خالد طه
خالد طه تاريخ النشر: الأربعاء، 15 يناير، 2014 | آخر تحديث: الأربعاء، 15 يناير، 2014
"خمسة باب" و"البريء" و"المغتصبون"

مع انفراج أزمة فيلم "أسرار عائلية" ليتم طرحه في دور العرض قريبا، والذي أثار عاصفة من الجدل حوله بسبب تناوله للعلاقات بين المثليين جنسيا في مصر للمرة الأولى، فإننا نود أن نلفت انتباهك بأن ذلك الفيلم لم يكن العمل السينمائي الأول في السينما المصرية الذي تعرض لمضايقات من جهاز الرقابة على المصنفات الفنية؛ إذ سبقه العديد من الأفلام التي طالها مقص الرقيب إما بسبب جرأة مضمونها سواء في المشاهد أو الألفاظ أو بسبب معارضتها لبعض نظم الحكم.

"القاهرة 30" وحوار غير مألوف - إنتاج عام 1966
ي محاولة من الموظف الفاسد والمتملق عديم الشرف "محجوب عبد الدايم" للتخفيف عن صدمة زوجته "إحسان شحاتة" المنهارة بعدما تعرضت للفضيحة أمام جيرانها من جانب زوجة "قاسم بيه" وزير التعليم، - "المعارف" كما كان يطلق عليها في ثلاثينيات القرن الماضي - بسبب ضبظها لها وهي تخونها مع زوجها، بث "محجوب" في الـ 15 دقيقة الأخيرة من الفيلم كلمات الحماس بداخل زوجته "إحسان" كي تستجمع قواها من جديد وتستكمل معه مشوار الفساد الذي بدآه سويا وانتشلهما من الفقر.

وكان من بين هذه الجمل: "احنا عايشين في مجتمع وسخ واللي يكسب هو الأوسخ"، كتبرير من "محجوب" لما يمارسه مع "إحسان" من فساد، ولكن التليفزيون المصري لم يعجب بهذه الجملة الأخيرة وقرر حذفها من نسخته المعروضة على قنواته المختلفة، رغم أن أحداث الفيلم تدور كلها في الثلاثينيات وتعبر عن وجهة نظر شخصية بحتة!

سعاد حسني وحمدي أحمد في "القاهرة 30"


"المذنبون".. لهذا اعتزلت سهير رمزي - إنتاج عام 1976
رح بعرضه ثم منع عرضه ثم عرض محذوفا ليعاد عرضه كاملا في النهاية، ونالت مديرة الرقابة ومساعديها آنذاك أحكاما تأديبية مهينة بسببه، ويرجع سبب كل هذه الضجة لتقديمه "توليفة" حافلة بمشهيات الجنس والعنف المنفذ ببراعة. وهو ما يفسر تصريح بطلته الفنانة سهير رمزي في برنامج "السؤال الأصعب" ليسري الفخراني في رمضان 2013 بأنها تعتبر "المذنبون" من الأفلام التي ندمت على تقديمها بسبب مشاهده الجريئة، وأنها استاءت من منتج الفيلم عندما قرر عرضه على الفضائيات في عام 1992 تزامنا مع ارتدائها للحجاب.

سهير رمزي في "المذنبون"


"خمسة باب".. الذي أفرج عنه سينمائيا بعد 8 سنوات من إنتاجه! - إنتاج عام 1983
يصادف أن يتعرض التعاون الفني الوحيد بين "الزعيم" عادل إمام و"نجمة الجماهير" نادية الجندي للمنع من جانب الرقابة والإفراج عنه للجماهير بعد مرور 8 سنوات كاملة على إنتاجه تزامنا مع عرض فيلم "الإرهابي" لـ "إمام" في عيد الأضحى المبارك، ويرجع سبب منع عرضه الأول تلبية لمطالب المصريين العاملين في دول الخليج بعدما اعتبروه مسيئا لبلدهم لكون أحداثه تدور بداخل بيوت الدعارة في الأربعينيات. والفيلم مستوحى عن فيلم "إيرما الغانية" لجاك ليمون وشيرلي ماكلاين.

السلطة تنتقم من "البريء" بنهاية مختلفة! – إنتاج عام 1985
ا قامت به السلطة في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك مع فيلم المخرج الراحل عاطف الطيب يعكس تماما درجة الخوف التي كان تعيشها الرقابة في عهده منذ أن تولى الحكم في بداية الثمانينيات، وهو أن الفيلم تم عرضه بنهايتين مختلفتين: الأولى بصراخ المجند البريء والساذج (أحمد زكي) في وجه رؤسائه في المعتقل الذي يضم كبار المعارضين للسلطة، بعدما تم تأديبه من قبلهم لمحاولته فهم ما يجري حوله من أحداث غير مفهومة مع المعتقلين، وهي النهاية التي نالت استحسان السلطة واعتمدتها في نسخة العرض للتليفزيون المصري.

أما النهاية الكاملة والحقيقية للفيلم والتي تعرضها بعض القنوات الفضائية فهي أنه بعد صراخ بطلنا المجند يشهر سلاحه الرشاش في وجه رؤسائه ويفتح النار عليهم من أحد أبراج المراقبة في المعتقل، لكنه يقتل بعدها من قبل مجند بريء آخر.

"المغتصبون" – إنتاج عام 1989
ن بين أفلام قليلة مرت من أمام مقص الرقابة التي كانت في ذروة سطوتها آنذاك، دون حتى أن تصنفه على أنه "للكبار فقط"؛ وذلك بسبب شفيع واحد له هو تناوله لتفاصيل حادث اغتصاب "فتاة المعادي" الذي أثار جدلا كبيرا وقتها، لدرجة أنه الفيلم قوبل بتسهيلات من جانب وزارتي الداخلية والعدل للتصوير في عدد من المواقع التابعة لهما.

إلحقونا: "لوم الرئيس ممنوع!" – إنتاج عام 1989
ندما يتم توجيه لوم مباشر لرئيس الجمهورية على إهماله فهو ما غير مقبول بالمرة! وذلك ما حدث في مشهد النهاية لفيلم المخرج علي عبد الخالق، عندما قام البطل نور الشريف الذي سرقت كليته منه بإلقاء محاضرة مؤثرة في المحكمة، مطالبا بمعاقبة كل الذين سرقوه والمتواجدين بداخل قفص الاتهام من النافذين في المجتمع (عادل أدهم ووحيد سيف وحسين الشربيني ونجوى فؤاد)، ثم ينظر بطل الفيلم "قرشي" أو نور الشريف إلى صورة الرئيس الأسبق حسني مبارك المعلقة فوق القضاة الثلاثة ويقول له لائما إياه: "يرضيك بأن الشعب يتعرض للسرقة وأنت ساكت؟".

"طيور الظلام" – إنتاج عام 1995
ا أحد يستطيع التقليل من قيمة فيلم "ثلاثي" التسعينيات القوي النجم عادل إمام والكاتب وحيد حامد والمخرج شريف، والذي كان سابقا لعصره وتنبأ بالكثير من الأحداث التي تعيشها مصر حاليا، ولكن هذا لم يؤثر على الرقابة من حذف جملة لعادل إمام بعد خروجه من الحمام قائلا: "الدخول إلى بيت الراحة أفضل بكثير من الدخول إلى فراش الزوجية"، وكذلك المشهد الحميمي الذي جمعه بالفنانة يسرا بعد اتفاقه معها على أن تكون سكرتيرته قبل أن يصعدا بسرعة الصاروخ للثراء الفاحش من فساد الوزير "رشدي الخيال" أو الفنان جميل راتب.


"استاكوزا".. السينما المصرية في أجرأ حالاتها بالتسعينيات – إنتاج عام 1996
زامن وقت إنتاج هذا الفيلم مع أجرأ فترة شهدتها السينما المصرية بالتسعينيات، حيث عرض في ألمع موسم لحصد الإيرادات وهو عيد الأضحى بجوار فيلم "النوم في العسل" لعادل إمام، واللذان أثارا جدلا كبيرا لمضمونهما الجنسي. وعن فيلم "استاكوزا" فرفضت رقابة التليفزيون إجازة المشهد الذي تقوم فيه البطلة "المسترجلة" وتلعب دورها رغدة بضرب البطل أحمد زكي في رجولته ليفقدها بشكل مؤقت. وربما يعكس موقف الرقابة من هذا المشهد مدى ذكورية المجتمع الشرقي وعدم اعترافه بضعف الرجل أبدا!

الرقابة تفك الحزام في الألفية الثالثة
ع دخول السينما المصرية للألفية الثالثة وإلى قرن جديد ما يعني المزيد من الانفتاح الفكري، أصبحت يد الرقابة خفيفة وحنونة على الأفلام المعروضة عليها لإجازتها، وسط تعالي صيحات المطالبة بالمزيد من حرية الإبداع، والنتيجة تمرير العديد من الأفلام دون حذف مشهد واحد منها، والتي أثارت جدلا كبيرا بين الجمهور وقت عرضها لجرأة مضمونها، ومنها "حين ميسرة" للمخرج خالد يوسف لاحتوائه مشهد يتناول المثلية الجنسية بين النساء، ولمشهد اغتصاب سمية الخشاب المثير للاشمئزاز.وفيلم "أحاسيس" للمخرج هاني جرجس فوزي.

شاهد مشهد المثلية الجنسية بين سمية الخشاب وغادة عبد الرازق في "حين ميسرة"

كذلك الحال بالنسبة لفيلم "واحد صفر" الذي ضم جملة على لسان الفنانة بسمة في أحد مشاهده كان لرئيس الرقابة د.سيد خطاب هذا الاعتراض الوحيد عليها. (اعرف رأي سيد خطاب في فيلم "واحد صحيح")
شاهد بسمة في مشهد "واحد صحيح"


للمشاركة في الآراء برجاء التواصل معي على تويتر @KTaha80