المجد لحرية التعبير

تاريخ النشر: السبت، 28 أبريل، 2012 | آخر تحديث: السبت، 28 أبريل، 2012
أيهما أكثر إهانة؟ هذا المشهد أم مشهد الفتاة المسحولة؟

إذا كنت تعتقد أن كاتب هذه السطور يدافع عن عادل إمام، فاعلم إنك تعجلت في أمرك.

فعند الحديث عن أزمة الفنان الشهير والقضايا المرفوعة بحقه والأحكام التي حصل عليها، فإننا لا نتحدث عن شخص أيا كان من هو، ولكن الأمر برمته مثير للاهتمام والجدل في الوقت ذاته!

أن يحصل فنانا على أحكاما بالسجن مع الشغل بسبب بعض المشاهد في أفلامه، فإنها كارثة بجميع مقاييس المنطق، وهنا لا توجد مبالغة أو ما شابه، فالأمر عندما يتعلق بحرية التعبير فأنه لا يقبل الاستهتار أو التقليل من شأن الحدث.

بالتأكيد من حق كل شخص التقدم بدعوى قضائية مثلما يريد، ولكن هل الأمر يستحق ذلك؟

لا أعلم جدوى الحديث عن أفلاما نُفذت قبل ما يقترب من 20 عاما، وإذا كان الرد بأن الوضع لم يكن يسمح بذلك قبل الثورة، فلماذا صبر أصحاب تلك الدعاوى القضائية حتى الآن؟

سؤال آخر لابد أن يُطرح مع تلك الأحداث، نتحدث عن قضاء شامخ ومؤسسة تنعزل عن أي فساد تواجد في مصر، فلماذا لم يلجأ أصحاب تلك الدعوات للقضاء قبل 25 يناير؟

الأزمة تكمُن في الفهم الخاطئ للثورة لدى البعض، فالثورة قامت من أجل الحصول على الحرية، لا لكبتها، وهو ما لا يتفهمه أصحاب الدعاوى القضائية ومؤيدوها.

وحتى لا نخدع أنفسنا، لابد من الاعتراف بوجود علاقة بين ما يحدث من جهة، والمد الإسلامي من جهة أخرى.

وصول جماعات دينية للسلطة ليست أزمة بطبيعة الحال طالما اختار الشعب ذلك، وتطلع تلك الجماعات للسيطرة على الجزء المتبقي من السلطة أمرا مشروعا أيضا، ولكن ما العلاقة بين ذلك وبين الأزمة الأخيرة؟

الشخص الذي يذهب لتحريك دعوى قضائية ضد فنان تجرأ وتناول فكرة لم تنل إعجاب صاحب الدعوى، هو شخص يفكر بالتأكيد وهو في طريقه للمحكمة أن هناك من سيؤيده وسيبذل ما في وسعه من أجل ذلك.

وهي الفكرة الخاطئة، فليس من مصلحة الجماعات الدينية ورموزها أن تحدث مثل هذه الأزمات، فهناك جزءا كبيرا من الشعب ينتابه القلق من المشروع الديني، فلماذا تفعل أشياء تزيد من قلقهم في الوقت الذي تحاول فيه إبراز جوانب مطمئنة بالنسبة لهم؟

المحامين الذين انزعجوا من بعض المشاهد في فيلم "الإرهابي" كان عليهم الانزعاج بشكل أكبر من صور الشهداء والذهاب للتضامن مع فريق محامين أهالي الشهداء، ومحاولة جمع الأدلة بدلا من انتظار المجهول فيما يخص أحكام مبارك ونجليه وبقية نظامه الفاسد.

كان عليهم الوقوف في المحكمة وعرض مشاهد دهس المتظاهرين أمام ماسبيرو، بدلا من عرض مشاهد من أفلام أحد الفنانين.

الدفاع عن شرف فتاة تم تعريتها وسحلها أمام أعين الجميع، ليتحدثون عنها بالباطل بدلا من أخذ حقها "العاري".

أن يحاولوا الحصول على أحكام فيمن قتل شهداء محمد محمود والقصر العيني ومسرح البالون وغيرهم.

عادل إمام فنان نختلف معه في الكثير من الأمور، ولكن إذا كنت لن تضامن معه لتلك الأسباب أو لأنه ليس نجمك المفضل، فبعد أيام قليلة سيخرج أحد المحامين ليعبر عن غضبه من بعض المشاهد في أفلام نجمك، ويضعه بها داخل السجون.

المجد لحرية التعبير

للتواصل عبر Facebook

وعلى Twitter