بوكس "واقف بضهره"!

تاريخ النشر: الاثنين، 19 سبتمبر، 2011 | آخر تحديث: الاثنين، 19 سبتمبر، 2011

أوديون، ذلك الإسم الذي ما يسمعه أي شاب منحرف في فترة الثانوية، يطير قلبه من الفرحة، هي تلك السينما الواقعة في شارع جانبي من طلعت حرب، والتي شهدت أيام قد لا تخرج من دماغي "ولا بالطبل البلدي"!

لا يفوت يوما وأنا أمر من أمامها إلا وأقول في سري "يااااااه السينما دي خدت مننا أيام"... ذكريات من إعدادية لحد ما تخلص ثانوي، من أول مرحلة جيت لي، لحد ما توصل لـlord of the rings - (برنس الرنات) حسب ما ترجمها أحد الجالسين بجانبي أثناء مشاهدة الفيلم.

باختصار أوديون هي واحدة من أشهر دور العرض، التي كانت مقصدة لزوار سينما العاشرة صباحا من المزوغاتية أمثالي.

الذهاب إلى السينما صباحا لم يكن مجرد عادة في المرحلة الثانوية، ولكنها تمتد إلى شعور بالرجولة، فنزولك من البيت كأنك رايح المدرسة ثم تركب أتوبيس 900 لتحضر حصة كل يوم خميس 10 الصبح- مع أصدقاءك الذين تعرفهم أو لا تعرفهم- حاجة مش هيحسها إلا من قاده حظه أو مجموعه إلى الالتحاق بمعهد دودة القطن في النهاية.. هي حاجة كدة شبه لما تاكل الشوكولاتة بتاعة أخوك من الثلاجة قبل ما ياخد باله... هي كدة بالظبط.

المتعة لا تكمن في نوعية الأفلام، ولكنها كانت عبارة عن الشعور نفسه، فالطبيعي إنك تقابل صحابك في أي وقت عشان تشوفوا فيلم كذا، ولكن في حفلة 10 صباحا إنت نازل عشان تروح السينما وبس... وهناك ممكن تعمل حادي بادي وتختار براحتك.

لأ فرداني

لن أنسى تلك السيدة الثلاثينية ذات الشعر الأصفر والتي تجلس في شباك التذاكر وتسألني بنظرة خبيثة على مكاني المفضل للجلوس "هو إنتو لوحدكو ولا معاكو صحابكو؟"، لأرد عليها "والله كلنا رجالة"... فتحجزلي بالطبع في المنتصف.

الدخول إلى أي من قاعات أوديون كانت تذكرني بمشهد أحمد مظهر وهو يجسد الناصر صلاح الدين بعد فتح القدس، كأني قائد منتصر في معركة حربية، ولم لا، فانت كطالب ثانوي استطعت أن تحطم كل القيود وتهرب من المدرسة وتجمع ثمن التذكرة- غالبا من فلوس الدروس- ثم تنضم لموكب المزوغين، بينما الباقين الآن يكتفون بتدوين معادلات الكيمياء السخيفة.

الموضوع في المدرسة يختلف تماما عن الجامعة، فالأول هو الذي يعيش داخل أربعة حوائط هم الفصل والدروس الخصوصية والبيت وجملة "ذاكر يا ابني عشان تفلح الله يهديك- أو يهدك في أحيان أخرى- وبين الجامعي الذي هو "براحته أصلا طول الوقت وبيذاكر أخر شهر".

فكرة السينما الصباحية لا تقتصر على مجرد خروجك من السينما والرجوع للبيت فقط، ولكن تليها متعة أخرى، وهي "معايرة من لم يأت معك"، فيكفي الوقفة مع "الدحيحة" في اليوم التالي بعد صلاة الجمعة لتقول لهم بفخر "خليكو انتو كدة ذاكروا وصوروا ملازم.. فاتكو The last Samurai ده بجد وهمي"!!

لحد هنا والعملية ماشية كويسة، تزويغ يوم الخميس، تذهب إلى سينما أوديون، تأكل كبدة وسجق بعدها، ثم ترجع في ميعاد المدرس منهكا كأي طالب مجتهد، ولكن أن تفكر في "اللعب بديلك" وتذهب إلى سينما "علي بابا" في بولاق لتشاهد إنت وواحد صاحبك- مشيها واحد صاحبك- ثلاثة أفلام بأربعة جنيه منهم واحد تركي (غالبا بيبقى ترجمته الجسد الملتهب أيا كان إسمه الأصلي) فذلك سيقودك في النهاية إلى أن تركب "بوكس واقف بضهره"، منتظر سيادتك عند باب الخروج، قبل أن يأتي والدك ليضمنك من قسم الأزبكية- زي الباشا- وترى منه علقة ظلت علاماتها موجودة حتى كتابة هذا المقال.

ملحوظة: اللي شايف إن المقال ده بيحرض الطلاب على الفساد وتجربة حفلة 10 الصبح... فأنا قصدي كدة فعلا :)