"التجارة بالحنين" تعيد عمرو دياب شابًا

تاريخ النشر: الاثنين، 1 يونيو، 2015 | آخر تحديث:
عمرو دياب في مايو ٢٠١٥ يرتدي البلوفر الذي ظهر به في أغنيته المصورة "تملي معاك"

زمن الفن الجميل، عبارة استهلكت في الإعلام منذ سنوات طويلة، تتناول جيل الفنانين القدامى بحالة من التقديس، وتركز أكثر على فني الغناء والسينما، تمجد عبد الحليم حافظ وشكل غناءه، وتتغزل في صحبة الكتاب والملحنين الذين شاركوا أم كلثوم في صناعة مجدها الغنائي.

وكلما رحل فنان لا يزال يعيش من من الجيل القديم عبرنا عن إحساس مفزع لأنه رحل وأخذ معه زمنًا لن يعوض.

ولم يظل الحنين إلى زمن الفن الجميل محصورًا في الخمسينيات والستينيات، بل انتقل تدريجيا إلى عقد السبعينيات وعقد الثمانينيات، هذان العقدان اللذان ظهر معهما تطور وسائل جديدة يمكن أن نشاهد من خلالها السينما عن طريق الفيديو، ونسمع فيها الأغاني عن طريق جهاز الكاسيت المتنقل، وظهرت فنون جديدة للعرض على شاشات التليفزيون الملون مثل الإعلانات وأغاني الفيديو كليب.

وبظهور الانترنت في مطلع التسعينيات بدأت طريقة استرجاع هذه الفنون تستخدم المواقع الإلكترونية، آخرها موقع YouTube الذي ظهر في منتصف عقد الألفينيات، وهو الموقع الذي أحيا فكرة الحنين إلى سنوات قريبة كان فيها جيل الشباب الحالي في فترة طفولته.

وبظهور موقع الفيديوهات الشهير أصبح هذا الجيل شابًا لديه متسع من القنوات الكثيرة في التليفزيون، وعن طريق الفيديو استطاع جيل الشباب الحالي استرجاع ما سجله الآباء على شرائط الفيديو من كليبات ومواد تلفزيونية صنعت صفحات استخدمت الحنين مادة لها مثل "جروب ذكريات من عمر وفات" وغيرها، ولم يستطع الجيل الأكبر سنا أن يستعيد ذكرياته في تلفزيون الستينيات وأوائل السبعينيات لأنه لم يكن يملك في هذا الزمن وسيلة التسجيل من التلفزيون ففقد علاقته بذكرياته.

شاهد- "ماسبيرو زمان" من برنامج "صاحبة السعادة" لإسعاد يونس

شاهد- "ماسبيرو زمان - الجزء الثاني" من برنامج "صاحبة السعادة" لإسعاد يونس

وهنا افسح المجال لمواد الثمانينيات بأن تلمع وتشعل الحنين في وجدان شباب الزمن الحالي الذين كانوا أطفالا وقتها، رغم صورتها الرديئة وحالتها التكنولوجية المتواضعة وموادها التي قد تثير سخريتهم لضعف إمكانياتها مقارنة بإمكانيات الزمن الحالي لكنهم تمسكوا بها وأحبوها، ربما لأنهم وجدوا في الفنون المنتمية لطفولتهم شيئًا يخص زمنهم، يواجهون به زمن آبائهم ويعوضون بها حاضرًا يشعرون فيه بالتشتت ولا يرتبطون فيه بفنون تعبر عنهم بصورة حقيقية وعميقة.

وحاليا تستغل وسائل الإعلام ذلك، فوجد أصحاب القنوات أن المواد التي تستدعي الحنين تحقق نسب مشاهدة تلفزيونية عالية، بدأها طارق نور في قناته "القاهرة والناس" بعرض أجزاء من إعلاناته القديمة التي كان ينتجها في التسعينيات، واستخدمها أحمد مكي في الكثير من أفلامه ومسلسلاته لأنه من نفس الجيل الذي يحنّ، وحديثا ظهر برنامج "صاحبة السعادة" التي تقدمه الفنانة إسعاد يونس، واستحضرت فيه عشرات الشخصيات التي كانت تقدم موادا فنية في زمن الثمانينيات والتسعينيات كالمطربين وفتيات الإعلانات والأطفال الذين مثلوا صغارا وصاروا الآن كبارا وغيرها، وطعمتها بمواد قديمة من التلفزيون أو السينما، ونجحت لأنها قرأت أذهان الجمهور جيدا، فأعجبت الجمهور، وأثار بعض المطربين الإعجاب لا لقوة فنهم، فربما كان فنهم الذي يقدموه منذ عشرين عاماً لا يروق لغالبية الناس لكنه راق لهم الآن لأنه صار "أنتيكة" ومصدر ذكريات.

واستخدمت الإعلانات الحالية نفس الفكرة فبحثت عن جيل "بمبم" وذكرتنا بطفولتنا وذكريات طفولتنا وهي تقدم سلعتها الإعلانية لأنها تعلم أن الشريحة الأكبر الموجه لها الإعلان هي شريحة الشباب الذي عاش هذه الذكريات، حتى أن بعض الشركات التي كانت تقدم منتجات في طفولتنا كالبسكويت أو اللبان عادت لإحياء منتجاتها ودعمها بالإعلانات مستخدمة ذكرياتنا مع هذه السلعة في طفولتنا.

كل ما سبق يمكن أن يمهد ويفسر لنا سر إعلان إحدى الشركات التي أعادت إظهار اللوك القديم لعمرو دياب في بعض أغانيه، وطلبت منه في مطلع هذا الصيف أن يرتدي نفس الملابس التي ظهر بها في بعض "كليباته" القديمة مستخدمة ذلك وترويجها لمنتجها وأغانيه والذكريات المرتبطة بها.

ووافق عمرو دياب فارتدى البلوفر الشتوي الأزرق رغم أننا الآن في بدايات الصيف، لأنه فهم ما يفعله الحنين في عواطف جمهور الإعلان، واستخدم عبارة"بنعيد الذكريات بحكايات مااتقالتش ولا اتشافت قبل كده"تيمة إعلانية ناجحة تعيد إنتاج عمرو دياب بصورة جديدة، وترّوج لشبابه وجاذبيته التي لم تتغير بين زمني ارتداء "التي شيرت" و"الكاب"، فتكون المادة الإعلانية مكسبا متعددا له، وتجديدا لطريقة ظهوره في نفس الوقت، خاصة بعد كل مرة يبدو فيها بصورة تظهره متمعاً بمظهر الشباب.

بنعيد الذكريات بحكايات متقالتش ولا إتشافت قبل كدة، إسمع وشوف من #عمرو_دياب بنفسه مفاجأت حصرية! فقط على #عالم_عمرو_دياب. إشترك دلوقتي #66* و إستمتع ب٣ ايام مجانآالخدمة متاحة لجميع عملاء #ڤودافون

Posted by Amr Diab on Monday, 25 May 2015

فإذا كان الحنين "موضة" استخدمها غيره ونجحت فلماذا لا يستخدمها هو، واستخدمها غيره، مثلما عاد علاء عبد الخالق وحنان ماضي وعايدة الأيوبي وكثيرين غابوا عن الساحة الفنية وعادوا لتقديم الحفلات من جديد وهم متأكدون أن الجيل الذي سمعهم في صغره هو أول من سيبحث عنهم، فأصبح الحنين طريقة مضمونة يحاول به الفنان أو المعلن استعادة أو تأكيد مكانه بأقل مجهود لأنه تأكد أن ذلك الحنين –حسب قراءة الواقع ونفسية الجمهور-يمكن أن يصبح أداته التسويقية الأولى لكسب قاعدة كبيرة من النجاح.


شاهد- إعلان "عالم عمرودياب"