"السندريلا".. عندما خسر الجميع

تاريخ النشر: الاثنين، 30 أكتوبر، 2006 | آخر تحديث: الاثنين، 30 أكتوبر، 2006

لم أجد اسم مسلسل "السندريلا" في المراكز الخمس الأولى في استفتاء موقعنا FilFan.com حتى لحظة كتابة تلك السطور ، وفي قرارة نفسي لم أجده يرقى حتى للدخول في منافسة على أي لقب.

أول ما دار في خلدي حينها عن ذلك المسلسل الذي شهد من الجدل القضائي والفني الكثير أثناء تصويره ، بحثي عن مبرر لتلك الضجة ، بل ولإنتاجه أساساً ، مبرر واحد يارب يسوقه لي صناعه ، إجابة للسؤال : لماذا فعلتم بسعاد حسني هذه الفعلة؟!

دعونا نخمن ، هل كان الدافع تكريم الراحلة سعاد وتخليد فنها بمسلسل تليفزيوني يعرض في زحام رمضان؟ أم تقديم منى زكي على أنها السندريلا الجديدة؟ أم استثمار مكانة سعاد في قلوب المشاهدين؟ أم هو سباق منتجين فحسب؟

لنتخيل أن السبب الأول صحيح ، فالحقيقة أن ما أتحفنا به الليثي وشركاؤه بعيد كل البعد عن تكريم سعاد ، وتخليد فنها ، فأقل أدوار سعاد فنياً أرقى بكثير من ذلك العمل ، وشخصية سعاد الحقيقية ظلمت كثيراً بحصرها في فساتينها التي صورت بها أعمالها ، أو قصة شعرها وضحكتها التي حاولت منى جاهدة رسمها.

أظن أن التكريم الوحيد الذي ساقه الليثي ومعه سمير سيف لسعاد عبر مسلسلهم ، هو إثبات استحالة إيجاد سندريلا جديدة ، حتى وإن قدمت شخصيتها واحدة من ألمع نجمات الجيل الحالي ، وهو ما أدخل منى في مقارنة ظالمة لصالح الراحلة السمراء بالطبع.

ولو أن الأمر تكريماً ، فلم يصر المنتج على تقديم المسلسل وحسب ، حتى وإن لم يعرض على شاشات التليفزيون المصري أولاً ، أليست سعاد من حق شعبها الذي ولدت بينه ، وصنعت نجوميتها من أجله ومعه ، وما كان ضروري أن يقدم المسلسل في رمضان ليضيع كما ضاعت غيره من الأعمال الجيدة والسيئة على السواء.

إذن لننتقل إلى الاحتمال الثاني ، بإن المسلسل وسيلة لتلميع منى ، وتقديمها على أنها الوريثة الشرعية لخفة دم وفن سعاد ، ولعل هذا يفسر كم النجوم الذين حشروا حشراً في ذلك العمل ، حتى لو في أدوار كومبارس متكلم في مشهدين ، مثلما كان الحال مع زوجها أحمد حلمي أو النجم أحمد السقا ، وغيرهم.

ولكن إن كان هذا المبرر - المرفوض بالطبع جملة وتفصيلاً - صحيحاً ، فإن صناع المسلسل فشلوا في تحقيقه أيضاً ، فأغلب المشاهدين كانوا ينظرون إلى منى ويقولون "لا ليست هذه سعاد إنها منى تحاول تقليدها" ، وباتت نظرات الإحباط ترتسم في أعين معجبي منى ، وهم يسألون لماذا قبلت فنانتهم المفضلة هذا الدور؟!

فمنى التي قدمت أدواراً تشهد لقدراتها الفنية وآخرها فيلم "عن العشق والهوى" ظهرت في المسلسل وكأنها تائهة ، مابين تقديم سعاد على طريقة منى زكي المستقلة ، أو تقمصها تماماً ومسح شخصيتها ، وهو خيار صعب ، لو تذكرت قليلاً المدرسة التي دخلتها مع العملاق أحمد زكي أثناء تجسيده لشخصية الرئيس الراحل أنور السادات أمامها في فيلم "أيام السادات" لعرفت الإجابة على الفور.

لننتقل إلى الدافع الثالث ، والأقرب إلى الواقع حسب تفكيري البسيط ، والذي يرتبط بشدة مع المبرر الرابع ، فأغلب الظن ، أن الكاتب ممدوح الليثي رئيس جهاز السينما عندما علم بخطة شركة العدل لإنتاج مسلسل عن سعاد على غرار مسلسلهم "العندليب حكاية شعب" – وهذا موال أخرى – سأل نفسه لما لا يكون صاحب السبق إلى تلك الكعكة مضمونة الربح.

وهنا دعونا نوزع تفكيرنا مع الطرفين ، الليثي والعدل ، فالليثي ظل يؤكد على أحقيته في إنتاج مسلسل عن سعاد ، دون الرجوع إلى الورثة أو استئذان العدل الذي اشتروا حقوق تجسيد حياتها على الشاشة من ورثتها ، وضرب بكل الأحكام القضائية الصادرة بمنعه من التصوير وإسقاط موافقة الرقابة على تصوير المسلسل دون إذن الورثة ، ومن توزيع ونشر المسلسل ، وظل يصور ويحضر مسلسله للعرض.

كان الليثي يسابق الزمن لإنهاء المسلسل ، كاتباً سيناريو استند في أغلبه لمن عاصروا حياة سعاد من الخارج ، وابتعد عن بيتها وعن حياتها الخفية عن العيون لكي لا يدخل في صدام مع الورثة ، رافعاً شعار أقل تكلفة بأكثر ربح ، فلماذا يدفع مبالغ طائلة للورثة ، بينما من الممكن أن يتكسب من واحدة من بنات عائلة حسني دون الرجوع لمن بقى منها.

وفي المقابل نرى موقف شركة العدل ، الذي كان من الناحية القانونية صحيحاً ، وقاموا باتباع الأساليب القانونية والشرعية لتقديم عمل مماثل ، وحينما علموا بنية الليثي ، لجأوا إلى القضاء ، وظلت التأكيدات على رفضهم مثل هذا العمل ، وعلى أنهم لن يتركوا حقهم ، وحق الورثة.

وفجأة .. نقرأ جميعاً أن شركة العدل تصالحت مع شركة نور المشاركة في إنتاج مسلسل الليثي ، على أن تصبح شريكة في الأرباح ، حسبة بسيطة ، مبلغ يدفع ، وتنهار كل القيم التي سمعتها من مسئولي شركة العدل أثناء دفاعهم عن حقهم في السبق وتقديم مسلسلهم قبل الليثي.

فالأمر هكذا إذن ، لا المستوى الدرامي ، ولا حقوق ورثة ، ولا شيء ، إنها جنيهات كثرت أم قلت حاول أبناء العدل جنيها ، بدلا من أن يصبح الليثي وحده الكاسب الوحيد ، نسى مسئولو شركة العدل فجأة أن المسلسل عليه ثلاثة أحكام قضائية بمنع عرضه ، وأن الرقابة أزالت تصريحها بتصويره أساساً ، ونسوا أن الورثة لم يوافقوا على هذا العمل .. نسوا الأقلام التي دافعت عن الحق ، عندما تنازلوا عنه.

الحقيقة أن الكل خاسر في ذلك الشيء الذي هل علينا مع رمضان المنصرم ، وتظل السندريلا الحقيقية سعاد حسني هي الرابحة الوحيدة ، والتي سيبقى أقل أفلامها أفضل بكثير مما وضعوا عليه غصباً اسمها.