محمد صالح
محمد صالح تاريخ النشر: الثلاثاء، 10 يونيو، 2014 | آخر تحديث:
التشفير أزمة أصابت جمهور الكرة بالإحباط

كانت كرة القدم دائما تحمل المتعة والترفية لكثيرين أرهقتهم متاعب الحياة، ووجدوا في إثارة مباريات الكرة متنفسا يخرجون منه ولو "مؤقتا" من واقعهم المرهق، ودائما ما كان هذا الأمر يتم بدون مشكلات، ولكن الوضع اختلف منذ بضعة سنوات.

ومع دخول مصطلح "تشفير"، وارتباطه بالمباريات والبطولات الهامة، أصبحت كرة القدم تشكل عبئا إضافيا على مواطن لا تنقصه الأعباء، وانتقلت الكرة من إحدى الأشياء القليلة التي تسعد الشعوب، إلى أحد الأمور الاقتصادية التي تجلب الأموال.

وتتعدد الآراء في هذا الأمر، وفيما يرى البعض أن "التشفير" كابوس عرفته الكرة ولابد من رحيله، يرى آخرون أن ما يحدث شيئا طبيعيا، وأن كرة القدم كان لابد وأن تتحول إلى صناعة تجلب الربح لعناصرها.

مرحلة ART
عرف الجمهور العربي مصطلح "تشفير" على يد الشبكة التليفزيونية السعودية الشهيرة لمالكها الشيخ صالح كامل، وكان أول مونديال عرف التشفير هو كأس العالم الذي أقيم في ألمانيا عام 2006.

وهوجمت ART بشكل كبير بالتزامن مع ذلك، بعدما وجد المشاهد نفسه مضطرا لدفع أموال كثيرا لمشاهدة مباريات فرقه المفضلة، أو الجلوس على المقهى من أجل ذلك.

واضطرت ART وقتها لبيع حقوق البث لبعض البلدان مقابل مبالغ مالية، ولكن التليفزيون المصري لم يحصل على حقوق البث حينها.

وعرض التليفزيون وقتها فقط المباراة النهائية التي جمعت بين فرنسا وإيطاليا، وحسمها الطليان لصالحهم بضربات الترجيح.

Bein رضخت وغيرت من نظام الدفع


مرحلة "الجزيرة"
بدء من 2010، أصبح كأس العالم ملكا لشبكة "الجزيرة" الرياضية، والتي تحول اسمها فيما بعد إلى BeinSports، التي اشترت حقوق بث المباريات الرياضية من ART في 2009، وضمت الشبكة التليفزيونية القطرية البطولة لمجموعة أخرى من البطولات الهامة التي تسيطر عليها.

وفشل التليفزيون المصري في 2010 في جلب أية مباريات للنقل المحلي، وهو أيضا ما لم تنجح في فعله دول أخرى، فيما حصلت الجزائر على حقوق البث الداخلي لمباريات فريقها الوطني، بعدما رضخت لشروط "الجزيرة" ليتمكن الشعب الجزائري من مشاهد مباريات فريقه في المونديال.

ومع عدم وجود شبكات تليفزيونية رياضية منافسة تستطيع دفع أموال باهظة للاتحاد الدولي "فيفا" من أجل نقل مباريات كأس العالم، استحوذت BeinSports على بطولة 2014، ووضعت نظام محدد ليتمكن الجمهور من مشاهدة المباريات.

الشبكة القطرية وضعت نظاما ألزم المشاهد بالاشتراك لمدة سنة كاملة مقابل مشاهدة مباريات كأس العالم، وذلك مقابل مبلغ 2300 جنيها مصريا، تشتمل جهاز الاتصال، وهو ما لاقى استهجان الكثيرين.

وقدم المصريين شكاوى عديدة لجهاز حماية المستهلك في مصر، لترضخ BeinSports في النهاية وتضع نظاما يشمل 3 شهور فقط مقابل نصف المبلغ الأول.

زيادة المعاناة
يستمر التشفير في الوقت الذي يعاني فيه المشاهد المصري من أزمات كبيرة تتعلق بالوضع السياسي والاقتصادي التي تشهده البلاد حاليا.

وسيكون صعبا على الكثيرين دفع تلك المبالغ لمشاهدة كأس العالم، في الوضع الذي يعاني فيه من غلاء الأسعار وعدم انتظامها، بالإضافة لعدم زيادة الأجور في الفترة الأخيرة ارتباطا بالوضع الاقتصادي غير المستقر.

معاناة أخرى سيجدها المشاهد حتى وإن لم يدفع الاشتراك، فتوقيت المباريات سيزيد من صعوبة مشاهدتها على المقاهي، نظرا لإقامة بعضها بعد منتصف الليل لإقامة البطولة في البرازيل.

صورة من الاتفاقية التي وقعها مسئولي الجزيرة الرياضية وART في 2009


هل يفعلها التليفزيون المصري؟
الأمر يبدو صعبا للغاية إذا تحدثنا عن صفقة محتملة في الساعات المقبلة بين ماسبيرو والشبكة القطرية لنقل بعض مباريات كأس العالم.

ما نتحدث عنه لم يحدث في 2010، علما بأن العلاقات الثنائية لم تكن على نفس النحو الذي تشهده حاليا.

ونتحدث هنا عن علاقة متوترة للغاية بين مصر وقطر قاربت على إتمام عامها الأول، بعدما اتخذت الدولة الخليجية موقفا معاديا من النظام المصري في أعقاب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي عن حكم البلاد في 3 يوليو الماضي، والتلميح إلى أن ما حدث يعد انقلابا عسكريا.

ماذا رأي المشاهد فيما يحدث؟
"التشفير ليس شيئا جديدا، ولكننا الآن أصبحنا أكثر حساسية بسبب العلاقات السياسية المتوترة مع قطر"، هكذا قال الشاب أحمد عادل تعليقا على أزمة التشفير.

وقال عادل-الذي يعمل محررا صحفيا-: "الشبكة القطرية ربما ترفض نقل بعض المباريات عبر التليفزيون المصري لأنها تنتهج منهج (العند)، ولكن في النهاية هي حقوقهم ويتصرفون فيها كما يشاءون.

وأضاف: "الشبكة دفعت أموالا وعليها أن تقوم بحصدها ومضاعفتها لتحقيق الربح المادي، وهو أمر طبيعي حاليا".

"الأمر قد يختلف بعض تنصيب السيسي"، هكذا لخص أحمد عيسى - مهندس اتصالات - رأيه فيما يخص إمكانية عرض بعض المباريات عبر التليفزيون المصري.

وأضاف: "قطر قد تعمل على تحسين العلاقات مع مصر خلال الفترة الحالية بعد تنصيب عبد الفتاح السيسي رئيسا للبلاد، وقد توافق على نقل بعض المباريات".

وربما ما حدث مؤخرا يدعم هذا الرأي، بعدما بعث الشيخ تميم أمير قطر ببرقية تهنئة للرئيس عبد الفتاح السيسي لتوليه مقاليد الحكم في مصر.

فك التشفير.. والحرمانية
فك تشفير المباريات حاليا أصبح أمرا معقدا للغاية نظرا للنظام الجديد الذي تسير عليه الشبكة القطرية فيما يتعلق بهذا الأمر.

ولكن البعض لا يزال يعتمد على احتمالية اللجوء إلى هذا الحل لمشاهدة مباريات كأس العالم التي تنطلق بعد يومين.

ولكن ماذا سيفعل هؤلاء إذا ثبت حرمانية ذلك؟

الداعية الإسلامي أحمد الكبيسي قال إن من يفعل ذلك فهو آثم، وما سيفعله حرام شرعا، ويعتبر اعتداء على حقوق الغير وسرقة واضحة يسأل عليها من فعلها.

وقال الكبيسي في تصريحات لصحيفة "الإمارات اليوم" قبل أيام: "لا يجوز شرعا لأي فرد القيام بفك شيفرات هذه القنوات، باعتبار ذلك نوعاً من أنواع السرقة واعتداء على مال الغير من دون وجه حق واستفادة من منفعة، إن لم تكن ملموسة وتقاس بالمال".