"ماسونية" حمزاوي و"يهودية" بسمة

تاريخ النشر: الخميس، 18 أغسطس، 2011 | آخر تحديث: الخميس، 18 أغسطس، 2011

لعل أبشع ما يواجهه الإنسان في حياته أن يرى ويسمع يوميا هجوما على حياته الشخصية دون أن يستطيع أخذ خطوة مضادة، ولكن ما أجمل أن تكون قادرا على الرد بشكل رائع.

وأتحدث هنا عما تردد بكثرة خلال الأسبوعين الماضيين عن علاقة الناشط السياسي الدكتور عمرو حمزاوي بالفنانة بسمة، والتي أعلن عنها صراحة حمزاوي في مقال نشره بصحيفة "الشروق" صباح اليوم الخميس.

وقد جاء الرد من الباحث السياسي وأستاذ العلوم السياسية الشهير، بشكل جيد للغاية، انطلاقا من قوة الرد في مواجهة كم الشائعات واللغط الذي تناولته الصحافة باختلاف صفحاتها عن علاقته ببسمة، والذي تم بأسلوب سيء للغاية.

وهنا نحن بصدد التحدث عن صحافة تدخلت فيما لا يخصها على الإطلاق، وصحفيين وضعوا نفسهم في المسافة الموجودة بين طرفي الموضوع، وقاموا بسكب الاتهامات تارة هنا وأخرى هناك، وأعطوا لنفسهم الحق في التحدث عما رفض كل من الطرفين التحدث فيه.

علاقة عمرو حمزاوي وبسمة مرت بها أغلب العناصر القبيحة للإعلام، سواء بصفحات سياسية أو فنية، أو حتى الحوادث، من الجزم بوجود شيء ما بينهما في وقت لم يكن يرغب فيه كل منهما التحدث، مرورا بمقالات تُحذر كل منهما من الارتباط بالآخر، فذلك سياسي تدور عليه شائعات مختلفة، والأخرى ممثلة لا يصح لسياسي أن يرتبط بها، وهو أسلوب "حماوات" لا صحفيين!

وانتهاء باستغلال حادث السرقة الذي وقع للاثنين الأسبوع الماضي، وسرد قصص خيالية عن اختطاف بسمة، والتركيز على تواجدهما معا في سيارة بالثانية فجرا، وإغفال أن ذلك التوقيت يسبق آذان الفجر بساعة وأربعون دقيقة، وأنهما كانا في طريقهما لحضور حفل سحور يقيمه حزب "مصر الحرية"، وحمزاوي هو أحد مؤسسيه، وبسمة إحدى عضواته.

أعلم جيدا أنه لا خصومة بين الإعلام وبين بسمة وحمزاوي، ولكنها "شهوة" السبق الصحفي الذي قد يطعن آخرين.

وعلى سبيل المثال ليس أكثر، نحن هنا في موقع FilFan.com عندما رأينا الأخبار تنتشر عن تعرض دكتور عمرو حمزاوي وبسمة لحادث سرقة، وأن الأخيرة تم اختطافها، لم نلهث وراء سرعة نشر الخبر، وحرصنا على التأكد منه، ثم نشره بتفاصيله الصحيحة.

وبالتأكيد سيتعرض كل من حمزاوي وبسمة لهجوم شديد، وسيتم اتهامهما بالكذب لنفي تلك العلاقة سابقا، دون مراعاة أنه من حقهما إخفاء ذلك لفترة هما فقط من يقوما بتحديدها، ولا لأحد أن يعطي نفسه ذلك الحق.
كما سيُزيد الاعتراف بالعلاقة من الهجوم على حمزاوي وبسمة، باعتبارهما في الأصل يتعرضان لهجوم عنيف لأسباب عدة، تختلف في عناصرها، وتتفق في أسلوبها.

ستتم إضافة تهمة جديدة لحمزاوي، ولكنه بالتأكيد سيستقبلها بمنتهى الهدوء ويضعها جانبا إلى اتهامات العلمانية والماسونية و"ركوب الثورة"، فهو يعلم جيدا أنه ليس ذنبه من لا يعلم التعريف الصحيح للعلمانية، أو يتحدث عن الماسونية بعد أن شاهد لقاءا لأحمد سبايدر، أو من لم يقرأ مقالاته قبل الثورة، وبدأت علاقته بالسياسية بعد 28 يناير.

سيتعرض الرجل أيضا لهجوم لكتابة مثل هذا المقال في مساحة من المفترض أن يتم التحدث خلالها عن القضايا الملتهبة التي تمر بها مصر، ولكنه بالتأكيد سيتعامل معها بشكل طبيعي، باعتبار أن آراءه التي يكشف عنها في هذه القضايا تنال أيضا النقد والهجوم!

وهنا يغفل مهاجموه أن الناشط السياسي لم يكتب هذا لأنه يريد ذلك، بل لأنه انتظر طويلا ليصمت من يتحدثون عن شأنه الخاص، ولكنهم لم يفعلوا، فكان الرد واجبا.

أيضا بسمة ليست هي المرة الأولى التي تتعرض لهجوم، ولكني أعتقد أنها لن تبالي، وستتعامل مثلما تعاملت مع من تحدث عن يهوديتها وجدها اليهودي، دون أن يعلم أعداد اليهود في مصر أوائل ومنتصف القرن الماضي، أو الاختلاف بين "اليهودية" و"الصهيونية".

ومن هنا يأتي رد الدكتور عمرو حمزاوي جيدا إلى حد كبير، فبالإضافة للأسلوب الجديد في أن يصرح شخصية عامة بحبه لشخصية أخرى شهيرة في مقال صحفي، فأنه أيضا حمل ردا مفصلا على كل الأسئلة التي سألها المتابعين في الفترة الماضية، وحمل أيضا ردا على الأسئلة المستقبلية التي قد تُطرح.

لست هنا أتحدث عن "عمل بطولي" مثلا، ولكن البعض يقف عاجزا أمام ما يقال عنه، لا يعرف كيف يرد، أو يفقد صوابه حينما يرد، لذلك يأتي الرد السابق كنموذج جيد.

القضية ليست قضية أشخاص يتحدثون عن علاقة رجل بإمرأه، ولكنه أسلوب محترم لابد أن يسيطر على الإعلام حينما يتعامل مع موضوع شخصي، وأولوية احترام رغبات الأخرين، والإلتزام بذلك دائما.

للتواصل على Facebook

وعلى Twitter

ناقشني على msaleh@sarmady.net