رسالة إلى الوزير .. "طَب مطلوب دكر"!

تاريخ النشر: الخميس، 8 مارس، 2012 | آخر تحديث: الخميس، 8 مارس، 2012

مشاعر متأرجحة لابد وأن تسيطر عليك عندما تستمع لوزير ينتفض ضيقا وغضبا ويُجري اتصالات ويصدر قرارات بسبب كلمة في أغنية استمع إليها "مصادفة"، تاركا كوارث تمر بها بلاده وهو أحد المتسببين بها.

السيد أحمد أنيس وزير إعلام جمهورية مصر العربية قرر منع أغنية "مطلوب زعيم" لفريق كايروكي بإذاعة الأغاني عبر الراديو لاحتوائها على لفظ وصفه بغير اللائق، والتي لا يصح أن يُذكر عبر إذاعة الأغاني المصرية.

الوزير يعترض على كلمة "مطلوب دكر" التي جاءت بنهاية الأغنية، وبسبب هذه الكلمة قرر وقف إذاعة الأغنية وأحال رئيس إذاعة الأغاني للتحقيق، ووضع رجاله لافتة كبيرة داخل الإذاعة طُبع عليها "ممنوع إذاعة أغنية مطلوب زعيم".

المشاعر التي تحدثت عنها أعلاه تنوعت ما بين "القهر" الذي أصابني من الحال الذي وصلنا إليه بعد أكثر عام من ثورة من المفترض أننا قمنا بها، ومن المفترض أن تكون قد انعكست على السادة المسئولين ونرى ذلك في قراراتهم، في الوقت ذاته أيضا لم أستطع منع "ابتسامة سخرية" على وجهي مما فعله المسئول الأول عن الإعلام في مصر.

الأمر لا يجب أن يُختزل في أغنية مُنعت من التواجد في قائمة أغنيات الإذاعة المصرية، وهنا أيضا لست بصدد تفسير الكلمة وتوضيح إنها كلمة "عادية" للغاية، وقد تكون صعبة وغير مألوفة، ولكنها في كل الأحوال ليست كلمة بذيئة أو لا يستخدمها المصريين باختلاف مستواهم الفكري.

الكارثة هنا في تصرفات الوزير الذي أصدر قرارات سريعة في أمر ليس كبيرا في كل الأحوال، في الوقت الذي يتغاضى عن "مهازل" تحدث في وزارته، ويقف عاجزا عن اتخاذ قرارات فيما يجب أن يقرر به.

والموقف قد يكون بسيطا ولكنه كارثيا، والوزير بما فعله ينضم لنواب مجلس الشعب الذين يناقشون منع المواقع الإباحية وإلغاء اللغة الإنجليزية من المناهج، ويأخذون من وقت البرلمان ما يجب أن تتم مناقشته بالفعل مثل كيفية القصاص ممن قتلوا أبناء الوطن، ووضع خطوات واضحة لما ستسير عليه البلاد.

أيهما أهم في رأيك؟ إصدار مثل هذه القرارات التي تحمل الكثير من الغموض، أم السيطرة على إعلام الدولة الذي يستمر في دوره كمنبرا لهدم الثورة وتشويه كل من شارك فيها بواسطة خبراء استراتيجين وعسكريين؟ ما رأيك إذا وجهنا السؤال ذاته للسيد وزير الإعلام؟

السيد أحمد أنيس في شكوته لرئيس الإذاعة المصرية أخبره بأن هناك أغنيات كثيرة للثورة يمكن أن تُذاع بدلا من تلك الأغنيات التي تضم ألفاظ خادشة للحياء "هكذا قال".

وهنا يجب سؤال السيد الوزير عن تلك الأغنيات التي يقصدها، هل الأغنيات التي تقنع المستمع بأن الثورة قد انتهت على طريقة "يلا نبني مصر بقى"، أم تلك الأغنيات التي تُمجد في المجلس العسكري مثلما كانت تُمجد مبارك، وتعتبره "حامي الحمى" الذي أنقذ الثورة من الضياع؟

الطريف في الأمر أن التليفزيون المصري يستخدم أحد أغنيات فريق "كايروكي" في شكل "برومو" يُعرض في فواصل أكثر من قناة "وذلك بدون استئذان الفريق الذي أبدى أعضاءه غضبهم من ذلك"، إذن كيف تصف أغنية بأنها تضم ألفاظ غير لائقة وتمنع إذاعتها في الوقت الذي تستعين بأغنية للفريق ذاته على التليفزيون الرسمي!

المثير في الأمر أنه، ومن منظور وزير الإعلام، فإن أغنية "مطلوب زعيم" تضم لفظا آخر يتشابه مع اللفظ الذي غضب منه الوزير، وهو ما قد يُبرهن على أن الأمر يحمل الكثير من علامات الاستفهام.

وهنا لا أتحدث عن سوء نية، ولكنه "سوء الإدارة" الذي ينتج عنه مثل هذه القرارات التي تصيب المواطنين بالإحباط وهم يرون المسئولين تاركين القضايا الأهم بالنسبة لهم.

نريد من وزير إعلامنا أن يعمل على تطهير التليفزيون الرسمي مما هو فيه، وأن يكون بالفعل مؤسسة محايدة بدلا إدعاء الحياد والسير في طريق معاكس.

السيد أحمد أنيس عليه أن يسيطر على الإعلام الخاص بشكل أكبر، على سبيل المثال أن يتعامل بشكل حاد مع مذيع قناة الفراعين الذي يسب على الهواء بشكل شبه يومي ولا يلقى من يحاسبه، ويتعامل أيضا مع البرامج التي تتناول "العلاقات الجنسية" بشكل بذيء عبر القناة ذاتها.

المشكلات لم تنته بعد، وزير الإعلام عليه أن يصدر قرارات بشأن الإعلانات "القبيحة" التي تظهر على مدار ساعات عبر قنوات الأفلام، الكليبات غير اللائقة التي تُذاع عبر قناة "المصراوية" وغيرها، المهازل التي تعرضها قنوات "التيت" وغيرها.

أعمالنا السينمائية القديمة التي تُعرض عبر القنوات العربية، في الوقت الذي نعرض فيه نحن عدد ضئيل منها، والأفلام الجديدة التي تأخذ القنوات ذاتها حقوق عرضها، بينما قنواتنا تعرض "أبو علي" و"فول الصين العظيم" يوميا.

مرة أخرى، الأمر أكبر من أغنية تم منعها، الأشياء الصغيرة تكشف عما هو أكبر منها، وإذا تغاضينا عن حق الاعتراض الآن، لن نستطيع استخدام الحق ذاته مستقبلا.

للتواصل:

Twitter

Facebook