خلاط الدراما!

تاريخ النشر: الثلاثاء، 3 أكتوبر، 2006 | آخر تحديث: الثلاثاء، 3 أكتوبر، 2006

"هل رب رمضان غير رب باقي الشهور؟!".. كثيراً ما يردد رجال الدين على المصليين في الجمعة الأخيرة في شهر رمضان المكرم تلك العبارة ، وبالطبع المثل الأعلى لله ، ومع الفارق الرهيب في التشبيه إلا أني مع كل رمضان أسأل نفسي "أليس تليفزيون رمضان هو تلفزيون بقية الأشهر؟"!

لم أستطع دفع هذا السؤال عني مع ظهور الهلال الذي ينتظره المصريون بشغف هذا العام ، إذ ظهرت معه رؤية الأعمال الفائزة في رهان العرض على شاشات التليفزيون الأرضي لهذا العام ، وانطلقت الاحتجاجات والاتهامات بالمحسوبية وبالاضطهاد المتعمد .. ومحاولة انتحار!.

لما يصر المنتجون على تقديم كافة موادهم وأكثرها قيمة بالنسبة لهم في هذا الشهر ، وكأن التليفزيون يغلق أبوابه في غير رمضان ، مع الوضع في الاعتبار أن اليوم في رمضان يكون مقسما ما بين الصيام والإفطار والقيام والزيارات العائلية وغيرها ، وهي ظروف قد تجعل ساعات المشاهدة أقل وليس العكس.

كم أن من المفترض أن العمل الذي يفرض نفسه على الخريطة الرمضانية بقوته فنياً سيكون قادراً على كسب ثقة الجمهور وجذبهم وبشكل أكبر في غير رمضان ، حين تكون المنافسة هادئة ، وبصورة تتيح لكل مشاهد القدرة على الحكم على أكثر من عمل ، وهذا ما رآه الفنان الكبير محمد صبحي والذي قرر عرض مسلسله "عايش في الغيبوبة" بعد رمضان.

ما المشكلة في ذلك ، هل سيقل قدر النجمة إذا عرض مسلسلها في غير رمضان؟ ومن يستطيع الاختيار من بين خمسين عملا دراميا يعرضون على المحطات الأرضية والفضائية؟ قد يقول البعض إن التنوع مطلوب ، سأرد وأين التنوع بقية العام؟ وهل يعني التهام كل ما أمامك من طعام في وقت واحد تنوعاً؟ إذن ماذا تعني كلمة "طفاسة"؟

الأمر هذا العام لم يكتف بوجود كم كبير من الأعمال الدرامية التي قد لا يسمع بها المشاهد ، بعدما يتأخر موعد عرضها لبعد منتصف الليل ، أو بسبب تصادمها مع عمل آخر لنجم كبير ، لكنه أمتد للفنانين الذين حجبت أعمالهم عن العرض في رمضان ، لنقرأ خبراً عن محاولة انتحار الممثلة الشابة إيمان أيوب.

مع رد فعل كهذا يصبح الأمر أشبه بنظرية مؤامرة ، لنرى أبناء الصنعة الواحدة يرمون بعضهم البعض باتهامات قد تصل إلى قضايا السب والقذف ، مثل الاتهام بالرشوة أو المحسوبية في اختيار المسلسلات المعروضة ، أو اتهام التليفزيون بالعنصرية باعتبار حجب مسلسل "حدائق الشيطان" للكاتب محمد صفاء عامر في رمضان يعود لأن بطله سوري هو جمال سليمان!

شكل آخر من أشكال العنصرية وهي هنا على أساس ديني ، إذ لم تر الفنانة المعتزلة سابقاً سهير رمزي أي سبب لمنع مسلسلها من العرض في رمضان على التليفزيون المصري إلا لكونها محجبة ، وصرحت بأنها مصدومة لقرار التليفزيون بمحاربة أعمال المحجبات.

أنا لا أقف إلى جانب المسئولين في التلفزيون أو إلى جانب الفنانين "يا حرام" المحرومين من عرض أعمالهم في رمضان " ، لكني أحاول الوقوف في صف المشاهد ، الذي يشعر وكأنه سقط في خلاط دراما ، عليه أن يلتقط له كم حلقة ، أو أن يدعهم يجرون من حوله ويردد القول المألوف "أكيد هايتعاد بعد رمضان".