تعد نقابة الممثلين أكثر النقابات العمالية شهرة وتعرضا لأضواء الصحافة والنقاد ، وهذا الأمر لم يأت من فراغ ، فما يحدث داخل هذه النقابة يجبر الجميع على لفت النظر لها بالفعل ، سواء في السراء أو الضراء.
فقد أصبحت هذه النقابة في السنوات العشر الأخيرة صاحبة تناقضات كثيرة وغريبة ، أولها عدم اهتمامها سوى بالعضو الذي تجلب أخباره الشهرة للنقابة ، وليس للعضو المنسي ، بغض النظر عن قيمته الفنية.
فمثلا في الفترة الأخيرة ، حدث أن دخلت الممثلة الكوميدية سعاد نصر المستشفى لإجراء عملية شفط دهون ، ولكن حدث ما لم يكن متوقعا ، إذ دخلت في غيبوبة طويلة لم تفق منها حتى الآن ، ثم تم تصويرها من قبل طبيب التخدير داخل غرفة العناية المركزة ، وهو ما دفع الفنان محمد رياض عضو مجلس نقابة المهن التمثيلية إلى تحرير محضر ضده في قسم مدينة نصر.
هذا جميل جدا ، فحن نحب سعاد نصر ونتمنى لها الشفاء من أزمتها ، ولكن : هل يكون الاهتمام في النقابة بأشخاص معينين؟ أم أن الأمر لا يعدو إلا أن يكون بمثابة استغلال للفرصة حتى تظهر خدمات النقابة على شاشات التليفزيون؟ والدليل على ذلك أنه عندما يمرض أحد الأعضاء تقدم له النقابة ما لا يزيد عن خمسمائة جنيه ، فهل يساعد هذا على علاج مرض ما؟ وربما يكون المرض خطيرا ويحتاج إلى متابعة مستمرة ونفقات كثيرة.
هناك من هم أعضاء في نقابة المهن التمثيلية أيضا ويعانون من أشد أنواع العذاب في المرض ، وعلى رأسهم الفنان الكوميدي يونس شلبي الذي ظل يعاني من المرض لمدة ثماني سنوات دون أن يتدخل أحد من النقابة للمساعدة أو لتقديم التسهيلات اللازمة للعلاج ، ومنذ فترة قريبة جدا وافق وزير الصحة المصري على توفير نفقات علاجه على حساب الدولة بعد مداولات كثيرة ، ولكن هذه المساندة جاءت متأخرة جدا ، فقد باع يونس شلبي كل ما يملك من أجل توفير نفقة العلاج.
ومما يحزن أكثر أنه تم حجز الفنان يونس فى مستشفى المقاولون العرب لعدم مقدرته على دفع الفاتورة بعد أن باع كل ما يملك على مدار ثماني سنوات أجرى خلالها الكثير من العمليات الجراحية ومنها زراعة شرايين في قدمية وقلب مفتوح وثلاث جلطات "اثنتان في المخ وأخرى في القدم" ، وأخيرا لحام عظام القفص الصدري في مستشفى المقاولون.
يونس شلبي قدم الكثير للدولة ، ودفع جميع الضرائب المستحقة عليه ، ألم يحن الوقت لترد فيه الدولة الجميل إلى هذا الفنان؟ أم أن العلاج على نفقة الدولة للفنانين الذين يرتفع أجرهم حتى يكاد يصل إلى المليون؟
وهل أصبح دور النقابة هو مجرد انتخاب الرئيس والنقيب وعقد الاجتماعات والإدلاء بالتصريحات فقط؟ أم أن دورها لابد وأن يكون إنسانيا بالدرجة الأولى؟