الموسيقى البديلة.. بديلة لإيه؟

تاريخ النشر: الأحد، 8 فبراير، 2015 | آخر تحديث:
فريق الروك المستقل The Never Setting Suns

تاريخ الموسيقى في العالم زى أى علم وفن.. مليان ثورات. فكرة أو طريقة بتبقى مسيطرة لفترة من الزمن، وكل الناس مقتنعة إن ده "الصح". فجأة تظهر فكرة جديدة، بتقول ان "الصح" ده "غلط" أو "مش صح أوي" أو "في حاجات تانية كمان صح".

وتقعد الأفكار والمواهب والطرق تتصارع (صراع إيجابي يعني) عشان تثبت رأيها ووجودها.. سنة الحياة.

اللي يهمنا هنا هو عالم "الموسيقى الجماهيرية" أو Popular Music ، وهى كلمة اتعرّفت بتعريفات كتير عند النقاد، لكن المهم إنها الموسيقى اللي بيسمعها وبيستهلكها الناس، الناس كلها، من غير ما يحتاجوا معرفة كبيرة بالقواعد، بيسمعوها في الحفلات العامة، والإسطوانات وشرايط الكاسيت والسي دي، وبتبقى متداولة في الشارع والراديو والتليفزيون والإنترنت.

ليه بنقول "الناس" وخلاص؟؟ لأن في أنواع تانية من الموسيقى أقل في التداول، وأصعب في التذوق، والناس هى اللي بتروحلها مش المزيكا هى اللي بتجيلهم.. وده موضوع تاني.

الموسيقى الجماهيرية دي مشيت في طرق كتير جدا، ولأنها بتتقدم لقطاعات عريضة في المجتمع إتأثرت جدا بالمجتمع ده، بكل اللي بيحصل فيه، سياسة.. إقتصاد.. أخلاق.. عادات.. تقاليد. عشان كده كل مجتمع عنده مراحل في الموسيقى الجماهيرية بتاعته، حسب ظروفه.

يعني في فترة طويلة من تاريخ أمريكا وأوروبا الحديث كان "الروك" هو عنوان الموسيقى الجماهيرية، نوع موسيقي ظهر مع تطورات كبيرة في المجتمع والتكنولوجيا، حريات أكبر وثورة في مفاهيم اجتماعية كتير وشركات إنتاج موسيقي ضخمة ظهرت وكمان آلات موسيقية كهربائية (الأورج والجيتار الكهربائي)، حاجات كلها غيرت شكل الموسيقى والحفلات وطريقة الغنا والكلمات.

لكن عندنا مثلا في نفس الفترة (الخمسينات والستينات) كل الحاجات دي كانت مختلفة، لأن التطور كان لسه بيعافر عشان نوصل مثلا لمفهوم الأغنية القصيرة (اللي كانوا بيقولوا عليها شبابية ويشتموها برضو) على إيد ناس زي محمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ ومحمد فوزي... وكنا كمان لسه بنعافر في استخدام آلات غربية الطابع، وبنعافر في استخدام التوزيع الموسيقي على الطريقة الغربية، وطبعا كنا لسه ما استخدمناش خالص أي آلات كهربائية في الأغاني. ليه باقول بنعافر؟؟ عشان كان دايما أى حد بيحاول يدخّل الأفكار الجديدة دي بيواجهه تيّار عنيف من الهجوم والإتهام إنه بيفسد الموسيقى بتاعتنا وبيفسد الذوق العام وهكذا.. التجديد دايما كان أصعب، لكن كان بينتصر في النهاية.

شاهد- العصر الذهبي للروك في الستينات

شاهد- العصر الذهبي للروك في السبعينات

بس الموضوع ما وقفش عند كده.. مع نهاية الستينات وبداية السبعينات، ظهرت ثورة تانية على القواعد، كان وقتها الموسيقى الجماهيرية ليها أنواع الحدود بتاعتها واضحة، والإختلافات بينها واضحة زى الـ "روك" والـ"جاز" والـ"كانتري ميوزيك".. كل نوع ليه جمهوره والفنانين المشهورين بتقديمه، والشركات اللي بتنتجه.

الثورة دي حملت اسم "الروك البديل" أو "الموسيقى البديلة"، كان هدفها إن الأنواع دي تنفتح أكتر على بعضها، وعلى موسيقى العالم حواليها، وتستفيد من ظواهر كتير كانت بدأت تظهر على نطاق ضيق زى الراب والهيب هوب. وفعلا، كل نوع كان ليه طابع مستقر، بدأ يتفرع لأنواع كتير، وتقسيمات أكتر، على حسب التغيير اللي حصل فيه.

بمعنى أصح، ما بقاش فيه تقسيمات واضحة وحادة، وبقت ثقافة دمج أنواع متعددة شائعة وليها جمهور، بقت موضة العصر الجديد.

الموسيقى البديلة وثورتها ما ظهرتش بس في طريقة صناعة المزيكا، لكن كمان عشان تجاوب على أسئلة كتير:

- إحتكار إنتاج المزيكا من شركات ضخمة، هي اللي بتفرض الذوق على الجمهور، بفلوسها ونفوذها والإعلام اللي تحت سيطرتها.. هل ده في مصلحة المزيكا واللي بيعملوها؟؟ يعني اللي عنده مزيكا مختلفة عن النوع اللي بتعمله الشركات، يقدمها فين؟ يسمّعها للجمهور ازاى؟؟ مش جايز تعجب الجمهور لو أخدت فرصتها؟

- لو فيه فنان بيقدم أعمال جيدة لكن الشركات الضخمة مش راضية تنتج له أعماله، خايفة أو مترددة أو شايفاه مش "جماهيري"، لازم الفنان ده يكون عنده بدائل، أماكن عرض تانية لجمهوره -حتى لو قليل- وإلا هنقضي على الإختلاف والتنوع، أو يضطر الفنان ده يعمل النوع اللي الشركات بتطلبه وينسى مشروعه الخاص.

- التطور اللي بيحصل في التكنولوجيا خلّى صناعة المزيكا أسهل وأرخص، تقدر تعمل استوديو تسجيل في بيتك، في أى مكان صغير، تقدر تسوّق شغلك من خلال محطات راديو صغيرة ويتكتب عنه من مجلات وجرايد صغيرة، ولاحقا طبعا "الإنترنت" اللي هى عملت مرحلة تانية من الثورة لوحدها...

وما زالت الثورات مستمرة ☺