مهرجان مؤلفي شباب العرب ينطلق تحت شعار : "الشباب شباب القلب"!

تاريخ النشر: الاثنين، 20 فبراير، 2006 | آخر تحديث: الاثنين، 20 فبراير، 2006

اختتمت دار الأوبرا المصرية أنشطة "المهرجان الموسيقي لشباب مؤلفين العرب" ، والدعوة لهذا المهرجان كانت مجانية طوال فترة إقامته من 4 إلى 18 فبراير ، ولكن الغريب أن المسرح الكبير بدار الأوبرا الذي يتسع لأكثر من 1200 متفرج لم يتواجد به في أي حفل بالمهرجان أكثر من 50 فردا ، واعتقد أن هذا الرقم ليس فيه أي نوع من المبالغة وإنما هي حقيقة.

من هنا يحق لي أن أسأل : هل إقامة مثل هذه المهرجانات أمر ضروري؟ وهل نحن لدينا من المؤلفين العرب من يملك موهبة التأليف الموسيقي على الطريقة الغربية؟

المهرجان شارك فيه العديد من المؤلفين الشباب فعلاً - والشهادة لله - أعمالهم كانت على مستوى عال من التأليف ، واحتوت على أفكار جيدة ، ولكن منظمي المهرجان أشركوا أعمالا للمؤلف جمال عبد الرحيم (1924-1988) وللمؤلف عزيز الشوان (1916-1995) ، وراجح داود من مواليد 1954 ، وكذلك طارق على حسن 1937 ، وعطية شرارة 1923 ، وكامل الرمالي 1922 - ربنا يديهم - ولا أعرف كيف يعتبر المهرجان هؤلاء الموسيقيين من الشباب؟!

وحضرت للأسف بعض حفلات المهرجان ، ولاحظت أن أسوأ هذه الأعمال هي التي قدمت للأساتذة الكبار ، حيث تجد أعمالهم أشبه بالموسيقى التصويرية في فيلم "عنتر بن شداد" أو أفلام "رحلة السندباد" وما شابه من الأفلام الأسطورية ، بالإضافة إلى الغناء العربي السيء بمشاركة الموسيقى الأوركسترالية والتوزيع الموسيقي الغربي الذي يعتمد على التداخل اللحني بين الأصوات مما يظهر مدى سوء العمل المقدم .

كما أظهر المهرجان مؤلفين من الشبان لديهم بالفعل القدرة على التأليف الموسيقي بالطريقة الغربية وبصورة تحترم ، ولكن ليست مثل أعمال موتسارت وبيتهوفن وباخ ، ولكنها تجارب تحتوي على أفكار من الممكن أن تتقبلها بعكس تجارب المؤلفين الذين ذكرناهم.

وبعد انتهاء المهرجان ، راودني سؤال آخر وهو : هل الأعمال الأوركسترالية الغربية من موسيقانا الشرقية؟ وهل يمكن المزج بين الغناء العربي والتوزيعات والآلات الغربية؟ وهل سيصبح هذا المزج مستساغا؟

الرد على السؤال جاء من خلال حضوري الحفلات التي تبين لي خلالها أن الأعمال التي يتم تأليفها على الطريقة الغربية دون المزج بينها وبين الأسلوب العربي ناجحة إلى حد كبير ، أما الأعمال التي يتم فيها هذا المزج الغريب ، فإنها تظهر بشكل هزلي ، وهذا أقل ما يقال عنها .

ومن الملاحظ أن دار الأوبرا المصرية لم تعد تحتفظ برونقها ولا قيمتها حالياً كما كان الحال سابقاً ، ويتضح ذلك من خلال تكرار نفس الأعمال الفنية لعدة مواسم دون تجديد ، وذلك على مدى خمس سنوات متتالية أحيانا ، ويضيع هذا الوقت في الاهتمام بمهرجانات ليست ذات قيمة أو أهمية ولا تضيف شيئا بل تنقص من قيمة الأوبرا التي أصبحت مهجورة ولا أعرف لصالح من ، بالإضافة إلى أن عملية إشراك عناصر جديدة في الفرق داخل الأوبرا تتم بصورة عشوائية ، فمعظمهم ليس لديه الخبرة الكافية للالتحاق بمكان من المفترض أن له أهميته الفنية مثل دار الأوبرا المصرية.

كل هذا في اعتقادي كان له تأثيره على اختفاء دور الأوبرا الأساسي ، وهو نشر الثقافة الفنية بين شعب مصر ، ولكن الأهواء الشخصية حالت دون ذلك.

وفي النهاية ، لا أعتقد أن الاهتمام بمثل هذه المهرجانات أو أن أيا من هؤلاء الموسيقيين بغض النظر عن جودة أعماله من عدمه سيصل إلى شهرة أصحاب هذه الموسيقى الحقيقيين مثل بيتهوفن أو باخ أو موتسارت مثلا ، وعلى العكس ، لن يستطيع أن يقدم موسيقانا الشرقيه أي من الموسيقين الغربيين.