تتح .. كيف تصنع فيلما سيئا؟

تاريخ النشر: الأربعاء، 15 مايو، 2013 | آخر تحديث:

تذهب العائلة إلى السينما الشعبية الموجودة في الجزء الأخير من شارعهم القديم، والتي لا زالت تطلب منك عشرة جنيهات فقط للعبور إلى داخلها.

الأب اصطحب معه عائلته الصغيرة لمشاهدة الفيلم الجديد لنجم الكوميديا اللامع الذي يرضي جميع الأذواق، الأطفال مبهورين بالحركات الجسدية للنجم، بينما يدخل أبويهم في حالة من الضحك المتواصل بسبب "الإفيهات" المتتالية"؟

ولكن ماذا حدث هذه المرة؟

الأزمة لا تكمن في أن محمد سعد خرج بفيلما ليس على مستوى أفلامه السابقة على الإطلاق، ولكن الأمر يتعدى ذلك بكثير.

النجم الكوميدي منذ بدايته اعتمد على تركيبة معقدة للغاية دفعته للنجاح وتحقيق أفلامه لإيرادات خيالية، قد يكون لم يقصد ذلك في البداية، ولكنه دخل منطقة فنية خاصة للغاية.

محمد سعد منذ بدايته يعتمد على معادلة ثلاثية ظهرت في أغلب أفلامه، وحققت نجاحات كبيرة في الأفلام الأربعة الأولى على وجه الخصوص.

الظهور بشخصية معينة كان هو العامل الرئيسي في نجاح محمد سعد في البداية، فقد ظهر بطلا لفيلم "55 إسعاف" بالاشتراك مع أحمد حلمي، ولكنه لم يحقق النجاح ذاته الذي أدركه ببعض المشاهد القصيرة في فيلم "الناظر" مع الراحل علاء ولي الدين.

شخصية "اللمبي" كان تميمة الحظ لمحمد سعد، وجعلت منه "أيقونة" كوميدية مميزة جذبت أنظار الجميع له وقتها.

واستمر سعد في تقديم شخصيات مميزة مثل "عوكل" و"بوحة" وغيرها من الشخصيات التي حققت نجاحا كبيرة، خاصة في الخمس سنوات الأولى من الألفية الجديدة.

الأمر الثاني الذي اعتمد عليه سعد هو "الحركات" التي يؤديها بجسده وعيانه في أفلامه، والتي ميزته وجذبت إليه الأنظار، خاصة الأطفال.

ثالث أضلاع المثلث الذي صنع نجاح سعد "السريع جدا" هو الإيفيهات التي تخرج في أفلامه، وتنتزع الضحكات دائمة من وجوه المشاهدين.

ما علاقة ما سبق بفيلم "تتح"؟

قد تكون السطور الماضية لا تحمل أيا من النقد أو إلقاء الضوء على الفيلم الجديد لمحمد سعد، ولكن ما سبق يُفسر بشكل مُفصل ما حدث لمحمد سعد مؤخرا، خاصة بفيلم "تتح".

شخصية "تتح" لا تُعطي الكوميديا بمفردها على عكس الشخصيات الأخرى التي أداها سعد من قبل، فهي ليست "اللمبي" أو "بوحة" أو "عوكل"، وهو ما أعطى اعتمادا كبيرا على "الإفيهات" لإنقاذ الفيلم.

تعمدت دخول الفيلم بإحدى دور العرض الشعبية، فأغلب من يشاهدون أفلام محمد سعد ينتمون لتلك الطبقة البسيطة التي ترغب في مشاهدة فيلما ضاحكا يُنسيهم عذاب الحياة بشكل مؤقت.

ولكن المثير في الأمر أن ضحكات تلك الفئة التي كانت تخرج بشكل متلاحق في أفلام محمد سعد لم تظهر بالشكل ذاته "في تتح"، وبالطبع لا أقلل من من الوعي السينمائي لأي من فئات المجتمع، ولكن ربما توجد فئة بعينها ترغب في الحصول على "جرعات ضحك" فقط من أفلام نجومهم دون الخوض في تحليلات معقدة.

أما فيما يخص "الحركات الجسدية" لمحمد سعد خلال الفيلم، فظهرت في شكل مصطنع للغاية، ولم يظهر سعد على طبيعته وهو يؤديها، على عكس ما سبق.

الأزمة الحقيقية في فيلم "تتح" تكمُن في كونك ربما تخرج من قاعة العرض بعد مشاهدته دون أن تفهم ماذا أراد صناعه أن يصلك من خلاله؟

سيناريو الفيلم جاء باهتا للغاية، قصة مستهلكة عن رجلا ينقذ فتاة مظلومة من بين أيادي إحدى العصابات، كم مرة شاهدت فيلما كهذا؟

الدور الذي أدته دوللي شاهين لم يضف إليها أي جديدا، ومازالت دوللي تظهر في مثل هذه الأدوار التي تستعرض من خلالها أجزاءا بعينها من جسدها لإظهار رشاقتها!

اللبنانية مروى خرجت بالعديد من التصريحات خلال الشهور الماضية عن الدور الذي ستقدمه في "تتح"، وقالت إنه سيكون دورا مختلفا عما قدمته من قبل في السينما المصرية.

ولكن الواقع حمل أشياءا أخرى، فاللبنانية قدمت الأدوار ذاتها التي قدمتها من قبل، ما هو الفارق بين تلك الشخصية والشخصية التي جسدتها في فيلم "حاحا وتفاحة" على سبيل المثال؟

ظهور الفنانة هياتم لم يكن مؤثرا، وكان عليها أن تختار دورا أفضل من هذا باعتبار أن ظهورها السينمائي أصبح قليلا خلال الفترة الأخيرة.

من النقاط السلبية بالفيلم أيضا "الإفيهات" السياسية التي أطلقها محمد سعد في فترات متفاوتة من الفيلم، والتي وضح من إجمالي ما قيل أن كاتبها يريد أن يظهر في شكل حيادي ولا ينحاز لأحد، ولكنها ظهرت "مُقحمة" بشكل كبير خلال أحداث الفيلم.

أما عن النقاط الإيجابية بالفيلم، فيمكن تلخيصها الظهور المميز لعمر نجل الفنان الراحل مصطفى متولي، والذي قدم دورا مميزا للغاية، ربما يكون انطلاقته نحو نجاحات أكبر.

"تتح" حمل جميع جوانب الفيلم السيئ، بطلا لم يستطع تقديم الحد الأدنى مما قدمه من قبل، سيناريو مستهلك لا يقدم جديدا، ممثلين يقدمون أدوارا ليست مؤثرة على الإطلاق.

للتواصل عبر Facebook



وعلى Twitter