لماذا لم يرفع شعب المعادي قضية ضد "ويجا"؟!

تاريخ النشر: الخميس، 26 يناير، 2006 | آخر تحديث: الخميس، 26 يناير، 2006

مع كل فيلم جاد يناقش قضية مختلفة عن النوعية "الإسكتشية" التي تقدم الآن وتربح دائماً تجد من يهاجمه بكلام جاهز من نوعية "الإساءة لمصر والمصريين" ، وإذا لم تتوافر هذه التهمة فلا مشكلة ، فيمكن أن يكون مسيئأً للإسلام ، وإذا طبق العارفون ببواطن الأمور هذه النظريات فلن ينجو فيلم واحد من اتهامات الكفر والخيانة!

ولا أفهم ما هي مظاهر الإساءة للإسلام في فيلم تقوم بطلته غير المحجبة بارتداء الحجاب لتسهل دخولها إلى بيت شاب من دون أن يشك فيها أحد ، فهل وجود فتاة تقوم بمثل هذه الممارسات يعني الإساءة للدين أو حتى للزي كما زعموا؟ ثم أليس هذا واقعا نعيشه من الازدواج والكبت والانفصام والتعميم أيضاً؟

كل هذه الضجة تجاه مشهد قدمه المخرج خالد يوسف في فيلمه الأخير "ويجا" ، فهل أصبحت الدراما تقاس بالمشهد الواحد كما اعتدنا بسبب أفلام الاسكتشات؟ وهل من المنطقي أن نقيم كل ما تقدمه السينما على أساس ديني أخلاقي؟ ثم من الأصل ، الفيلم لم يقدم أي صورة سيئة عن المحجبات.

يذكرني ما يحدث الآن بما كنا ندرسه في المنطق أن شخصاً دخل مدينة فسرقه أحد اللصوص فعاد إلى أهله وهو يلعن هذه المدينة ويصفها أنها مدينة "حرامية" ، فهذا ما رآه الشيوخ فيما قدمه خالد يوسف ، فوجود نموذج سيء يعني عندهم الإهانة العامة رغم أن هذا ليس له أي علاقة بالمنطق ولا يعني انعدام وجود نماذج أخرى.

والمخرج أظهر بشكل لائق أنه لابد من تغيير النظرة التي تلقي قدسية على الفتاة المحجبة وكأنها لا تخطيء وينظر إلى غير المحجبة نظرة دونية وكأنها سبب فسوق الأرض ، فليست كل محجبة هابطة من السماء ، ولا كل غير المحجبات كانت زميلة دراسة لإبليس!

أريد أن أعود إلى قضيتي الوهمية ، فأنا أناشد كل سكان منطقة المعادي رفع دعوى قضائية ضد نفس الفيلم محل الجدل لأنه يحوي إهانة واضحة لسكان الحي الهاديء ، إذ تقول بطلة الفيلم هند صبري لصديقها وهما على باب شقتها "مالك خايف كده ليه يابني؟ إحنا في المعادي مش في القلعة"!

وأنا مستعد للوقوف بجانب أبناء المعادي في دعواهم ، لأن في هذه العبارة إهانة لكل من يقطن المعادي .. "مش با قول لكم ما فيش منطق"؟!
يا جماعة هو "دنيا" يسيء لمصر ، و"الحياة منتهى اللذة" يحفز على الاكتئاب ، و"ويجا" يسيء للإسلام ، و"ليلة سقوط بغداد" فيه إيحاءات جنسية ، فلماذا لم تشاهدوا "بوحة" الذي يخلو – والحمد لله - من كل هذه الاتهامات بالتأكيد!

ملحوظة : كل هذه الاتهامات كانت لأفلام هذا الموسم فقط ، ولم أرجع إلى أمثلة سابقة لأنها غير قابلة للإحصاء أو العد ، فهي كثيرة جداً.

لا أعتقد أن الإسلام دين هش إلى درجة أن مشهدا في فيلم لم يناقش الدين من الأساس يسيء إليه ، ولا أعتقد بأن مصر بلا أهمية حتى يسيء لها فيلم يناقش الواقع ، أنتم من تسيئون إلى مصر والإسلام بالتشدد والاتهامات الدائمة ، فأرجوكم .. كونوا أكثر سعة للرأي الآخر الذي يحمل نقداً طالما ظل بعيدا عن الإساءة.