FilFan.com
FilFan.com تاريخ النشر: الجمعة، 12 مايو، 2006 | آخر تحديث: الجمعة، 12 مايو، 2006

مجدل شمس (هضبة الجولان) – رويترز : في الوقت الذي تميل فيه الشمس إلى الغروب يهز انفجار حصنا جبليا قرب الحدود الإسرائيلية مع لبنان ذات الحراسة المشددة ، في سنوات مضت ربما يؤدي مثل هذا الانفجار إلى هروع الجنود الإسرائيليين لصد هجوم من مقاتلي حزب الله اللبنانيين ، ولكن هذه المرة كان هذا الانفجار مجرد تمثيل.

كان النشاط الوحيد الذي يعج به المكان هو التصوير بالكاميرات السينمائية للمشهد الأخير من فيلم "بوفور" أوbeaufort وهو دراما عن انسحاب القوات الإسرائيلية عام 2000 من جنوب لبنان بعد احتلال دام 22 عاماً.

بالنسبة للمخرج جوزيف سيدار الذي قضى أغلب فترة التجنيد في الجيش الإسرائيلي وهو يتفادى الكمائن التي ينصبها مقاتلو حزب الله فيما كان يطلق عليه "المنطقة الأمنية" فأن إخراج هذا الفيلم يعد تنفيساً عما يجيش بصدره نوعاً ما.

وقال سيدار لرويترز في موقع التصوير "أخذت الكثير من المشاهد من واقع تجربتي الخاصة .. مجرد تحويلها إلى فيلم يمثل علاجاً لي" ، وتم اختيار قلعة تعود إلى عصر الحروب الصليبية لما تحمله من شبه بقلعة الشقيف التي يمكن رؤيتها في الجهة المقابلة من الحدود اللبنانية.

وأضاف سيدار بعدما أعاد تمثيل القضاء على الحامية الإسرائيلية بالحصن من خلال سحب القوات "إنها قصة أي جبل في أي معركة ، قتل الجنود للسيطرة عليه .. لقوا حتفهم لحمايته .. ثم اكتشفوا فيما بعد مدى عدم أهميته."

ويعكس إنتاج هذا الفيلم الذي شاركت في تمويله الحكومة الإسرائيلية تحولاًَ في المفاهيم الشعبية لجيش كان لفترة طويلة دافعاً للوحدة الوطنية ، وكان ينظر لعملياته ضد العدو العربي - مهما كانت دموية - على أنها دفاع عن النفس.

ويصف سيدار "بوفور" بأنها قصة مقاتلين مذعورين مستعدين "للنجاة بحياتهم" بالرغم من وطنيتهم بدلا من الموت في سبيل مبدأ الصمود ، ومثل هذا القول ربما يكون دلالة على الحال التي آل إليها المجتمع الآن.

وكان الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة في العام الماضي ، واحتمال القيام بخطوات مماثلة في الضفة الغربية المحتلة في مواجهة أكثر من خمس سنوات من الانتفاضة الفلسطينية ، يمثل خروجاً على البديهية الإسرائيلية ، وهي أن الاحتفاظ بالأرض التي حصلت عليها الدولة اليهودية عن طريق الحرب ضرورة إستراتيجية.

وقال يوسي كلارين هاليفي من مركز شاليم وهو مركز بحث إسرائيلي محافظ "اليوم ننظر إلى أنفسنا كمجتمع طبيعي يواجه مخاطر طبيعية.. نحن الآن نمر بفترة جديدة واقعية حيث لم تعد الأوهام تضللنا."

ولكن بعض الإسرائيليين قلقون من احتمال تسبب هذه الأفلام التي لا تحتوي على قدر كبير من إرضاء الغرور في الإضرار بتماسك وروح القتال لدى الجيش.

وفي حين لا يشك كثيرون في أن الانسحاب من لبنان قلل بصورة كبيرة من عدد الخسائر البشرية على جانبي الحدود ، فإن الجميع متفقون على أنه زاد أيضاً من عداء أنصار حزب الله لإسرائيل مثل إيران وسوريا كما أنه شجع الفلسطينيين على حمل السلاح.

وحتى هذا اليوم تعرض قناة المنار اللبنانية التابعة لحزب الله لقطات فيديو لهجمات حزب الله على قلعة الشقيف ، ومواقع إسرائيلية سابقة ، في محاولة لحشد التأييد بين اللبنانين الذين ما زالوا يشعرون بمرارة من الاحتلال.

وقال موشيه يعلون رئيس الأركان السابق في كلمة ألقاها مؤخراً "يريد الضباط والجنود في قوات الدفاع الإسرائيلية أن يعلموا ما الذي يخاطرون بحياتهم من أجله" ، وأضاف "يكتسب أعداؤنا الثقة من التشكك الإسرائيلي."

ويقول مؤرخون إن تحول المفاهيم لدى الإسرائيليين بدأ عام 1982 عندما غزت إسرائيل لبنان بهدف معلن هو سحق المقاتلين الفلسطينيين ، لينتهي الأمر بإشعال نار حرب أهلية ، كما أن صورة إسرائيل زادت تدهورا بسبب الإجراءات القمعية التي اتخذتها في الضفة الغربية وقطاع غزة.

في السابق كانت أفلام الحروب الإسرائيلية مثل فيلم "عملية الصاعقة" أو operation thunderbolt نادراً ما تتردد في الاحتفاء بأبطال الحروب ، وكان الفيلم يتحدث عن عملية انقاذ قامت بها وحدة كوماندوس لركاب طائرة مخطوفة في عنتيبي بأوغندا عام 1976.

ولكن في الوقت الراهن عادة ما يتجاهل المخرجون القضايا العسكرية ما لم تكن لها أهمية في أحداث الفيلم ذاته ، وكان آخر فيلم عن القوات الإسرائيلية في جنوب لبنان "يوسي وجاجر" أو yossi & jagger إنتاج عام 2002 ، ويركز على علاقة بين ضابطين من المثليين.

وتعرض فيلم "بوفور" للنقد عندما أصبح معلوماً أن الجيش يقدم له الدعم ، حتى بالرغم من أن بعض الذين يقومون بأدوار الجنود تجنبوا التجنيد الإجباري ، وعلق إيلي بن شام الذي قتل ابنه المجند في حادث تحطم طائرة هليكوبتر كانت في طريقها إلى لبنان على الفيلم الجديد "هذا أمر يدعو للاحتقار."