محمد صالح
محمد صالح تاريخ النشر: الخميس، 12 أبريل، 2012 | آخر تحديث: الخميس، 12 أبريل، 2012
رامي وصديقه الوفي

مئات الآلآف كانوا يهتفون بالمكان والزمان ذاته "ارحل"، ولكنها كانت مختلفة من صوته لسبب ربما لا يعلمه هو شخصيا.

قد تخدمك الظروف أحيانا وتساهم بالنصيب الأكبر فيما وصلت إليه، وهذا أمرا طبيعيا، ولكن هناك عوامل وجوانب لابد وأن تتوافر بك أولا حتى تستقطب تلك الظروف، وتحولها إلى "مصباح علاء الدين" الذي يحقق كل أحلامك.

وهو ما حدث مع رامي عصام، فالثورة بالفعل هي من اكتشفته وفتحت له الطريق، ولكن ثمة أشياء فعلها رامي ساعدته أن يسير في هذا الطريق، ولا يكتفي برياح الثورة تعصف به خلاله كما تشاء.

ويحتفل رامي عصر الخميس بطرح ألبومه الأول "منشورات"، بمسرح بيت الأمة "سعد زغلول".

ولكن إذا كنت قد تعرفت على رامي من خلال الثورة، فهل هي بدايته؟

في 2009، أسس رامي فريق يحمل اسم "مشاكل" وهو لم يُكمل بعد الثانية والعشرون من عمره، وضم الفريق بعض الشعراء والموسيقيين من أبناء مدينته "المنصورة".

ونفذ رامي مع أصدقائه مجموعة من الأغنيات التي تُحرض على الثورة، وتناقش هموم ومشكلات المصريين الذين يشتركون جميعا في معاناة واحدة تحت نظام حكم مبارك.

رامي الذي ولد في 1987 بمحافظة المنصورة، درس الهندسة وكان متفوقا بها، ولكن تفكيره كان يتعلق دائما بالموسيقى، فحرص أن يتعلم العزف على الجيتار، الذي أصبح رفيقه فيما بعد.

رحيل .. وارحل!

في 25 يناير 2011 غادر رامي منزله مثل الآلآف من الشباب وسار في شوارع بلدته المنصوره مطالبا بالتغيير، قبل أن يرتفع سقف المطالب وتزداد الأعداد، ويواجه مبارك مطالبات بالرحيل.

كان رامي متواجدا بالشارع في اليومين التاليين، وأيضا جمعة الغضب، ولكنه لم يستطع مشاهدة ميدان التحرير يشتغل بهتافات الثوار دون أن يكون متواجدا بينهم.

يقول رامي في إحدى لقاءاته: "تواجدت بالمنصورة في الأيام التي سبقت جمعة الغضب، ولكني لم أجد مفرا من الرحيل للقاهرة والجلوس بين أشقائي هناك".

رامي لم يحضر بمفرده إلى الميدان، ولكنه اصطحب معه صديقه الوفي .. جيتاره.

كان الميدان يهتف في كل لحظة "ارحل .. ارحل"، و"يسقط يسقط حسني مبارك"، ليقوم رامي بتجميع تلك الشعارات في أغنية واحدة ويقول: "كلنا إيد واحدة وطلبنا حاجة واحدة، ارحل .. ارحل ..ارحل، يسقط يسقط حسني مبارك".

في خلال ساعات قليلة كان الميدان بأكمله يردد الأغنية مع رامي، ودار رامي بجيتاره في جميع جوانب الميدان ليغني أغنيته.

لم يكتف رامي بتلك الأغنية فقط، ولكنه غنى مع الملايين عددا من أغنياته، ومن بينها: "طاطي طاطي"، و"الجحش قال للحمار"، التي يسخر بها من عملية التوريث التي ربما كنا سنعاني منها حاليا إذا لم يفق الشعب وتنطلق الثورة.

"يسقط يسقط حسني مب.. حكم العسكر"

رحل مبارح تحت ضغط الشعب، و"انفض" الميدان، واستلم المجلس العسكري السلطة، وقدم وعودا، ولم يتلزم بها!

فكان أمرا طبيعيا أن يعود الثوار للميدان من جديد، ويعود رامي للغناء من جديد، ولكن هذه المرة ضد العسكر.

واستبدل رامي كلمات أغنيته الشهيرة "يسقط يسقط حسني مبارك" إلى "يسقط يسقط حكم العسكر"، ليفعل به المجلس العسكري ما لم يفعله نظام مبارك!

في 9 مارس كان الميدان يستقطب مئات الآلآف من الثوار الذين خرجوا للتعبير عن رفضهم لأسلوب المجلس العسكري في إدارة المرحلة الانتقالية، ومع دخول الليل انصرفت أغلب الأعداد، فيما قبع آخرون في الخيام وفتحوا اعتصاما لتسليم السلطة، وكان رامي من بينهم.

لتقتحم قوات من الجيش مدعومة ببعض البلطجية الميدان في الواقعة الشهيرة، ويتم فض الاعتصام وحرق الخيام واعتقال الكثيرين واصطحابهم إلى المتحف المصري، ومن بينهم أيضا رامي.

لم يكتف الجيش بالاعتقال فقط، ولكن قام بتجريده من ملابسه وتعذيبه بشكل كبير، ما ألحق بالمطرب الشاب اصابات بالغة.

ويروي رامي تفاصيل ما حدث له قائلا: "اقتحموا الميدان واعتقلوا الكثيرين وكنت من بينهم، وذهبوا بنا إلى المتحف المصري"، واستكمل: عندما دخلنا للمتحف كنت أريد التحدث معهم، ولم أرغب في الحديث مع العساكر الموجودين بجانبي وفضلت أن أتحدث مباشرة مع الضباط كي يفهمونني بشكل أكبر، وهو ما لم يحدث.

وأضاف رامي: تعاملوا معنا بشكل عنيف، قاموا بقص شعري وتجريدي من ملابسي وضربي بما كانوا يحملونه، عصي وقطع من الحديد والأحزمة التي يرتدونها، وساروا بأحذيتهم على وجوهنا.

وتابع: بعد ذلك أخرجوني قرب بوابة المتحف وطرحوني أرضا وقاموا بدفن رأسي في الرمال، ثم كهربوني، حسبي الله ونعم الوكيل في الجيش المصري.

بعد الحادثة لم يتراجع رامي، ونفذ العديد من الأغنيات المناهضة للعسكر، كانت أبرزها على الإطلاق أغنية "نفضت".

"عالمية مبكرة"

في سبتمبر 2011، نشر الموقع الإنجليزي "تايم أوت" قائمة بالأغنيات التي ساهمت في تغيير التاريخ، وضمت القائمة أغنية رامي "ارحل".

وجاءت أغنية المطرب الصاعد في المركز الثالث، ضمن 100 أغنية تضمنتها اللائحة التي نشرها الموقع الإنجليزي.

وفي المركز الأول جاءت أغنية Fight the Power "محاربة السلطة" لفريق Public Enemy، والتي تم إنتاجها في 1989.

أما المركز الثاني فقد جاءت به أغنية ‘Do They Know It’s Christmas لفريق Band Aid، وهي من إنتاج عام 1984.

وفي نوفمبر 2011، تسلم المطرب الصاعد رامي عصام الجائزة الأوروبية لحرية الموسيقى المعروفة باسم "فريميوز"، وذلك في حفل أقيم بالسويد.

وفي الشهر ذاته، جاء رامي وصيفا بجائزة Freedom To Create، والتي أقيم حفل توزيع جوائزها في "كيب تاون" بجنوب إفريقيا.

وبخلاف الجوائز، وصفت صحيفة "الجارديان" البريطانية الشهيرة رامي عصام بأنه صوت الثورة المصرية، ووصفت أغنياته بأنها الموسيقى التصويرية للثورة المصرية.

وكتبت الصحيفة في تقريرا لها في 20 يوليو من العام الماضي، إن رامي جذب الانتباه إليه بأغنية "ارحل" التي غناها في اليوم التالي من خطاب مبارك الذي قال فيه إنه لن يترشح لولاية رئاسية جديدة.

الألبوم الأول

عادة ما يتأخر المطربين الجدد في طرح ألبومات، وخاصة وإذا كان المطرب يغني تلك الأغنيات التي تبتعد عن غزل "الرموش" وسحر "العيون"!

ولكن رامي سريعا ما طرح ألبومه الأول، والذي وضع له اسم "منشورات"، وطرح المطرب الشاب ألبومه عبر شبكة الإنترنت.

وضم الألبوم 23 قطعة موسيقية، أغلبها تم تنفيذها عبر "الجيتار" فقط، وتنوعت الأغنيات ما بين أغنيات جديدة كشف عنها في الألبوم للمرة الأولى، وأغنيات من التي غناها قبل وبعد الثورة.

ومن أبرز أغنيات الألبوم: "في عهد مبارك"، "طاطي"، "الجحش قال للحمار"، "الشهيد"، "اضربني" "8 إبريل"، "ضمير الأمة"، "يوم 25".