محمد عاشور
محمد عاشور تاريخ النشر: الأربعاء، 1 فبراير، 2006 | آخر تحديث: الأربعاء، 1 فبراير، 2006

زوربا .. رقصة الحياة ، ليس مجرد باليه يقدمه راقصون من شتى أنحاء العالم ، ويجسده حالياً فريق باليه أوبرا القاهرة على المسرح الكبير ، أو تلك الموسيقى الشهيرة التي ما إن تسمعها حتى تصفق يداك ، وتبدأ في الدرب بإيقاع فطري على الأرض ، وأنما هو قصة حياة حاكتها العوامل المنتجة للعرض ، والتي إن فتشنا فيها سنجد زوربا راقصاً فيها.

زوربا هو ذلك الرحالة اليوناني الذي يعيش الحياة في تنقل دائم ، بحثاً عن الحب ومعنى الحياة ، إلى أن يجد محبوبته هورتنس ، ولكن القدر لا يمهله الكثير من الوقت لتتركه حبيبته ليعود إلى صديقه جون ، الفتى الراقص والصديق الحقيقي ، والذي عاش نفس جرح زوربا بعدما تركته حبيبته مارينا هي الأخرى ، لكنه يتجاوز أحزانه ، ويعلم زوربا كيفية يغلب جرحه معه ، ويرقصا معاً رقصة الحياة ليبدءا رحلة جديدة.

زوربا خرج من عقل المؤلف الموسيقي الرحالة اليوناني ميكيس ثيوردوركس الذي عاش متنقلاً مثل بطله الخيالي ، ولد في جزيرة شيوس اليونانية عام 1925 ، وترعرع متنقلاً بين الجزر المحيطة بها ، وأسس في صباه كورال يشاركه حلمه الموسيقي ، وبينما كانت الحرب العالمية الثانية تعصف بالعالم ، انتقل هو في عام 1942 إلى "آثينا" لدراسة الموسيقى.

وعرف ثيوردوركس شهرته في باريس ، حينما ألتقى أساتذته أوليفرميسيان ويوجين يجوت عام 1954 ، وبدأت مؤلفاته للباليه تجد صداها في مسارح أوروبا ، مثل باليه "لودميلا تشيرينا" و"كونفنت جاردن" و"شتوتجارت" ، وقرر كذلك اليوناني الموسيقي ضرب عصا الحظ مع السينما ، فألف موسيقى عدداً من الأفلام للشاشة الفضية.

وفي عام 1960 يحن الرحالة الموسيقي إلى موطنه الأصلي ، ليعود ويؤسس أوركسترا أثينا السيمفوني ، ومجتمع بير للموسيقى ، وفي خط موازي كان ثيوردوركس يعيش تجربة أخرى في عالم السياسة ، بدأها مع فترة المد النازي ، وفي عام 1964 تم إنتخابه نائباً في البرلمان اليوناني ، وفي عام 1967 أعتقل في فترة حكم الديكتاتورية العسكرية باليونان.

إلا أن السجن الذي حبس السياسي ثيوردوركس ، أطلق سراح الفنان داخله ، ليكتب العديد من أعماله وهو في السجن ، وحينما عاش تجربة النفي لسنواتٍ أربع ، كرس سنواته في إقامة حفلات في الدول الديموقراطية ، إلى أن زال عهد الديكتاتورية في اليونان ليعود مرة أخرى إلى أثينا ، ليكمل حياته السياسية والفنية معاً.

الطريقة التي صاغ بها ثيوردوركس "زوربا" أصابت مصمم الرقصات لوركا ماسين بعدوى الترحال ، ليقدم رقصات ممزوجة بين الرقص الحديث والكلاسيكي والشعبي لتحاكي موسيقى الفيلم الأصلي وموسيقى اليونان التقليدية المعروفة بالبوذكي.

عرف باليه "زوربا" النور للمرة الأولى مع مهرجان كركالا الموسيقي في روما عام 1971 حينما شاهده 200 متفرج ، قبل أن يعود لنفس المهرجان بنفس النجاح عام 1998 ، كما حقق زوربا أعلى معدلات الحضور في تاريخ مسرح "أرينادي فيرونا" عند عرضه للمرة الأولى عام 1988.

طاف باليه "زوربا" مسارح 15 دولة ، شاهده خلالها 2 مليون متفرج ، حتى وصل إلى المسرح الكبير في دار الأوبرا المصرية في الزمالك ، لتقدمه فريق باليه أوبرا القاهرة ، والتي برع راقصوها في تجسيده ، إلى الحد الذي خطف الأنظار مع عرضه في مهرجان "شنغهاي" الصيني ، الذي شاركت فيه 32 دولة ، منهم فريق البولشوي الروسية.