بهم الديفا سميرة سعيد أنوثتها القوية، عن طريق مشاعرها المتدفقة وصوتها الدافئ قوي النبرات. كما أثبتت بهم أيضا أنها استحقت مكانتها العالية في قلوب محبيها ومستمعيها:

١) "قال جاني بعد يومين" (١٩٨٢)
ربما هي الأغنية التي أبكت الوطن العربي كله. فسميرة غنتها من قلبها، وبدا كأن منطقة مظلمة في روحها هي التي تشدو بألحان جمال سلامة، فأطلقت العنان لطبقات صوتها الرحبة تعلو وتهبط، تمسك بزمام المشاعر فتعرف كيف تتوحش ومتى تنكسر.

الأغنية تعطي إيحاءاً بامرأة تجلس وحيدة في الظلام، تجتر ذكريات لقاء مع حبيب غادر، مازال حبه يشتعل في قلبها بينما هو منشغل بأخرى.

منذ شهر، وبعد مرور أكثر من ثلاثين سنة على هذه الأغنية، كنت أركب تاكسي ليلاً، استوقفني أن السائق لا يشغل سوى كوكتيل من أغاني سميرة في مرحلة الثمانينيات والتسعينيات، وعندما حان وقت هذه الأغنية، صمتنا سويًا، وتركنا لجلال الأغنية أن يشغل فراغ الطريق.

في فيديو الأغنية، ترتدي سميرة فستان أخضر رائع، لكن العدسة لا تفارق ملامح وجهها وعينيها الممتلئتين بالدموع بينما صوت سميرة يصعد لذروة الانفعال وهي تغني "أوصيك بالصبر يا قلبي، ده غرامه طلع أوهام".

اسمع- "قال جاني بعد يومين" (كلمات عبد الوهاب محمد، ألحان جمال سلامة)

٢) "أوقات كتير" (٢٠١٥)
من اللحظة الأولى يأخذك صوت سميرة سعيد إلى مشهد رومانسي مثالي، أشبه بفيلم chick-flick هادئ من تأليف نورا إيفرون. فالأغنية التي تشدو فيها ألحان محمود العسيلي الناعمة، تحكي فيها حبيبة عن مراقبتها لحبيبها عن بعد، وتأملها في تفاصيله مما يزيدها حباً له.

هذه الأغنية التي لم تصور حتى الآن –وإن كنت أتمنى هذا من صميم قلبي- تشهد على بقاء صوت سميرة الدافئ مصدرا للرومانسية وإلهاما للآلاف. الأغنية ضمن ألبوم "عايزة أعيش" إنتاج روتانا لهذا العام، تكاد تراها ساوندتراك لأكثر من مشهد رومانسي يمر عابراً في قلوب كثير من المحبين، وبقاء سميرة صوتاً حالما شابا بعد مسيرة فنية طويلة، يثبت أن ذكاء الفنان وحساسيته للتغيير هما المعيار الأكبر في ضمان بقاءه وخلوده.

اسمع- "أوقات كتير" (كلمات بهاء الدين محمد، ألحان محمود العسيلي)

٣) "عالبال" (١٩٩٨)
أغنية "عالمية" مازال الكل يستمع إليها حتى هذه اللحظة، وهذا بشهادة الكثير من الشباب على صفحات التواصل الاجتماعي. فيها خرجت الديفا عن جلدها وجاءت طلتها غاية في الإثارة والكلاسيكية. تحررت من المشاعر المتشابكة المرهقة وحلقت في سماء المرأة العابثة المستمتعة بما تفعل، سواء أكان غزل أو دلال أو عتاب لحبيبها.

يعتبر أيضاً الكليب لأغنية "عالبال" أحد دعائم ثورة صناعة الفيديو كليب الغنائي في العالم العربي. فكان تصويره يبدو وقتها غريباً ومتطوراً. ليس جديداً على سميرة أن تدخل في تجارب غنائية وتغامر فنياً، لكنها لذكائها الواضح دائما ما تكسب معجبيها في صفها على طول الوقت.

اسمع- "عالبال" (كلمات: وليد رزيقة، ألحان: صلاح الشرنوبي)