من قلبي وعقلي- العلاج بالموسيقى

تاريخ النشر: الخميس، 13 أغسطس، 2015 | آخر تحديث:

نشر هذا المقال في جريدة الأنباء الكويتية، بتاريخ ١٩٨٤/٤/١٤، ضمن سلسلة مقالات تحت عنوان "من قلبي وعقلي"، وأعيد نشره في كتاب صدر عام ٢٠٠٤ عنوانه "نور الشريف: مشوار في طريق الفن والفكر والسياسة" (تقديم د.فوزي فهمي وتأليف الكاتب والناقد المصري دسوقي سعيد، رئيس مؤسسة أصالة الدولية للفنون).

كل فن صادق يقدمه فنان أصيل. لابد أن يتجه فنه إلى القلب مباشرة.

سمعت اليوم حديثا عن "العلاج بالموسيقى" وكنت قد قرأت مسرحية منذ ١٥ عاما تحت الاسم نفسه ومجرد ربط العلاج بالموسيقى هو شيء مطمئن للسمع.

الموسيقى تعالج -كما يقال- بعض الأمراض النفسية والضغط العالي. وابتسمت للحظة وتمنيت داخل نفسي - لو كانت هناك سيمفونية لعلاج "الانزلاق الغضروفي" حتى أسارع إلى جهاز التسجيل ليعالجني بدلا من الرقاد على ظهري ثلاثة أسابيع عاجزا عن فعل أي شيء سوى أن أتناول المسكنات؟

سواء كان خبر العلاج بالموسيقى صحيحا أم لا؛ فالموسيقى هي الصديق الحميم في جميع الأزمات ويستجيب لها سمعي وقلبي.

والعلاج الذي جربته شخصيا بالموسيقى هو أنه عندما أكون في لحظة ضيق واكتئاب أسعى إلى الموسيقى الخفيفة في مكان هادئ وإذا بي بعد لحظات أشعر وكأن يدا رقيقة وحنونة تربت على القلب وتداعب الأعصاب فتهدأ النفس.

ولأن الموسيقى هي لغة القلب والعقل في آن واحد، ولأن كل إنسان يترجمها ويحسها كما يشاء، لذلك تختلف ردود فعل كل إنسان لنفس المقطوعة الموسيقية، ورغم هذا الاختلاف في ردود الفعل إلا أنه من المؤكد أن الاستمتاع إلى الموسيقى ينمي الإحساس بالجمال ويغسل الأذن من ضوضاء الشوارع وأماكن العمل.

وبمناسبة الحديث عن الموسيقى أحب أذكر رأيا خاصا لي في الموسيقى المصاحبة للأعمال الدرامية "مسرح، سينما، تلفزيون، إذاعة" أشعر عندما أشاهد عملا مصريا- باستثناء أعمال قليلة- أن الموسيقى تستخدم "عمال على بطال" بدون وعي أو إدراك أو فهم. وتكون النتيجة ضوضاء لا معنى لها.. لا تضيف إلى الموقف ولا تساعد الفنان في تجسيد التعبير ولكن مجرد أصوات توضع للحظات الصمت وتغلف الحوار في غالب الأحيان.

ومن العجب أن معظم هذه الموسيقى لا تتناسب مع زمن ومكان أحداث العمل. فلقد فوجئت بأحد المسلسلات التي تدور أحداثها في الريف بأن الموسيقى المصاحبة للمواقف المتوترة صادرة من آلة الأورج الكهربائي. وهذه الموسيقى كانت حائلا بيني وبين تصديق العمل لأن هذه الآلة لا ترتبط ببيئة الأحداث.

عودة إلى الموسيقى كعلاج...
عرفت صديقا شغلته الحياة النادية وكان يعتبر الموسيقى مجرد "دوشة" وصخب ولقد تمكنت من علاج هذا الصديق بالموسيقى فأسمعته "شهرزاد" للموسيقى رمس كورساكون فهتف بإعجاب بعد انتهائها: "ما هي دي المزيكا بتاعة مسلسل (ألف ليلة وليلة) الإذاعي".

حسنا كانت الموسيقى معه دون أن يعطيها أذنا وبدأت أسمعه مقطوعات مختلفة، وبدأت أحاسيس هذا الصديق تتفتح لفن الموسيقى.

وأرجو من جميع محطات التلفزيون والإذاعة العربية أن تقدم برامج عن الموسيقى العالمية في أسلوب سهل ومحبب حتى نساعد شعوبنا على التمتع بفن جميل يضيف إلى النفس البشرية الكثير.