أحمد سعيد
أحمد سعيد تاريخ النشر: الخميس، 26 مايو، 2011 | آخر تحديث: الخميس، 26 مايو، 2011
علاء وردي

استمرت محاولات FilFan.com لترتيب مقابلة مع علاء وردي عبر الهاتف نحو أربعة أيام بلا نتيجة، قبل النجاح أخيرا في الوصول إلى الرجل الذي قلب مؤشرات موقع Youtube رأسا على عقب خلال الأيام القليلة الماضية.

ولم تكن صعوبة الوصول إلى الشاب البالغ من العمر 24 عاما هي ما يؤخر المقابلة، بل كانت المفارقة تكمن في أن سهولة الاتصال به مع الانتشار الضخم وغير المتوقع الذي حظى به بدءا من 17 مايو الجاري، جعلته هدفا لكثير من اتصالات ورسائل معجبين لم يتخيل أبدا تهافتهم عليه.

ووفقا لما نشر على المدونة الرسمية لـYoutube، فإن الفيديو الذي يظهر وردي يؤدي أغنية نانسي عجرم "فيه حاجات"، قلب مؤشرات الموقع، وكان الأكثر انتشارا من حيث المشاهدة وعدد مرات الإرسال للأصدقاء في مصر والأردن والسعودية، إذ لم يكتف بالغناء ولكنه قدم جميع أصوات الآلات الموسيقية والمؤثرات الصوتية باستخدام صوته وأجزاء من جسده فقط، فيما يعرف بفن Acapella.

"لم أتوقع أبدا ما يحدث لي الآن، لن تتخيل كم الاتصالات التي جاءتني والرسائل التي بعثها الناس لي خلال الأيام القليلة الماضية" .. هكذا بدأ وردي حديثه مع FilFan.com عبر الهاتف من العاصمة السعودية الرياض، بعدما اعتذر عن تأخر إجراء المقابلة التي تم الاتفاق عليها عبر الإيميل.

وتابع وسط ضحكات تخللت كلماته عبر المكالمة التي استمرت قرابة نصف ساعة "لم أكن معروفا قبل أسبوع، ولكن الآن صار هناك أكثر من 6000 معجب على صفحة Facebook الخاصة بي، كما لم يعد بإمكاني قبول طلبات صداقة جديدة بسبب الوصول إلى الحد الأقصى، حتى تليفوني لم يتوقف عن الرنين لأنني كنت أضع الرقم على صفحتي، ما جعلني أتلقى مكالمات من دول مختلفة".

وبدأ وردي نشاطه رسميا عبر Youtube من خلال تحميل أغنية "معقول" التي كتب كلماتها، ولحنها، ووزعها بنفسه، قبل أن يسجلها بطريقته المميزة، وتم مشاهدتها نحو 50 ألف مرة في يومين فقط.

ويقول وردي "نشرت أغنية فيه حاجات بعدها بيومين، وتوقعت أنا وأخي أن تصل نسبة المشاهدة هذه المرة إلى 70 ألفا أو أكثر قليلا، وذلك كون الأغنية ناجحة بالفعل ومعروفة لدى الناس".

إلا أن توقعات وردي وأخيه لم تكن دقيقة، إذ اقترب عدد مشاهدات الأغنية منذ تحميلها في يوم 17 مايو حتى منتصف ليلة 25 من الشهر نفسه نحو 400 ألف مرة، ورفعت أيضا مشاهدات أغنية "معقول" لتصل إلى نحو ربع مليون مرة.

شاهد وردي يغني أغنية "معقول"




بطاقة تعريف

وردي شاب إيراني، ولد ونشأ مع عائلته في السعودية وقضى فيها فترة مراهقته قبل الانتقال إلى الأردن للحصول على درجة جامعية في الموسيقى، تبعها بالحصول على درجة أخرى في هندسة الصوت.

بدأ عمله الفعلي من خلال إنشاء فريق موسيقي مصغر بالأردن، يضم اثنين من زملائه يعزف محمد إدري على الجيتار الإلكتروني ويتولى حكم أبو سعود الدرامز، فيما يقوم وردي نفسه "بكل شئ أخر" مثلما يقدم الفريق على صفحته الخاصة.

عاد بعدها وردي إلى السعودية، وحاول التقدم بطلب للحصول على تأشيرة دخول كندا لاستكمال دراسته هناك، ولكن تم رفضه مرتين، لينقل محاولاته إلى العودة للأردن مجددا، وهو ما فشل فيه أيضا بسبب التأشيرة لسبب غير معلوم!

وفي هذه الأثناء كان وردي يمر بحالة نفسية سيئة بسبب فشله في السفر أو استئناف الدراسة والعمل، ما دعاه إلى كتابة وتسجيل أولى الأغنيات التي حملها على Youtube في مارس 2010 والتي لم تلق اهتماما حينها، وإن ظهرت على السطح الآن، وهي بعنوان "قرفان في السعودية".

وتحكي الأغنية عن مدى إحباطه وملله من البقاء في الرياض بلا موسيقى أو نشاطات أو أصدقاء، ويروي حكايته مع رفض التأشيرة، كما يطلب من أصدقائه في النهاية إنقاذه من هذا الملل.

ويتذكر وردي هذه الأغنية وما أحدثته من رد فعل حاليا بقوله: "هناك من غضب منها، وقالوا أنني عشت بالسعودية، وتعلمت فيها، وأخذت من خيرها والآن أطلق أغنية مسيئة لها ولكنني لم أقصد هذا الأمر على الإطلاق".

وفسر "قضيت سبعة أشهر بلا أي أمل، كما لا توجد فرص للعمل في السعودية كما هي الحال بالأردن، وهو ما دعاني لكتابة وتقديم هذه الأغنية كنوع من التنفيس عن مشاعري، ولكنني أحب الرياض لأنني نشأت وأعيش فيها منذ صغري".


شاهد وردي يغني أغنية "قرفان بالسعودية"




"فيه حاجات"

غضب بعضهم من "قرفان في السعودية" لم يؤثر سلبا على نجاح "فيه حاجات"، التي احتاجت من وردي نحو أسبوع من العمل لإخراجها بالشكل الذي أبهر المتابعين العرب.

ويوضح وردي "عمليات المونتاج وميكساج الصوت تأخذ الوقت الأكبر من إنتاج الأغنية، ولكن تسجيل أصوات الآلات المختلفة وأداء الأغنية نفسه لم يستغرق أكثر من يومين ... والأمر نفسه ينطبق على أغنية معقول".

واختار وردي أغنية "فيه حاجات" لأنه شعر بأنها قريبة من طبيعته الهادئة، إضافة إلى أن توزيعها يحمل شيئا من الموسيقى الإلكترونية التي رأى أنها ستظهر بشكل جيد في حال تقديمها بأسلوبه الخاص، حتى أن بعضهم أشار إلى أنه أداها أفضل من نانسي عجرم نفسها.

ولكنه يرد ضاحكا "بالطبع لا، لم تكن أفضل من الأغنية الأصلية، ولكن يمكننا القول بأنها كانت طريقة جديدة تماما، ولها مذاق مختلف، أتمنى أن تكون نانسي استمعت إليها، وأن ترسل لي برأيها فيما قدمته".


شاهد وردي يغني أغنية "فيه حاجات"




ويعمل وردي الآن على بلورة أفكار أخرى سواء لأداء أغنيات مشهورة بطريقته الخاصة، أو تقديم أغنية جديدة خاصة به تماما بدءا من الكلمات والألحان حتى التوزيع، والعزف على آلاته البشرية الخاصة، والغناء.

وأضاف "غالبا أغنيتي الجديدة ستكون إعادة تقديم لأحد الأعمال المشهورة، لم أستقر عليها بعد ولكنني أنوي تقديم أغنية جديدة كل شهر تقريبا في الفترة المقبلة".

وتأثر وردي كثيرا بالمغني الأمريكي ذي الأصول الإفريقية بوبي مكفيرين صاحب أغنية Don't worry, Be happy الشهيرة، وهو المعروف عنه قدرته على أداء أصوات الآلات الموسيقية، بل والانتقال في لحظة من أكثر الطبقات الصوتية عمقا إلى أعلاها نبرة.

الغناء بمصر؟

ويقول وردي: "مكفيرين فنان معجزة، وقد لا يتكرر أبدا وجود أحد مثله، وكنت أفكر دائما لماذا لا يجد فن أكابيلا اهتماما في العالم العربي مثل الذي يحظى به في الغرب، وفكرت أن أستلهم هذا الاتجاه وأن أركز عملي عليه".

فيديو "فيه حاجات" لقى صدى واسعا في العالم العربي بالفعل، ولكن الصدى الذي حدث في مصر، كان غير متوقع بالنسبة لوردي نهائيا، خاصة مع المزاج الثوري المشتعل في نفوس الشباب، وهم النسبة الأكبر من مستخدمي Facebook في مصر.

ويوضح وردي "لم أتخيل أن أحظى بمثل هذه الشعبية في مصر، آخر شئ كان من الممكن أن يخطر على بالي، وأنا حقيقة مبهور باهتمام المصريين".

وصمت وردي قليلا حينما طُرح سؤال حول مدى رغبته في الغناء في مصر، حتى أنه ردد وكأنه يفكر بصوت عال" الغناء بمصر؟" قبل أن يستدرك "بالطبع أريد ذلك".

ويوضح "حاليا لا يتم منح تأشيرات للإيرانيين لدخول مصر، وأتمنى أن يتغير هذا الأمر بعد الثورة المصرية وفي ظل التقارب الحالي بين البلدين".

ولكن الغناء في حفلات مباشرة ليس على رأس قائمة أولويات وردي في هذه المرحلة، إذ وضع نصب عينيه مزيد من الإنتاج للإنترنت والانتشار عبره.

ويقول وردي: "اتفقت مع شركة أردنية كي تتولى شؤون قناة Youtube الخاصة بي، من حيث التنظيم والانتشار والتسويق، وأنوي طرح أغنية جديدة كل شهر من خلالها، إضافة إلى شراء كاميرا جديدة لتطوير تصوير الأغاني، خاصة وأن لدي أفكار جديدة كثيرة ستضحكم وقد تبكيكم أيضا في المستقبل".

إلا أنه شدد بقوة على أن التواصل عبر Facebook لن ينتقل إلى شركة أو مدير أعمال "لأن هذا الجمهور الذي يحرص على مخاطبتي شخصيا، يستحق مني أن أرد عليه شخصيا أيضا، حتى وإن كانت الأعداد أكبر مما كنت أتخيل".