Ex Machina حواء القرن الـ 21.. من أهم أفلام الربع الثاني من 2015

تاريخ النشر: الأحد، 2 أغسطس، 2015 | آخر تحديث:
أليشيا فيكاندر في مشهد من Ex Machina

هناك أفلام تصيبك بحيرة عقب مشاهدتها بسبب مضمونها المركب، ما يدفعك لمشاهدتها مرات عدة كي تفهم مغزاها العميق، وينتمي فيلم Ex Machina لهذه النوعية من الأفلام، والذي تبيّن لي أنه عمل سينمائي ذو قيمة كبيرة، بعد أن شاهدته للمرة الثانية من خلال سوق الفيديو، عقب طرحه على اسطوانات DVD في يوليو.

تنبيه: السطور المقبلة ستكشف بطبيعة الحال عن أحداث الفيلم!

القصة والحبكة
بل وأتفق تماما مع بعض نقاد مجلة "فارايتي" السينمائية المتخصصة بأن Ex Machina من أهم أفلام الربع الثاني من 2015 حتى الآن (طرح في إبريل 2015)، والذي يحيي فكرة "الذكاء الاصطناعي" من جديد على شاشة السينما، بعد أعمال مثل فيلم المخرج ستيفن سبيلبرج Artificial Intelligence من إنتاج 2001، وBicentinnial Man للراحل روبن وليامز (2009)، ولكن بفكر واتجاه أنثوي خالص.

فالفيلم يدعم بصورة غير مباشرة لفكرة الـ Feminism، وهو المصطلح الذي أصبح رائجا في العالم خلال السنوات الأخيرة، ويدعو إلى مساواة المرأة بالرجل في كافة مجالات الحياة، ولكن جاء تجسيد المؤلف والمخرج أليكس جارلاند لها بصورة مرعبة قد يراها البعض بأنها مناهضة لذلك المبدأ من أساسه، وليست في صفه!

أبطال فيلم Ex Machina: "آيفا" و"ناثان" و"كاليب"

وأوصل أليكس جارلاند فكرته من خلال بطلته الرئيسية، وهي "آيفا" الإنسانة الآلية التي تتمتع بذكاء متطور يفوق العديد من البشر، والتي تتلاعب عقليا بـ "كاليب" وهو مهندس الكمبيوتر البشري الذي أحضره صانعها "ناثان" إلى منزله المعزول في إحدى الغابات كي يلتقيها ويعتمد درجة ذكائها من واقع جلسات يومية تتم بينهما، إلا أنه ومع نهاية الفيلم تنقلب "إيف" على صانعها السادي بقتله، وتخرج من سجنه إلى عالم البشر.

شاهد إعلان فيلم Ex Machina

وجاءت الحبكة الرئيسية السابقة كنسخة حديثة لعروس المسخ "فرانكستانين"، التي يتم تصنيعها من أشلاء جثث نساء أخريات بحسب أهواء صانعها، ولكن بعد أن تدب الحياة فيها يكتشف بأنها ليست طوعا له وتتمرد عليه، وتختار من تحب.

ولا أرى أن أليكس جارلاند بالغ في تجسيده لفكرة الـ Feminism بهذه الصورة المخيفة، والتي جعلت من "آيفا" كائن مستعد بتسخير كل ما تملك من دهاء وإغواء من أجل تدمير كل ما يعترض طريقه من أجل بلوغ هدفه، وبرز هذا تحديدا في مشهد تخلليها عن "كاليب" الموظف الطيب في شركة "ناثان"، الذي ساعدها على الهروب من منزل صانعها بعد أن وقع في حبها، وهو ما يعكس نموذج للعديد من سيدات القرن الـ 21، اللاتي لا يشغل بالهن سوى حياتهن العملية وبلوغ أعلى المناصب، ولا تشكل فكرة الزواج أولوية بالنسبة لهن عكس الأجيال السابقة.

"آيفا" في لقطة من Ex Machina

اختيار الممثلين
جاء اختيار الممثلة الواعدة أليشيا فيكاندر لدور "آيفا" موفقا للغاية، بكل ما تحمله ملامحها من براءة فائقة، وأنوثة من أجل تحقيق أهدافها المبيّتة تجاه "ناثان" و"كاليب"، فقد أدت الدور ببراعة مذهلة، وهو ما أهلها للمشاركة في الجزء الجديد من سلسلة أفلام Bourne الشهيرة للنجم مات ديمون، والمقرر عرضه في 2016.

كذلك وفق المخرج أليكس جارلاند في احتيار أوسكار إسحق في دور "ناثان" صانع "آيفا"، الذي يجسد الذكر السادي المتعامل مع النساء كأداء للمتعة الجسدية والترفيهية فقط، كذلك الحال بالنسبة دومنال جليسون في دور "كاليب" مهووس التكنولوجيا وقليل الخبرة في عالم النساء، وغير المدرك لخطورة "آيفا" وبتلاعبها به.

الإخراج
الفيلم أشبه برواية مسرحية تتصاعد أحداثها عند بلوغ فصلها الأخير، وتدور كلها في مكان واحد هو منزل "ناثان"، وأبطالها الرئيسيين هم ثلاثة فقط، وهو تناول قليلا ما نشاهده على شاشة السينما، ولا يجذب عدد كبير من المشاهدين، الذين يفضلون دراما حافلة بالأحداث المشوقة والأماكن المتنوعة.

ولكن رغما عن ذلك، نجح المخرج أليكس جارلاند أن يشد الانتباه منذ الدقائق الأولى للفيلم، وألا يفصح مكانا للملل في أحداث مخطوطته السينمائية، بسبب اعتماده على "لعبة الغموض" التي تسود الفيلم كله، بداية من تسلم "كاليب" لدعوة من رئيسه في العمل "ناثان" من أجل قضاء أسبوع في منزله، وحتى ما تخفيه "آيفا" وراء نظراتها البريئة وأسئلتها الماكرة لـ "كاليب".

من أجمل مشاهد فيلم Ex Machina هو الذي تقوم فيه "آيفا" بعد قتلها لصانعها "ناثان" بإخفاء أجزاء جسدها الآلية بأجزاء أنثوية آدمية وشعر مستعار، وارتدائها لفستان، لتبدو في النهاية كأنثى حقيقية تخرج إلى مجتمع البشر، دون أن يلحظ أحد أنها آلية سابقة، وكأنك تشاهد يرقة وأثناء تحولها إلى فراشة جميلة.

الخلاصة

إذا كنت من المؤيدين لفكرة المساواة بين الجنسين، ومن هواة غموض الخيال العلمي الخاص جدا بالمخرج الراحل ستانلي كوبريك، ومن محبي أفلام "الروبوت" أو الرجال الآلييين "الأندرويد"، على غرار فيلم Blade Runner للمخرج ريدلي سكوت (1982)، فإنك حتما ستحب هذا الفيلم.