أحمد خالد
أحمد خالد تاريخ النشر: الأربعاء، 27 مايو، 2015 | آخر تحديث:
مايكل أرندت

بعض الأشخاص عليهم التضحية والمخاطرة بكل ما يمتلكوه ليحصلوا على ما يرغبون به، ولكن قليلون هم من لديهم الجرأة على المخاطرة، مايكل أرندت هو واحد من هؤلاء المخاطرين، فالأمريكي الذي تخرج في مدرسة تيش للفنون اتجه لهوليوود بعد تخرجه ليعمل كمساعد للعديد من الممثلين أبرزهم ماثيو برودريك قرر بعد ذلك التضحية بوظيفته من أجل حلمه ليصبح بعدها بعقد من الزمن واحد من أبرز كتاب السيناريو في هوليوود.

حكاية أرندت بدأت عندما في عام 1997 أثناء عمله كمساعد لبرودريك بعد أن خطرت بباله فكرة فيلم عن عائلة تسافر بسيارة والتغيير الذي سيحدث لأفراد العائلة بعد تلك الرحلة، لكن ارندت كان متردداً حينها أن يكتب هذا الفيلم بسبب قناعته بأنه غير قادر على تحويل تلك الفكرة إلى فيلم روائي طويل، الفكرة استمرت في رأسه لعدة سنوات ومن بين العديد من الأفكار الأخرى كانت تلك الفكرة هي المفضلة له.

"تركي للوظيفة التي تعتبر مصدر التمويل الوحيد لي كان مثل القفز من طائرة، كنت أرغب في النجاة" – ارندت

في أواخر عام 1999 قرر أرندت أن يقوم بالمخاطرة الأهم في حياته، إذ ترك عمله وقرر التفرغ للكتابة، حينها أرندت كان يملك مبلغا بسيطا من المال أدخره قرر أن يعيش به حياة التقشف حتى يحقق حلمه، ولكن لم يكن الأمر سهلاً، فظل أرندت لمدة عام يكتب سيناريوهات لعدة أفكار ويعدل عليها دون فائدة.

في مايو 2000 شاهد مايكل أرندت الفيلم الياباني My Neighbors The Yamadas للمخرج الياباني ايزاو تاكاهاتا الذي عرض حينها في معرض الفن الحديث في نيويورك، بعد مشاهدة الفيلم الذي تدور أحداثه حول حياة عائلة، قرر أرندت العودة إلى فكرته القديمة والتي أطلق عليها Little Miss Sunshine وأن يكتب المسودة الأولى للسيناريو، وبالفعل كتب المسودة في ثلاثة أيام فقط.

أكثر من 100 صفحة كتبها أرندت بكل شغف دون راحة، ولكن بما أنه معروف لجميع كتاب السيناريو أن "الكتابة هي إعادة الكتابة " فظل أرندت يعدل على السيناريو الذي كتبه في ثلاثة أيام لمدة عام كامل.

بعد الانتهاء من السيناريو قرر أرندت أن يخرج الفيلم وحاول أن يجد التمويل الكافي ولكنه فشل، فقرر أن يكتفي بالكتابة فقط وأن يبحث عن منتجين، وبالفعل أعطى أرندت السيناريو للمنتجين رون يرشا وألبرت بيرجر، الثنائي الذي اتفق مع شركة Deep River Productions للبحث عن مخرج للفيلم.

" شعرنا أن السيناريو مكتوباً خصيصاً لنا" – دايتون وفايس

الاختيار وقع على المخرجان جوناثان دايتون وفاليري فايس، الثنائي أبديا إعجابهما الشديد بالسيناريو ورغبتهما في إخراج الفيلم، وفي ديسمبر 2001 بدأت أولى الخطوات الفعلية لإنتاج الفيلم حيث اشترى المنتج مارك تارتيلتوب، أحد منتجي الفيلم، السيناريو من أرندت مقابل 250 ألف دولار، بعد انسحاب شركة Deep River بدأ البحث عن شركات أخرى لتمويل الفيلم حتى تم الاستقرار على شركة Focus Feature ولكن بدأ حينها حلم أرندت في التلاشي.

شركة Focus Feature طلبت تعديلات عديدة على السيناريو ومع رفض أرندت لتلك التعديلات تم طرده وتعيين مؤلف أخر والذي قام بالتعديلات التي طلبتها الشركة واستمر المؤلف الجديد لمدة 4 أسابيع في كتابة النسخة الجديدة من السيناريو، لكن في تلك الأثناء حدث تغيير في إدارة الشركة وتم تعيين إدارة جديدة والتي قامت بطرد المؤلف الجديد وتعيين أرندت من جديد، ولكن المشاكل لم تقف عند هذا الحد.

بعد سنتين من التحضير للفيلم، قررت شركة Focus Feature أن تضع سيناريو الفيلم في الدرج وتأجل تصويره إلى وقت غير معلوم ، وتردد حينها عدم اقتناع الشركة بفكرة الفيلم بشكل تام ليقوم حينها مارك تارتيلتوب بإنقاذ الفيلم من جديد واشتراه من الشركة مقابل 400 ألف دولار، ونجح في إيجاد تمويل بقيمة 8 مليون ليصور الفيلم، مما أعاد الأمل لمايكل أرندت من جديد.

عُرض الفيلم في 26 يوليو 2006 وحقق إيرادات بلغت أكثر من 100 مليون دولار، وبالرغم من المنافسة الشديدة في ذلك العام على جوائز الأوسكار، إلا أن مايكل أرندت استطاع بفيلمه الأول كمؤلف أن يحصد جائزة أفضل سيناريو أصلي من بين عمالقة مثل المكسيكي جوليرمو أرياجا مؤلف فيلم Babel وجوليرمو دي تورو مؤلف فيلم Pan's Labyrinth وآيريس ياماتيشا مؤلفة Letters from Iwo Jima وبيتر مورجن مؤلف The Queen.

رحلة أرندت لم تتوقف عند هذا الحد، فتم تعيينه بعد ذلك لكتابة سيناريو فيلم Toy Story 3 والذي حصد عنه ترشيحاً للأوسكار لكنه خسر هذه المرة لصالح أرون سوركن مؤلف فيلم The Social Network.

كما شارك أرندت في كتابة فيلم ديزني Brave وفيلم الأكشن Oblivion لتوم كروز، وأخيراً الجزء الثاني من سلسلة أفلام The Hunger Games.

الجدير بالذكر أن سيناريو فيلم Little Miss Sunshine أصبح حالياً من أهم السيناريوهات التي يتم تدريسها لطلاب الكتابة في جميع المعاهد والجامعات وورش التعليم، إذ يعتبر تطور الشخصيات في هذا الفيلم نموذجاً يستحق الدراسة والتعليم.