جيشنا العزيز...لقد نفذ رصيدكم

تاريخ النشر: الأحد، 3 أبريل، 2011 | آخر تحديث: الأحد، 3 أبريل، 2011
خالد دياب

في الحديث عن الجيش، يجب الفصل بين الجيش كمؤسسة عسكرية دورها حماية الوطن وهي لا غبار عليها، وبين الجيش كمؤسسة قائمة بالدور السياسي في مرحلة انتقالية لدولة وهو دور يأخذ منه ويرد.

كنت في التحرير يوم جمعة إنقاذ الثورة، وكان الشعور السائد ويعرفه كل من هناك هو السخط العام علي المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وتم بدأ المحاسبة الشعبية لمبارك بلجنة قضائية يرأسها المستشار محمود الخضيري، علي أن يتم الحكم عليه بعد أسبوع إذا لم يحضر الأسبوع المقبل للدفاع عن نفسه، ثم سمعنا لعدة مرات في الميكرفون العام من عدة متحدثين أنه إن لم تتم محاسبة مبارك من قبل المجلس الأعلى هذا الأسبوع، فستكون الشعارات الأسبوع المقبل هي الشعب يريد إسقاط المشير.

وبغض النظر عن اتفاقي أو اختلافي مع هذا الشعار، لكني لم أقرأ سخط المتظاهرين من المجلس الأعلى في أية صحيفة اليوم، علما بأني اشتريت الشروق والمصري اليوم والدستور، مما يعني أننا مازلنا في عصر الخطوط الحمراء، حيث أنه ليس فقط لا يمكن للصحافة مهاجمة المجلس الأعلى بل ولا تستطيع أيضا نقل حدث وقع فعلا عيانا في التحرير.


قرأت الإعلان الدستوري الذي كان بمثابة مفاجأة، فبه ٥٣ مادة مضافة إلى التسعة مواد التي تم الاستفتاء عليها، وإذا كانت تلك المواد المضافة لا تنتمي إلى دستور ٧١، فهي ديكتاتوريه من المجلس العسكري، لأن الدستور ليس أوامر عسكرية ويجب أن يكون نتاج حوار وطني، وهذا الاسلوب مرفوض تماما، أما إذا كان رد المجلس العسكري أن تلك المواد ليست من اختراعهم بل هي من دستور ٧١، فهنا يجب أن نواجهم بأنهم قالو سابقا إن دستور ٧١ قد مات، مما يعني أنهم يقولون ما لا يفعلون.

في نهاية الأمر النتيجة كانت أن الاستفتاء لم يكن له أي وظيفة طالما المجلس العسكري أضاف ٥٣ بدون رأي الشعب.

إذا تكلفة الاستفتاء التي تخطت المائتين مليون يجب أن يحاسب عليها المجلس الأعلى الذي أهدرها بدون أي داع، وهذا ما صدق عليه كل المحللين الذين تعجبوا من فعلة المجلس الأعلى.

سمعنا مداخلة تليفونية للواء ممدوح شاهين مع يسري فودة والدكتور حسام عيسي والدكتور جمال زهران والدكتور حسن نافعة علي قناة "أو تي في"، وكانت المكالمة عنيفة من سيادة اللواء، لأن الضيوف ينتقدون الإعلان الدستوري، بل خرج علينا اللواء بفكرة المن بطريقة "إحنا أحسن من غيرنا مشوفتوش ليبيا بيحصل فيها ايه"؟... وهنا لنا وقفه فأي أسلوب فوقي يذكرنا بأسلوب النظام السابق بطريقة "أنتو تحمدوا ربنا"... هو اسلوب مرفوض تماما ولا يبشر بالخير من جهة من يستخدم هذا الاسلوب، ولم يرد يسري فودة لأن هناك خطوط حمراء تمنعه من الحديث مع اللواء ممدوح شاهين بموضوعية مع انه يعلم تماما صحة ما قاله ضيوفه.

ما حدث في ماتش الزمالك من تعدي لو غضينا البصر عن نظرية المؤامرة، فسنجد أن مسئوليته تقع علي المجلس الأعلى للقوات المسلحة التي لم تؤمن الاستاد بقوات من الجيش إلا بعد حدوث الكارثة، بالرغم من أن وجود قوات من الجيش في الاستاد كانت كافية لإرساء الأمن هناك.


المجلس الأعلى في كل أحاديثه يؤكد مرارا وتكرار على أنه يحاول جاهدا نقل السلطة للمدنين، لأن المسئولية عليه كبيرة في حفظ الأمن الداخلي والخارجي معا في نفس الوقت، لكن هذه هي الأقوال لكن ماذا عن الأفعال ؟؟.

كل الأفعال تقول أن المجلس الأعلى يريد البقاء....فنعم في الاستفتاء كان تعني انتخابات برلمانية بعد شهرين، ثم أجلت حتى شهر سبتمبر، كما أنه إذا فاض بهم الكيل، كما يقولون، فنحن نريد إراحتهم بفكرة المجلس الرئاسي، والتي يمكن تنفيذها، وبها يرجع الجيش لثكناته، لكن المجلس الأعلى لا يوافق عليها مستندا لأسباب واهية مثل عدم وجود آليات لاختيار مجلس رئاسي مع أن ذلك له خمسون حلا.


عندما تقرأ المادة ٥٦ التي تعطي صلاحيات مطلقة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة بداية من سيطرته علي مجلس الوزراء والشرطة والقضاء والإعلام وغيره، تدرك أننا لسنا علي الطريق الصحيح نحو الديمقراطية.

اعلم أنه سيخرج من ينادي أن تلك الصلاحيات ستنتهي بعد انتخاب الرئيس، وأقول له هذه هي الكارثة، لأن الصلاحيات ستنتهي بعد انتخاب الرئيس الذي قد يكرس صاحب السلطة كل سلطاته ليرجح مرشحا بعينه عن غيره....والدليل هو إجابة سؤالي الأتي.... هل وقف المجلس الأعلى محايدا في الاستفتاء أم كان يؤيد وجهة نظر معينه سواء كنت معها أو ضدها وروج لها وأثر بإعلامه الحكومي علي رأي الشعب وأثر على العامة بإتاحته للمساجد بالترويج لفكره؟؟

إذا المجلس الأعلى لم يكمن محايدا في الاستفتاء فهل تتوقع أن يقف محايدا في الانتخابات البرلمانية وانتخابات مجلس الشعب ؟؟

وأقول أن جهة تتحكم في القضاء والشرطة والإعلام يمكن أن توجه الناس إلى اختيار رئيس معين من خلال الصناديق لأي غرض أيا كان !! وذلك في معركة غير عادلة كما كان الاستفتاء.

الجهة التي تملك الإعلام يمكن أن تشوه مرشح رئاسي ما، وتجعل مرشحا رئاسيا آخرا بطلا، ويمكنها في ظل عدم استقلال القضاء والذي لا ندري ما الذي يحول دون استقلاله أن يستصدروا الأحكام القضائية التي تحقق مآربهم، عن طريق قضاه تابعين وهم موجودين وعن طريق المحافظين والمجالس المحلية، يمكنها استجلاب البلطجية الذين اثبتوا تواجدهم حتى الآن كما رأينا في ماتش الزمالك والذي يلعبون دورا محوريا في أية انتخابات، كما يمكنهم استخدام الشرطة علي الأقل لغض البصر عن كل ما يحدث

هل من الصواب ترك كل هذه الصلاحيات في يد جهة واحدة؟؟ جهة يمكن أن تختار هي البرلمان عن طريق سلطاتها ويمكن أيضا أن تختار الرئيس بنفس السلطات؟؟

إذا كنت مخطئا فأتمنى أن يعطني شخصا جواب عليا، لماذا لم تتخذ خطوات جذرية للإصلاح وهي قرارات تأخذ بجرة قلم مثل استقلال القضاء؟، ولماذا لم يتغير الإعلام تغيرا حقيقيا وليس صوريا كما يحدث؟، لماذا لا يتم استقلال الأزهر وتقويته ليقف أمام التيارات المتشددة التي أرعبتنا جميعا ؟؟

هل أنا عبقري أم أن وجود تلك التيارات المتشددة فيها مصلحة، فيجب تركها لأنها يسهل توجيهها في بعض الحالات أو استغلالها كفزاعة في حالات أخرى....لماذا لم يتم تغيير المحافظين التابعين للنظام الفاسد، وماذا عن المحليات التي تقوم بالاتفاق مع البلطجية.


السادة المجلس الأعلى أنتم تسيئون إدارة المرحلة الانتقالية من الناحية السياسية وحولكم مائة استفهام نتيجة التباطأ الشديد في إنهاء محاكمة الكبار واسترجاع الثروات المنهوبة، ونرجو ألا يسوء الأمر أكثر من ذلك.

السادة المجلس الأعلى نعلم أن هناك انقسام بينكم، فبينكم من ينتمي قلبا وقالبا للنظام القديم، وبينكم من يتبنى الثورة، وندعو الله أن ينتصر من بينكم من يتبنى الثورة لينتصر للشعب المصري...وتحيا مصر.