يا تليفزيون ياااااااه (1)

تاريخ النشر: الأربعاء، 26 أكتوبر، 2011 | آخر تحديث: الأربعاء، 26 أكتوبر، 2011

بما إن والدتي كانت إحدى الأمهات العاملات زي كتير في مصر، فلم يكن لديها وقتا في الصباح لتربيتي فعليا، وأعتقد أنه بعد تفكير عميق فضلت عدم تركي لطنط آمال جارتنا -عشان عيالها كانوا أكبر مني وبيضربوني- وتركت مهمة تربيتي للتليفزيون المصري في الثمانينات وأوائل التسعينات.

قد يكون لدى أمي في هذا التوقيت نظرة، وهي "يعني هو التليفزيون في إيه... ما كلها برامج أطفال مفيدة"، ولكنها ربما لم تكن قد علمت أنها بهذا ارتكبت أكبر جريمة في حق مخ طفل عمره ست سنوات، وهي تسليمه -تسليم أهالي- إلى باقة متنوعة من "الأمهات والأبهات من المذيعين المسئولين عن تربية جيل بحاله"!

القائمة لا تقتصر على إسمين أو ثلاثة فقط، ولكن كل من الأبهات والأمهات -بقصد أو بدون- غيروا من ثقافة جيل في العشرينات والثلاثينات استطاع التمرد في النهاية... وعمل الثورة :)

قولي عروستي يا حبيبتي

تبدأ الحلقة بحوار بين ماما "سامية شرابي" ودباديبو، لدقائق، ولكن غير مسموح للأطفال بأي شكل الاختلاف مع ما سيرسى عليه الكلام في النهاية، وإلا فالنتيجة ستكون حرمانه من الظهور مرة أخرى مدى الحياة، ولعب "عروستي".

في الجزء الثاني من الحلقة، تجلس ماما لترتاح من "اللت والعجن" الذي كان في نصف الحلقة، لنستعد للجزء الثاني... أيوة بقى هنلعب عروستي... لتذهب بالميكروفون سامية شرابي ليدور الحوار كالآتي:

ماما سامية: إسمك إيه يا حبيبي

الطفل: أحمد حسن مصطفى إسماعيل

ماما سامية: طب قول عروستي بصوت عالي

الطفل (بصرخة): عروستيييييييي.

ثم يصعد أحد العمال مرتديا أي لبس فاضي لأي حيوان، وغالبا ما يكون نمر، ليقول (عاااااااو... حاجة من برة خضرا ومن جوة حمرا وبابا بياكلها وهو لابس الفانلة بعد الغدا)، وطبعا حذاري أن يجاوب أي طفل -حتى لو عارف الإجابة- على السؤال من أول مرة، لازم كله يعمل غبي، حتى تأخذ الفقرة وقتها وتكمل الحلقة على خير، ونقفل ونتكل على الله!

شاهد فيديو لعروستي



ماما نجوى

المذيعة والممثلة والمطربة المتألقة نجوى إبراهيم، كانت هي الوحيدة المسموح لها بأن "تصبح وتمسي" علينا مرتين أسبوعيا-متألقة بقى- بصحبة الضيف العزيز بقلظ.

وبغض النظر عن أن إسم بقلظ كان هو الدلع لأي طفل "بخدود" ووزنه زائد حبتين في تلك المرحلة، غير أنه كان الأحب وسط كل شخصيات العرائس التي ظهرت في التليفزيون عموما، بشهادة كل جيلي.

وبالرغم من انتقادنا لأسلوب إدارة الحوار بين نجوى إبراهيم وبقلظ، إلا أنها كانت أحب الأمهات إلى قلبي أنا شخصيا، لدرجة إني لما قابلتها من سنتين بالصدفة، قلتلها "وحشتيني يا ماما"!

شاهد حوار ساخن بين بقلظ وماما نجوى



الأب الأوحد

بالرغم من كون ماجد عبد العظيم -رحمه الله- واحد من أفضل مذيعي الأطفال في فترة السبعينات والثمانينات، ببرامجه التي كانت تتحدث عن أفكار بناءة يمكن الاستفادة منها فعليا وكذلك التشجيع على الابتكار، ولكن كلمة "بابا" قبل إسمه جعلته ينضم لكتيبة من المذيعين، برضه المسئولين عن تربيتنا، مما جعل نصائحه لنا كانت تبدو مثل جملة أبوك "سلم على عمتك كويس يا ولد"، وليست على طريقة صديق الوالد "اللطيف" لو عملت كدة يبقى أحسنلك.. وإنت حر".

شاهد لقطات من برنامج بابا ماجد



الأب الذي لم يلدني

ربما لصغر سني أو لحظي العثر، لم أكن من جيل كان الراديو هو وسيلته الوحيدة للتسلية، لأحرم من سماع صوت بابا شارو!!

ربما يكون نجاح الإذاعي محمد محمود شعبان أو كما اشتهر بابا شارو في الراديو هو الدافع لسبق أي إعلامي بعد ذلك إسمه بلقب "بابا أو ماما"، ولكن ما لا يعرفه البعض عن هذا الرائد العظيم أن تقديمه لبرامج الأطفال وحصوله على الأبوة جاء بالصدفة، وذلك بعد أن غاب أحد المقدمين فتم تكليفه بالحلقة وحدثت غلطة مطبعية فبدلا من كتابة بابا شعبان تم كتابة بابا شارو في الورق الذي يقرأه المذيع وبعد إذاعة الحلقة أحبه الناس والأطفال وتم تكليفه ببرنامج الأطفال بعد ذلك.

من لم يسمع بابا شارو بحكم السن، فهو على الأقل سيكون عرفه من الصورة الموسيقية الشهيرة "عيد ميلاد أبوالفصاد"، والتي ما زال الجميع يردد كلماتها (يلا حالا بالا بالا حيوا أبو الفصاد) في أغلب أعياد الميلاد حتى الآن.

استمع إلى عيد ميلاد أبو الفصاد (بابا شارو هو من يبدأ الكلام في الأوبريت)



سينما الأطفال... سينما

عندما طلب مني إبن أحد أصدقائي مشاهدة فيلم Toy story 3 سرحت بفكري قليلا لأتذكر ماما عفاف الهلاوي، التي علمتنا معنى "سينما الأطفال" كل يوم جمعة قبل الصلاة.

وبالرغم من محاولة التليفزيون المصري في أكثر من مناسبة إحياء البرنامج مرة أخرى، من خلال نفس أغنية التتر الشهيرة "سينما الأطفال سينما.. فيها حقيقة وفيها خيال"، إلا أن السينما أبت أن تعمل دون ماما عفاف!

الشاطر عمرو

هو لا يحتاج إلى شرح، وإلى وصف وتطويل، هو عبد المنعم مدبولي، زعيم الضحكة الحقيقي، ومن استطاع أن ينزع منا الضحكة في الطفولة والكبر على حد سواء، ولكن يبقى لقبه الأشهر عند كل طفل ثمانيني، بابا عبده، بعد أغنيته الشهيرة "الشاطر عمرو".

تلك الأغنية فقط لم تضحكني، ولكنها كانت سببا رئيسيا في حبي للأكل وجوعي الدائم بمجرد رؤية منظر البيض الملون "اللي يفتح النفس" في أغنية.

شاهد الشاطر عمرو لتحكم بنفسك



يا ولاد يا ولاد

مع إنها الوحيدة التي لم يسبق إسمها لقب ماما، إلا أنها هي الوحيدة التي كنت أشعر أنها "ماما بجد" (!)، فصوت أبلة فضيلة وحكاياتها في التاسعة صباحا يوميا -كنت أسمعها يوم الجمعة فقط وقت الدراسة- يشعرني بأنها أم بالفعل، وليست مجرد سيدة تحكي حواديت مملة عن تعلب مكار وفيل محتار!

ظللت سنوات الطفولة بأكملها أتخيل شكل صاحبة الصوت الذي يأتي عبر الإذاعة المصرية، إلا أني عندما كبرت ورأيتها وجدتها أكثر جمالا مما وصل إليه تفكيري، هي بالفعل أم لجميع الأجيال.

استمع إلى مقدمة برنامج الأطفال الأشهر



ملحوظة: سواء اتفقت أو اختلفت أنا وجيلي مع برامج الأطفال في الثمانينات والتسعينات وقلنا عليها، ساذجة أو مبهرة أو معقولة بمقاييس زماننا، إلا أني عندما وجدت بنت أحد جيراني تتكلم مثل دوبلاج الكارتون -من تأثير mbc3- وتقول لأمها "هل من مزيد من الحساء؟!".. حمدت الله أني تربيت في عهد القناة الأولى والثانية بكل أمهاتهم وأبهاتهم!!

يمكنكم التواصل مع الكاتب من خلال:

Facebook

Twitter