"صنع في مصر": أحمد حلمي يفشل في سرد "حدوتته" للكبار

تاريخ النشر: الثلاثاء، 19 أغسطس، 2014 | آخر تحديث:
أحمد حلمي في ملصق فيلم "صنع في مصر"

بعد مشاهدتي لفيلم "صنع في مصر"، بات من الواضح أن الفنان أحمد حلمي يعيش حالة من الحيرة حول ما يقدمه لجمهوره على شاشة السينما للمحافظة على مكانته كواحد من أقوى الأسماء المنعشة لشباك التذاكر.

فبعد أن استمر "حلمي" في تقديم سلسلة من الأفلام ذات المضمون الفلسفي، بداية من "آسف على الإزعاج" في 2008، والذي حقق نجاحا كبيرا وغير متوقع، ونهاية بـ "على جثتي" في 2013، والذي قوبل على النقيض بفتور جماهيري ونقدي، قرر الممثل الموهوب أن يعود في "صنع في مصر" إلى "ثيمته" الرئيسية التي اقتحم من خلالها قلوب قطاع عريض من جمهوره، وهم الأطفال.

ولكن جاء الفيلم في المقابل صدمة حقيقية، فمن الجميل أن تقدم فيلما للأطفال من الألف إلى الياء، وفي إطار أشبه بـ "حواديت قبل النوم"، ولكن اعتراضي على أن يتم تقديمها بسطحية شديدة وباستخفاف عال تضيع قيمة رسالته التي أراد توصيلها، وهي: "إنك تعيش يوم واحد بتعمل الحاجة اللي بتحبها...أحسن من إنك تعيش 100 سنة بتعمل حاجة مبتحبهاش".

حلمي مع المخرج عمرو سلامة بكواليس الفيلم


وعلى الرغم من علمي المسبق بالمضمون "الطفولي" للفيلم قبل دخولي لمشاهدته، إلا أن ما حفزني على متابعته هو فضولي لرؤية ما سيثمر عنه التعاون الأول بين فنان ذو وعي وثقافة مثل أحمد حلمي ومخرج صاحب أفلام مثيرة للجدل بسبب تناولها لقضايا يتخوف الكثير من الاقتراب منها، ومنها نظرة المجتمع الشرقي للمصاب بالإيدز في "أسماء"، وسلبيات المجتمع المصري حاليا في "لا مؤاخذة" مثل عمرو سلامة، إلا أن ظني خاب في النهاية.

أيضا من عوامل صدمتي في "صنع في مصر" هو تكرار أحمد حلمي لفكرة "اتهرست" في أفلام سابقة له مثل "1000 مبروك" و"على جثتي"، وهي "التحول من السلبية إلى الإيجابية"، من خلال الحبكة الرئيسية للفيلم، والتي تتناول "حدوتة" الشاب "علاء" الذي يتكاسل عن تنفيذ دمى لمسرحية شقيقته الصغرى، حتى يصاب بلعنة منها وهي انتقال روحه إلى "دبدوب" في محل الألعاب الذي يعمل فيه، وانتقال روح الدمية إلى جسده.

لا أدري ما السر وراء خفوت نجم كل ممثلة تقف أمام أحمد حلمي في أفلامه، بداية من منة شلبي، ومرورا بغادة عادل، ونهاية بياسمين رئيس، التي كانت تشع موهبة وبريقا قبل أشهر في أولى بطولاتها السينمائية "فتاة المصنع"؟ ربما يعود هذا إلى تركيز سيناريوهات كل أفلام حلمي على الشخصية التي يلعبها.

من حسنات فيلم "صنع في مصر" بخلاف جودة الصورة، هو الطفلة الموهبة "نور عثمان"، التي اكتشف أحمد حلمي امتلاكها لخفة دم منذ أن وقعت عينيه عليها للمرة الأولى في الموسم الثالث من برنامج Arabs Got Talent، والتي أبرزت تلقائية وحضورا لافتا على الشاشة، على الرغم من قصر دورها في الفيلم، وهو ما يبشر بأن تكون خليفة منة عرفة.

الطفلة نور عثمان كانت من حسنات "صنع في مصر"


قرار صناع الفيلم بحذف عدد من مشاهده لأسباب فنية متعلقة بطول مدة عرضه جاء صائبا للغاية، وإن كنت أرى أنه لم يُنفذ بشكل جيد في نسخته النهائية بسبب سيناريو مصطفى حلمي الذي حاول من خلاله "زغزغة" المتفرج في بعض المشاهد، ومنها ذلك الذي حاولت فيه ياسمين رئيس إغواء طبيب مستشفى الأمراض العقلية إدوارد لتهريب صديقها أحمد حلمي منها.

"صنع في مصر" فيلم سيستمتع الأطفال بمشاهدته من دون شك، بسبب العديد من مشاهد أحمد حلمي التي جمعته مع "الدبدوب" ومحاولة خروجهما من اللعنة العالقان فيها، والمصطبغة بصبغة كرتونية في بعض الأحيان، بدليل "قهقهة" الأطفال بداخل دور العرض، ولكن أرجو من أحمد حلمي أن يعيد حساباته بعدها، ويحاول أن يقدم فيما بعد فيلما لا يقلل من ذكاء جمهوره، وتحديدا الكبار، حتى لا يقع في فخ المثل الشهير "جحا وابنه والحمار".

ناقشني عبر حسابي بموقع Twitter @KTaha80